ديانات وثقافات

حشرات “الجراد” في الموروث الشعبي الكويتي

2015 الموسوعة الميّسرة لحشرات دولة الكويت(الجراد والصراصير)

د. وسيمة الحوطي

KFAS

حشرات الجراد الموروث الشعبي الكويتي ديانات وثقافات المخطوطات والكتب النادرة

ما يكاد البشير يبشر بقدوم الجراد حتى يسارع الكويتيون إلى أماكن تواجده فجرا ليصطادوه قبل طلوع الشمس لأن الجو يكون حينئذ باردا و لا يستطيع الجراد الطيران بالبرد.

طريقة صيد الجراد هي بواسطة عمل حفرة كبيرة تسمى « زبيه « يوضع في عقرها نبات العرفج.

ثم يقوم صيادو الجراد بملاحقته لكي يقع في الحفرة، عندما تمتلئ الحفرة يؤخذ الجراد مع العرفج

 

ويوضع في أكياس من الخيش ( القماش ) حتى يمتلئ الكيس، ثم تباع الأكياس في ساحة الصفاة، و ينادي البائع «حي بحي» .

عندما يصل الجراد إلى بيت الشاري، يغلى الماء في قدر كبير ثم تفرغ خيشة الجراد في الماء المغلي.

وهذه أفضل طريقة لطهو أكبر كمية من الجراد الموجود داخل الكيس حيث لا يستطيع الهروب و الطيران.

 

أما الأعداد القليلة الهاربة من ثقوب الخيشة فيتم اصطيادها بواسطة الأطفال المحيطين بجدر الطبخ، يقوم الأطفال بوضعها على سلك و يقومون بشيها.

مذاق الجراد المطبوخ وخصوصا المكن ( الإناث ) المملوءة بالبيض يشبه مذاق مح البيض.

طريقة أكل الجراد في الكويت تتم بواسطة نزع الأجنحة و الأفخاذ و الرأس، و بعض الناس يأكلون الأفخاذ والرأس كذلك، يبقى الجراد المطبوخ في القدر لعدة أيام.

 

يأكل منه أصحاب البيت كل يوم ويسمى «نقوعة» و بعد أن يشبع أهل البيت من أكل الجراد طازجا يقومون بتجفيف المتبقي ليؤكل في أيام أخرى مع التمر ويسمى «سويقة»، و الكويتيون يفرحون بقدوم الجراد و يقولون «هاض الجراد» أي جاء بكثرة.

لا يخشى الكويتيون من قدوم الجراد لقلة المزروعات في البلد حينذاك، أما أهل المزارع فيكافحونه عن طريق إحداث ضوضاء بواسطة ضرب علب الصفيح لإبعاده.

أشهر غزو للجراد عرفته الكويت كان خلال الفترة الواقعة ما بين 1 – 24 مايو 1890 ، كانت هذه السنة تعرف بسنة الدبا.

 

عندما يقول الشخص أنه مولود في سنة الدبا فهو يعني أنه من مواليد عام 1890، وقد سجل الأديب خالد العدساني هذه الحادثة في قصيدة الدبا التي قال فيها:

قد جاء كالسيل يعدو ليس يمنعه

                                                شيء فما مــل من شيء و لا وقفــا

فلــم نــــر طرقــــــا إلا و قــــد ملئـــــت

                                               وجــــــــدارا و لا سقفــــــــا و لا غرفــــا

وأصبحــــت جملــــة الآبـــــار منتنـــة

                                                  كــــأن في جوفهـــا من ريحـه جيفـا

وكل طفل لــه في أهلــــــه حـــــــــرس

                                                    يحمونــــه يقظــة منــه و حـين غفا

 

أما مراقبة و مكافحة الجراد في الكويت فقد بدأت في عام 1929 عندما قامت لجنة الأبحاث المدنية البريطانية بتكوين لجنة فرعية لمكافحة الجراد الصحراوي.

وعين السيد/ يوفاروف المساعد في المؤسسة الإمبراطورية لعلوم الحشرات في لندن و العضو في اللجنة أنفة الذكر بتقديم النصائح للكويتيين عن طرق مكافحة الجراد.

وفيما يلي جزء من التقرير الذي قدمه السيد يوفاروف عن حالات الجراد في الكويت حينذاك «تميز ربيع و خريف عام 1929 بوجود مجاميع كبيرة من الجراد الطائر، الذي تركز حول السواحل الشمالية الشرقية من الجزيرة العربية و الجنوبية الغربية من الكويت.

 

لكن الأمطار الغزيرة التي نزلت في ذلك العام قضت على الملايين من تلك الآفة، لكنها ظهرت مرة أخرى في الشتاء من جهة الإحساء، وحسب الآراء المبدئية فسوف يشهد عام 1930 وصول الدبا إلى الكويت» .

وقد صدق حدسه فلقد شهدت مدن الكويت غزوا كبيرا من قبل الجراد، حيث عمل الكويتيون بجهد لإنقاذ ما يستطيعون إنقاذه من عبث الجراد.

وخصوصا في قرية الجهراء ، وقد من الله سبحانه على الكويت بهبوب رياح جنوبية عملت على حمل الجراد إلى الجهة الشرقية من البحر.

 

تابع السيد/ يوفاروف تقريره بأن نبأ غزو الجراد جاء من خلال تقارير محتملة عن وجود الجراد في المنطقة المحايدة الجنوبية، و بمقتل كثيرا من الأغنام.

وفي 25 فبراير تنبأ بظهور الدبا بأعداد كبيرة، عندها قام حاكم الكويت بوضع الخطط اللازمة لمكافحة الجراد قبل وصوله إلى المدينة.

وفي مارس فقس الجراد ووصل إلى الجهراء و في أبريل شوهد يملأ الأرض و كأنه جنود مشاة تتحرك كتفا بكتف في جموع غفيرة، تمزق الأشجار في طريق زحفها و تترك الأرض خاوية جرداء وفي منتصف شهر أبريل بدأت قرية الجهراء تكافح الجراد.

 

حيث قام أهاليها بتغطية مزارعهم بالزجاج و الأوراق و كل ما تصل إليه أيديهم لمنع الجراد من تسلق المزروعات.

ولكن كل مساعيهم باءت بالفشل، لأن الجراد نجح في تسلق المزروعات وفي نهاية أبريل وصل الجراد إلى مدينة الكويت وتعلق بالجدران و دخل غرف المعيشة والحدائق والمطابخ وكل غرف المنزل.

وفي بداية مايو ظهرت أجنحة الجراد وطار بعيدا عن الكويت حتى صارت نظيفة منه تماما. لقد زار الجراد الكويت لثلاث سنوات متتالية هي سنوات 1929، 1930، 1931.

 

وأضاف يوفاروف «أن البدو الذين يرحلون على الجمال في الكويت لا يمانعون من ظهور الجراد لأنه ينبأ بسنة خضراء.

ويقولون أن الجراد لا يأتي إلا في السنوات المثمرة، أنهم يرحبون بالجراد الذي سوف يكون ضمن قوائم الطعام وكذلك غذاء للخيول والجمال والكلاب، كما أنه غذاء لكثير من الحيوانات الصحراوية مثل الحباري والسحالي والورل والضب».

 

الأسماء المحلية للجراد والصراصير:

يراد : الجراد الأحمر

اليخاخ : الجراد الأصفر

مكنة ( الجمع مكن ) : أنثى الجراد عند الحضر

 

دمونة : أنثى الجراد عند البدو

عصفور : ذكر الجراد عند الحضر

زعيري : ذكر الجراد عند البدو

 

دبا : حوريات الجراد

نقوعة : ما يتبقى في الجدر بعد طبخ الجراد

سويقة : مخلوط الجراد المطحون مع التمر

 

زهيوي ( الجمع زهيوية ) : الصرصور

زهيوي بودبة : الصرصور الأمريكي و سمي كذلك لأنه كبير في الحجم والدبة هي البطن الكبير

صارور : يطلق على صرصار الغيط الذي يصدر أصواتا مزعجة أثناء الليل

 

سوير الليل : صرصور الغيط الأليف

حصان إبليس ( خيل الينانوه أو سيسبان ): الجراد ذو القرون الطويلة ويسمى في بعض البلدان العربية فرس النبي ، الينانوه جمع الجن

بو زبيلة : الجراد المصري

 

1-الأمثال الشعبية

* أيا اليخاخه

يطلق على الشخص الخواف الذي يخاف من أدنى الأشياء

* الضب شبعان دبا

عندما يعتذر بعض الأشخاص عن الأكل و يقول : لا أريد طعاما ، أو لا أشتهي الطعام.

ويقال هذا المثل لأن الضب يتعقب الدبا ( صغار الجراد ) و يأكل منه حتى يشبع و إذا وجد طعام أخر لا يستطيع الأكل لأنه شبعان

* الجراد مايستحي طلابه و لا يشبع أكاله

لأن الجراد لذيذ الطعم و لا يشبع أحد من أكله

* يا شاوي الجراد يا قاضب طرفها

 

يقال هذا المثل للمحتاج الذي يستعجل في قضاء حاجته، مثل الذي يشوي الجرادة و هو ممسك بطرفها من شدة الجوع فتحترق يديه

* دود ودبا

يضرب للكثرة

* إذا طلع الفقع صر دواك و إذا هاض الجراد انثر دواك

إن كثرة أكل الفقع ( نبات الكمأة ) يسبب الإسهال فيجب الاحتياط بحفظ الدواء، أما كثرة أكل الجراد هو مفيد للصحة و لا يحتاج الدواء

* أبرد من جرادة

يضرب هذا المثل لأن الجراد لا يظهر في برد الشتاء لأنه يحس بالبرودة، و يطلق هذا المثل للذي يختفي في برد الشتاء و لا يزاول أي نشاط

* كالجراد لا يبقي و لا يذر

يقال عند اشتداد الأمر، لأن الجراد إذا هاجم المزرعة لا يتركها إلا إذا أتى على الأخضر و اليابس و جعلها جرداء

 

2- الأغاني الشعبية

يردد الأولاد عندما يحين موعد الجراد و يشبعون من أكله:

العصفور طلق مكنه               كل الشحم في بطنه

هاض الجراد وصادوه           في كشة أم حمادوه

يانا الجراد وعمد                في كشة أم محمد

 

3- الألغاز الشعبية

كثير الربح بايعها قليل الربح شاريها

الجواب : الجراد

 

* طير طار فوق الإبحار ماله ريش و لا منقار

الجواب : الجراد

 

* طير طار فوق الإبحار ماله ريش و لا منقار عيونه حب الكزبرة و ريوله مثل المنشار

الجواب : الجراد

 

* أنشدك عن عذراء إذا جاها المخاض تحط في بطن الذلول عيالها تمر عجلانه و لا تبي المراض و القابلة في ديرة تهيأ لها

الجواب : الجراد

 

4- الشعر الشعبي

* الكويتيون يرحبون بالجراد، وقد عبر الشاعر الشيخ عبدا لله سعود الصباح عن رفضه محاربة الجراد على اعتبار أنه أكلة متوارثة منذ أيام الجدود، نشر قصيدة له في عام 1988 بعنوان «الجراد لا تكافحونه»

الجراد لا تكافحونه       

                            الجراد لا تكافحونه

يوم جانا الجراد            

                            حاربوه كل البلاد

ليت أيامه تعاد            

                            البركة يزود بالعباد

انتبه و يا الجراد          

                           العشب دوم بازدياد

الجراد لا تحاربوه    

                            كم أكل منه أبونا

كبار و صغار يصيدونه    

                           و بوسط الماي يفوحونه

بالخياش بالسوق يبيعونه        

                           واليوم بحدودنا يحشرونه

مثل عدو يذبحونه        

                             بالمبيدات يدمرونه

كنا نأكل ما يهمنا         

                            ولا حشى ما ظن يسمنا

وبركته دوم تعمنا         

                            خففوا ضرب الزناد

الجراد الله يعيده          

                         لو أكلنا بس عصيده

خله يجي و الله لاصيده        

                           وأخبره إني حبيبه

الجراد لاتكافحونه        

                          ضيف جاكم ماتبونه

الجراد و يا الدبه        

                        يكثر في الديرة شبه

لو اليوم انه يجينا     

                       المطر و الخير يأتينا

 

           قال شاعر من البادية:

نحمد الله جينا              ما تضر الصقوعة

و أنت ياللي ذبحتها        ما لعيالك نقوعه

وهذه الأبيات تشمت بالذي تكاسل عن صيد الجراد خشية البرد و الصقيع.

 

            قال شاعر أخر يسب الجراد:

الجراد الله يذله             حاط في القلب عله

ما كل أهل الصوابر      والفنيطيس ما يدله

 

                  قال الشاعر خالد العدساني:

قد جاء كا لسيل ليس يمنعه              شيء فما مل من شئ و لا وقفا

فلم نر طرقا إلا ملئت                    و لا جدارا و لا سقفا و لا غرفا

وأصبحت جملة الآبار منتنة             كأن في جوفها من ريحه جيفا

وكل طفل له في أهله حرس             يحمونه يقظة منه و حين غفا

 

                         قال شاعر آخر يشكو الجراد

مر الجراد على زرعي فقلت له        لا تأكلين ولا تشغل بإفساد

فقام منهم خطيب فوق سنبلة           إنا على سفر و لا بد من زاد

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى