ديانات وثقافات

نبذة تعريفية عن”الوطن” و”المواطنة”

2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الوطن المواطنة ديانات وثقافات المخطوطات والكتب النادرة

الوَطَنُ هُوَ مَكانُ إِقامَةِ الإِنْسانِ وَمَقَرَّهُ، وإِلَيْهِ انْتِماؤُهُ اسْتَقَرَّ فيهِ واتَّخَذَهُ مَوْطِناً، بَلَدُ الآباءِ والأَجْدادِ.

ودَوْلَتُنا هي أُسْرَتُنا الكَبيرَةُ، هيَ وَطَنُنَا الغَالي، أَرْضُنا الطَّيبةُ الَّتي نحبُّها ونَنْتَمي إلّيْها ونَفْدِيها بِأَرْواحِنا، كَمَا فَعَل آباؤُنا وأَجْدادُنا عَلَى مَرِّ السِّنينَ لِكَيْ يَعْمرُوها، ويَتَمَتَّعْوا بخَّيْراتِها مِنْ أجلِ أَنْ نَفْخَرَ بِها وبِتاريخِها وتُراثِها.

وَطَنُ الأَجْدادِ والأَهْلِ والأَقارِبِ والأَحْبابِ، وَطَنُ المَاضِي والحَاضِرِ والمُسْتَقْبَلِ الَّذي نُضَحِّي مِنْ أَجْلِهِ بِكُلِّ غالٍ ونَفيسٍ، يَقْوَى ويَسْتَمِرُّ ويَنْهَضُ بِتَعاوُنِنا وتآخيِنَا ومَحَبَّتِنا ويَضْعُفُ ويَتَضَاءَلُ بِفُرْقَتِنا وتَرَاخِينا.

 

والمُوَاطَنَةُ تَعْني الانْتِماءَ إلى وَطَنٍ ما وإلى شَعْبٍ (سُكانٍ) يَقْطُنُ هَذا الوَطَنَ، فالمُواطِنونَ هُمْ أَفْرادُ الشَّعْب الَّذي يعيشُ في ظِلِّ هذِهِ الدَّوْلَةِ، ويَحْمِلونَ جِنْسِيَتَها، ويَتَمَتَّعُونَ بِكافَّةِ الحُقوقِ والواجِباتِ المَكْفولةِ داخِلَ نِطاقِها.

أَيْ أنَّ الوَطَنَ هوَ البيئَةُ الَّتي تَنْمُو فيها شَجَرَةُ المُواطَنَةِ. وبذلكَ تَكونُ «المُواطَنَة» صِفَةً لِأَبْناءِ الوَطَنِ تَعْني في صُورَتِها العَامَّةِ حُبَّ الإنسانِ لِوَطَنِهِ وارْتِباطَهُ وشُعورَهُ بالوَلاءِ نَحْوَهُ.

وهُناكَ العَديدُ مِنَ الأَمْثِلَةِ الَّتي تُظْهِرُ العَلاقَةَ المُتبادَلَةَ بَيْنَ حُقوقِ الفَرْدِ وواجباتِهِ أَوْ مَسْئولِياتِهِ في المُجْتَمَعِ. 

 

فَنَحْنُ نَحْتَرِمُ القَانونَ (واجِبٌ) ونَنْعَمُ بحِمايَةِ القانونِ لَنا (حَقٌ)، نَلْتَزِمُ دَفْعَ فَواتيرِ الكَهْرَباءِ والمَاءِ، ونَنْعَمُ بتوفيرِ الخِدْماتِ لَنا. 

ونَحْظَى بِحَقِّ التَّعليمِ لِنُشارِكَ في مَسيرَةِ البِناءِ والنُّهُوضِ لِوَطنِنَا. فالحُقوقُ تَفْرِضُ واجباتٍ، وعَدَمُ القِيامِ بالواجِباتِ، يَعْني الإِساءَةَ إلى الحُقوقِ، فالمُواطَنَةُ هِيَ مُمَارَسَةُ الحُقوقِ والواجِباتِ معاً.

ويُعْتَبَرُ وَعْيُ الإِنسانِ بأنَّهُ مُواطِنٌ في بِلادِهِ، وليسَ مُجَرَّدِ مُقيمٍ، نُقْطَةَ البَدْءٍ في صِفَةٍ المُواطَنَةِ، فَعَلَى أَساسِ هذهِ المُشارَكَةِ يَكونُ الانْتِماءُ إلى الوَطَنِ.

 

فالمُواطَنَةُ لا تَقِفُ عِنْدَ حَدِّ تَأْكيدِ الحُقوقِ والواجِباتِ، لَكِنَّها تَضَعُ مُستوياتٍ ومَعاييرَ للسُّلوكِ الاجْتماعِيِّ الَّذي يَتَجَسَّدُ في الحُبِّ والمَسْئُوليَّةِ والبَذْلِ والعَطَاءِ والتَّضْحِيَةِ مِنْ أَجْلِ نُصْرَةِ الوَطَنِ ورُقِيِّهِ وتَقَدُّمِهِ، وهُوَ ما نُسَمِّيهِ الوَلاَءَ.

والمُواطِنُ الواعي لِمَسْئولياتِهِ هُوَ مُواطِنٌ ومَسْئولٌ تُجاهَ مُجْتَمَعِهِ وَوَطَنِهِ.

تَظْهَرُ سُلوكيَّاتُ المُواطَنَةِ في مُمارَسَتِنا اليَوْمِيَّةِ في الأُسْرَةِ والشَّارِعِ والمَدْرَسَةِ والمَكْتَبَةِ والأماكنِ العامَّةِ ،وحَتَّى يَنْعَمُ كَلٌّ مِنَّا بِحُرِّيَتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْتَرِمَ حُقوقَ الآخرينَ. 

 

فَأَمْنُ الدَّوْلَةِ ليسَ شُرْطَةٌ وَجَيْشاً فَقَطْ، بَلْ إنَّ الأَمْنَ الحَقيقيَّ للَّدوْلَةِ هُوَ في التَّحَصُّنِ بالأَخْلاقِ والقِيَمِ الحَميدَةِ والتَّسَلُّحِ بالعِلْمِ والمَعْرِفَةِ والمُحافَظَةِ عَلى مَوارِدِ البلادِ وحُسْنِ اسْتِثْمارِها.

وَأَنْ يَقُومَ كُلٌّ مِنَّا بِدَوْرِهِ فَتَتَكامَلُ الأَدْوارُ، فالمُواطَنَةُ لَها ثَلاثَةُ أَرْكانٍ: الانْتِماءُ والوَلاءُ لِلأَرْضِ، والمُشَارَكَةُ، والمُسَاواةُ.

الانْتِماءُ يَحْمِلُ مَعَانيَ الانْتِسابِ إلى الأَرْضِ والهويَّةِ، والوَلاءُ يَعْني جُمْلَةَ المَشاعِرِ الوجْدانِيَّةِ، وأَنْماطِ السُّلوكِ الإيجابيَّةِ الَّتي يَحْمِلُها الفَرْدُ تُجاهَ وَطَنِهِ والَّتي تَتَجَسَّم في الحُبِّ والتَّضحِيَةِ وبَذْلِ الجُهْدِ للدِّفاعِ عَنْهُ والنُّهوضِ بهِ وتّطْويرِهِ.

 

والمُشَارَكَةُ هِيَ أَحَدُ أُسُسِ الانْتِماءِ لِلْوَطَنِ وتَعْني المُساهَمَةَ الإيجابيَّةَ في صِناعَةِ حَياةِ المُجْتَمَعِ، وَهُوَ ما نُطْلِقُ عليهِ اسْمَ الحَياةِ العامَّةِ بَدْءاً مِنَ الأُسْرَةِ إلى مُخْتَلِفِ مُؤَسَّساتِ المُجْتَمَعِ المَدَنيِّ، ومُنَظَّماتِهِ، والمُشارَكَةِ في صُنْعِ القَرارِ السِّياسيِّ في مؤَسَّساتِ الحُكْمِ.

ولِكَيْ تَكُونَ المُشارَكَةُ فَعَّالَةً، فَإِنَّها لا بُدَّ أَنْ تَتَّسِمَ بِصِفَةِ المَسْئولِيَّةِ والإِسْهامِ في صُنْعِ المُجْتَمَعِ حاضِراً ومُسْتَقبلاً.

والمُساواةُ تَعْني أَنْ يَكونَ الجَميعُ مُتساوينَ أمامَ القانونِ دُونَ تَمْييزٍ أو تَفْريقٍ لِأَيِّ سَبَبٍ كانَ، والمُساواةُ بَيْنَهُمْ في الحُقوقِ والواجِباتِ لأنَّ واجِباتِ المُواطِنينَ حُقوقٌ عامَّةٌ لجميعِ فِئاتِ المُجْتَمَعِ.

 

والمُحافَظَةُ عَلى الحُقوقِ والواجِباتِ يَسْتَلْزِمُ وُوجودَ نُظُمٍ وقَوانينَ تُنَظِّمُ حِمايَةَ المُجْتَمَعِ والحِفاظِ عَلَيْهِ، واحْتِرامُ القانونِ يُحافِظُ عَلى النِّظامِ العامِّ والاسْتِقرارِ في المُجْتَمَعِ. 

فَلِكُلٍّ مِنَّا الحَقُّ في مُمَارَسَةِ هِوايَتِهِ أو نَشاطِهِ في إطارِ القانونِ، فَإذا أردْتُ أَن أسْتَمِعَ إلى جِهازِ التَّسجيلِ أوِ المِذْياعِ في المَنْزِلِ أو عَلى الطَّريقِ العامِّ، فَإِنَّهُ لا يَجوزُ أنْ أُزْعِجَ الآخرينَ بِذَلِكَ. 

فَأُخِلَّ بالهُدوءِ والنِّظامِ العامِّ. وكَذَلِكَ هوايَةُ رُكوبِ الدَّراجاتٍ أو غيرِها يَجِبُ أَلَّا تُؤَدِّيَ إلى الفَوْضَى في اسْتِخْدامِ الطَّريقِ العامِّ والإِخْلالِ بالسَّكينَةِ والطّمَأْنينَةِ.

 

وحينَ تَنْجَحُ الجَماعَةُ في احْتِرامِ حُقوقِ الوَطَنِ والمُواطِنِ، وتَعي أنَّ الأَرْضَ الَّتي نَحْيا عَلَيْها وَطَنٌ.

والإنْسانَ الَّذي يُشارِكُ في نَمائِها ورِفْعَتِها مُواطِنٌ، يُسَجِّلُ مَضْمونَ هذا الوَعْيِ في وَثيقَةٍ هِيَ "الدُّسْتورُ" الَّذي يُعَبِّرُ عَنِ الإِجْماعِ الوَطَنيِّ ويُوَضِّحُ حُقوقَ المُواطِنِ ويُفَصِّلُها.

فالدُّسْتُورُ جَوْهَرُهُ المُواطَنَةُ، وهوَ تَعبيرٌ عَنْ حَرَكَةِ المُشارَكَةِ وانْعِكاسٌ لِمَسيرَةِ الدِّيمقراطيَّةِ في المُجْتَمَعِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى