إسلاميات

نبذة تعريفية عن “الشَهيد” والمنزلة العالية التي يتحلى بها

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشَهيد منزلة الشهيد إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

الشَّهيدُ هوَ الشخصُ الذي قضى نحبَهُ (تُوُفِّيَ) وهو يُقاتِلُ عَدُوَّهُ ولم يستسلِمْ أبدًا.

والشهيدُ في دُوَلِ العالَمِ هوَ رَمْزٌ للعَطاءِ الذي لا يَنْفد، لذلكَ قامت دولةُ الكويتِ بتكريمِ شُهَدائِها الأبرارِ الذينَ سَقَطوا على هذهِ الأرضِ الطيِّبَةِ أيامَ الاحتلالِ العراقيِّ للكويت

ومن مظاهرِ تكريمِ دولةِ الكويتِ لشهدائِها الرغبةُ الأميريَّةُ بإنشاءِ مكتبِ الشهيدِ للاعتناءِ بأبناءِ الشهداءِ وهذا هو قِمَّةُ العَطاءِ والتَّمجيدِ للشهيدِ وأسرتهِ. 

كما قامت الكويتُ وقبلَ سنة 1969 بتخصيصِ جزءٍ من مقبرةِ الصليبخاتِ لدفنِ شُهَداءِ الكويتِ الذينَ سَقَطوا دِفاعاً عن أرضِ العروبةِ في مصرَ وسوريا وفلسطين.

 

والشهيدُ يَفدي بلدَهُ (وطنه) دونَ أن يرجُوَ من أحدٍ الشكرَ والثناءَ سمِعْنا عن شهيدٍ ألقى بنفسِهِ في أتونِ الحربِ مع قُوَّةٍ وعزيمَةٍ وصلابَةٍ وجُرْأةٍ، بينَما نجدُ غيرَهُ يستكينُ ويرفضُ ذلك.

وشهداءُ الكويتِ كثيرونَ فمنهم من سَقطَ شهيداً دفاعاً عن الكويتِ منذُ بدايَةِ تأسيسِها، ومنهم من سَقَطَ شهيداً مع بدايَةِ القرنِ العشرين وفي سبيلِ الدفاعِ عن الكويتِ من الغزواتِ الخارجيَّةِ التي كانَتْ تَأتي عن طريقِ البرِّ أو البحرِ، كَما استُشْهِدَ كثيرٌ من جنودِ جيشِ الكويتِ في حربِ العربِ مع إسرائيلَ في سنة 1967

وفي فترةِ حرب الاستنزافِ وفي حربِ سنة 1973 بين إسرائيلَ والعربِ.

 

ولكنَّ أكثرَ الشهداءِ سقطوا حينَ احتلَّ العراقُ الكويتَ في 2 أغسطس 1990، فاسْتُشْهِدَ كثيرٌ من أفرادِ الجيشِ الكويتي في سبيلِ الدفاعِ عن الكويتِ بينما قامت القواتُ العراقِيَّةُ المُعْتَدِيَةُ بقتلِ كثيرٍ من الجنودِ وكثيرٍ من السُّكّانِ المدنيينَ وكلِّ مَنْ عارَضَها في احتلالِها لدولةِ الكويت.

ولو استعرضنا عددَ مَنْ قُتِلوا من المدنيين والعسكريين في تلكَ الفترةِ (حوالي سبعةِ أشهرٍ) لوجدناهم بالمئات.

والشهيدُ قد يكونُ جنديًّا في الجيشِ، وقد يكونُ شابًّا أو كبيرَ السنِّ، أو تكونَ امرأةً أو فتاةً. فالشهادَةُ ليستْ مقتصرةً على جنسٍ معيَّنٍ أو عمرٍ معيَّنٍ بَلْ كُلُّ مَنْ يَفدي دينَهُ ووطنَهُ وعَرْضَهُ ويَحْفَظُهُ ويَبْذُلُ روحَهُ فداءً لَهُ فهوَ شهيد.

 

ومعلومٌ أنَّ كثيرًا من دولِ العالمِ تُحْيي ذِكرى شُهَدائِها بشتّى الطرقِ إمَّا بالاحتفالِ بيومِ الشهيدِ وإمَّا بيومِ النصرِ كما يُسَمَّى في بعضِ الدولِ، وتحييهِ باستعراضاتٍ عسكريَّةٍ وبِمَعارِضَ مُتَعَدِّدَةٍ الأشكالِ وبِنُصُبٍ تِذْكارِيَّةٍ، بَلْ إنَّ كثيراً من هذه الدولِ تَقومُ بوضعِ منهجٍ خاصٍّ يتعلَّقُ بالشهداءِ يحثُّ الطلبة على السَّيرِ في هذا الطريقِ من أجلِ الوطن.

كما تَقومُ بعضُ الدُّوَلِ ببناءِ مُدُنٍ تَسَمِّي كُلاًّ منها «مدينةَ الشهداءِ»، فيها الخدماتِ أكثرُ من المدنِ الأخرى من مستشفياتٍ ومعاهِدَ علميةٍ.

وفي تعريفِ الشهادَةِ يقولُ الأستاذُ مكي قاسم بغدادي في موسوعته:

 

الشهادَةُ تَأصيلٌ لا استئصال: (إنَّ دورَ الشهداء عظيمٌ، وأهميةُ الشهادةِ عظيمٌ، وأهميةُ الشهادةِ وعظمتُها، لا يُتَرْجَمانِ بالقَلَمِ، ولا يُكْتَبنِ بالحروفِ على وَرَقٍ بمدادِ الحبرِ. 

وإنَّما يُتَرْجِمانِ الجهادَ والاستشهادَ والتضحيةَ والفِداءَ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ وهي على أرضِ الحقيقةِ ومنطلقِ الواقع، فيكونُ للشهادَةِ تأثيرٌ كبيرٌ على الجانِبِ الفرديِّ، والجانبِ الاجتماعيِّ، فتتحرَّكُ القلوبُ بشوقٍ، بتأثيرِ دماءِ الشهداءِ، وتتفاعَلُ على النفوسِ من داخِلِها بهدوءٍ ببركةِ هَدْيِ الشهادةِ ومعطياتِها (جزء 1 ص 20).

 

يقولُ سيد قطب رحمه الله: «الموتُ أو القتلُ في سبيلِ اللهِ، خيرٌ من الحياةِ – كما يَقولُ رَبُّنا تعالى(وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ) (آل عمران: 157-158).

لذلكَ نجدُ هنا أنَّ الموتَ حَقٌّ على العِبادِ ولَكِنَّ مَنْ يَفْدي نَفْسَهُ ويُقَدِّمُها في سبيلِ اللهِ وفي سبيلِ الوطنِ والعقيدةِ هو الشهيدُ. ونحنُ نعتقدُ ونَجْزِمُ أنَّ مَنْ قُتِلَ في سبيلِ اللهِ هوَ في حقيقةِ الأمرِ عِنْدَ رَبِّهِ، فَرِحٌ بما نالَهُ من جَزاءٍ وَسَبْقِ غَيْرِهِ إلى الجَنَّة.

ومِنْ شُهَداءِ الإسلامِ: حمزةُ بنُ عبدِ المُطَّلِبِ، الحسينُ بنُ عليٍّ، عُبَيدَةُ بنَ الحرث بنِ عبدِ المطَّلِبِ، عمرُو بنُ الجَموحِ.

ومِنْ شُهَداءِ المسلمينَ في هذا القرنِ نَذكرُ بعضِ هؤلاءِ من أمثالِ: الشيخ عمرَ المختارِ في ليبيا، عبدالقادرِ الحسينيِّ في فلسطين، يوسفَ العظمةَ في سوريا.

 

ومن شهداءِ الكويتِ: الدكتور هشام العبيدان، الرائدُ يوسفُ الفلاح، الطالبانِ عدنانُ وخالِدُ بنُ عليٍّ الضَّامِرِ، شُهَداءُ القرين.

والشهادَةُ رحلةٌ إلى شيءٍ مجهولٍ يعرفُ المسلمُ أنَّها إلى الجنَّةِ بينما هي عندَ الكافرِ تخليدُ ذكراهُ بتمثالٍ أو بكتابٍ أو باسمٍ لشارعٍ أو مِنطقةٍ سَكَنِيَّةٍ. لذلكَ نجدُ أنَّ مَنْ ضَحَّى في سبيلِ وطنِهِ من المسلمينَ كثيرونَ منذُ بزوغِ فَجْرِ الإسلامِ حتَّى يومِنا هذا.

والعملياتُ الفِدائِيَّةُ التي يُقْصَدُ بها الشهادَةُ في سبيلِ اللهِ قد يُحالِفُها الفلاحُ فتغيرُ وَجْهَ التاريخِ وتضطرُّ المستعمرَ للانسحابِ من البلدِ.

 

وقدْ تكونُ قدوةً للشبابِ في المستقبل، للتضحيةِ من أجلِ الوطنِ، وبلادُ المسلمينَ دافعتْ ضدَّ الصليبيينَ والتتارِ واليهودِ والاستعمارِ الغربيِّ حتى حصلتْ ونالَتْ شَرَفَ الجهادِ وما تبِعَهُ من استقلالٍ وحريَّةٍ وبناءِ الدولِ الحديثةِ المستقلَّة.

والإسلامُ منذُ ظُهورِهِ وحتى يومِنا هذا لَمْ يَشُنَّ حرباً ضِدَّ دَوْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ في سبيلِ الاستيلاءِ أو السيطرةِ، وخَيَّرَ الكُفّارَ بينَ الجِزيَةِ أو الدُخولِ في الإسلام.

لكنَّ الاستعمارَ الحاليَّ استولى على دُوَلٍ كَثيرةٍ وأذَلَّها وأحرَقَ محاصيلَها واستنفَدَ ثرواتِها فقامَت المُقاوَمَةُ ضِدَّهُ وقُتِلَ من أهلِ البلادِ من قُتِل وهاجَرَ من هاجَرَ وكانَ للعربِ والمسلمينَ نصيبٌ كبيرٌ في مَن استُشْهِدوا دِفاعاً عن أوطانِهم.

 

يقولُ الرَّسولُ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم – «مَنْ قُتِلَ دونَ مالِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دونَ دِينهِ فهوَ شَهيد، ومَنْ قُتِلَ دونَ أَهْلِهِ فهوَ شَهيدٌ»؛ رواهُ أبو داودَ والترمذي.

وهنا يَتَّضِحُ لَنا أنَّ الشَّهادَةَ تكونُ للدفاعِ عن المالِ وعن النَّفسِ وعن الدينِ وعن العرضِ.

 

ولا يستطيعُ كُلُّ شخصٍ – إنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ إيمانٌ باللهِ وبأنَّ الشهيدَ جزاؤُهُ الجَنَّةَ – أن يُضَحِّيَ بنفسِهِ، لذلكَ نَجِدُ أَنَّ المسلمينَ يَتَسابَقونَ إلى الشهادَةِ من عِظَمِ ما قَرَءوا عن مَكْرُماتِ الشهيدِ في الجَنَّةِ وكيفَ أنهُ يشفعُ لسبعينَ من أهلِهِ يومَ القيامَةِ؛ وهذهِ لَمْ تَكُنْ إلا للمسلمِ فطوبَى للشهداء.

يقول الله تعالى( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) ۞ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 169- 171).

 

وللشَّهيدِ كراماتٌ كثيرَةٌ حينَ نسمعُ بها نتمنَّى أن نكونَ من الشهداءِ؛ ومثل ذلك ما يلي:

1- الشهيدُ لا يتألَّمُ حينَ يقتلُ، إلا كما يُحِسُّ أحدُنا بقرصةٍ من شخص.

2- وعَدَهُ رَبُّ العالمينَ بعددٍ من المنَحِ (خِصَالٍ) منها: (يغفرُ لَهُ منْ أوَّلِ دفعةٍ من دَمِهِ، ويرى مقعدَهُ في الجنَّةِ، ويُحَلَّى حُلَّةَ الإيمانِ، ويُجارُ من عَذابِ القبرِ، ويأمنُ من الفزعِ الأكبرِ، ويوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوقارِ، الياقوتةُ منهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فيها… ويشفعُ في سبعينَ من أقاربه).

 

3- لا يُفْتَنُ الشهيدُ في قبرِهِ كما يحدُثُ حينَ يُسألُ المسلمُ في قَبْرِهِ.

4- الشهيدُ لا يُغَسَّلُ ولا يُصَلَّى عليهِ لأنّهُ سيأتي يومَ القيامَةِ تَشْهَدُ لَهُ جُروحُهُ، ودَمُهُ يَفوحُ مِسْكاً.

 

5- ضَمِنَ اللهُ للشهيدِ الجنَّةَ، والشهيدُ إذا دَخَلَ الجنَّةَ يَتَمَنَّى أن يَعودَ فيُقْتَلَ لِما يَراهُ من كَراماتٍ في الجنَّةِ.

6- الشهيدُ يَخْتارُهُ اللهُ عزَّ وجل( إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران:140).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى