علم الفلك

كيفية إجراء حساب الأشهر الزمنية

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الأشهر الزمنية علم الفلك

توجدُ عَلاقَةٌ وثيقةٌ بينَ الشَّمْسِ، والأرْضِ، والقَمَرِ. وهذه العَلاقةُ تتلخَّصُ في أنّ الأرضَ تدورُ حولَ الشَّمْسِ دورةً كامِلَةً في مُدَّةٍ تساوي 365.2422 من اليومِ.

ويُطلقُ علَى هذهِ المدَّةِ «السَّنَةَ الشَّمْسِيَّةَ»، وفيها اليومُ يساوي دورةً كامِلَةً واحِدَةً للأرْضِ حَوْلَ نَفْسِها.

أمّا عَلاقَةُ القَمَرِ بهذا النِّظامِ فإنَّه يدورُ حولَ الأرْضِ دورةً كامِلَةً في مدَّةٍ متوسِّطُها 29.5 يومٍ تقريبًا، وتسمَّى هذهِ المُدَّةُ شهرًا.

 

ويُحسَب الشهرُ من إتمامِ القَمَرِ دورةً كامِلَةً حَوْلَ الأرْضِ، تَتَمثَّلُ في تتابُعِ أَوْجُهِهِ المختَلِفَةِ، أيْ من أوَّلِ ظهورِه هلالاً دقيقًا، حتَّى يكبُرَ ليصيرَ بدرًا، ثم يبدأُ في التَّناقُضِ تدريجيًّا حتَّى يصيرَ مَحاقًا مُظْلِمًا، ثم يولَدُ هلالاً جديدًا ليبدأَ دورةً أُخْرَى.

إلى هذه العَلاقَةِ المُهِمَّةِ بينَ الأجرامِ الثَّلاثَةِ تنبَّهَ المِصْريونَ القُدَماءُ والبابِليُّونَ القُدَماءُ منذُ أكثرَ من عَشَرةِ آلافٍ من السِّنينَ، فكانوا أوَّلَ من قسَّم السنةَ (مُدَّةَ الدَّوْرَةِ الكامِلَةِ للأرضِ حولَ الشَّمْسِ) إلى اثْنَيْ عَشرَ قسمًا مُتساوِيًا تقريبًا، مُدَّةُ كلٍّ منها 29 أو 30 يومًا، وسمُّوْا كلاًّ من هذهِ الأقسامِ شَهْرًا.

 

وعلَى هذهِ العَلاقَةِ، قامَتْ أقدمُ التَّقاويمِ في مِصْرَ وبلادِ ما بينَ النَّهْرَيْنِ وشِبْهِ جزيرةِ العَرَبِ.

لكنْ مع المُشاهَداتِ المتكرِّرَةِ والحِسَاباتِ الدَّقيقَةِ اتَّضَحَتْ أنواعٌ من الخَلَلِ الّذي ينتابُ هذهِ التقاويمَ مع مُرورِ الزَّمَنِ.

 

وقد نَشَأَ هذا الخَلَلُ من أن:

1- الطّولَ الحَقيقيَّ للسَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ هو 365.2422 من اليومِ، وليس 365 يومًا كما ظَنَّ القُدَماءُ في أوَّلِ الأمْرِ.

2- الطّولَ الحَقيقيَّ للشهرِ القَمَرِيِّ هو 29.53059 من اليومِ، وليس 29 أو 30 يومًا كما ظَنَّ القُدَمَاءُ.

3- وعليه فإنَّ عددَ الشهورِ القَمَرِيَّةِ في السَّنَةِ هو 12.36827 من الشهرِ، وليس 12 شهرًا تمامًا.

 

عَرْضٌ مُقَارَنٌ لترتيبِ الشُّهورِ وعَدَدِ أيَّامِها في أَهَمِّ التقاويمِ

 

ففي التَّقويمِ الفِرْعَوْنِيِّ الشَّمْسِيِّ الّذي كان يُحْسَبُ في ضوءِ المواسِمِ الزِّراعِيَّةِ التي تبدأُ بالاعتدالِ الخَريفِيِّ (أي بما يُناظِرُ يومَ 23 سبتمبر في تقويمِنا الحالِيِّ الميلاديِّ). 

وَجَدَ القُدماءُ أنَّ عددَ أيامِ السَّنَةِ من وَقْتِ حُلولِ الاعتدالِ الخريفيِّ وحتَّى مَوْعِدِ بَدْءِ الاعْتدالِ الربيعيِّ يُساوي 180 يومًا تمامًا؛ فقسَّموا هذا النِّصْفَ من السَّنَةِ إلى سِتَّةِ أَقْسامٍ مُتَساوِيَةِ (شهورٍ)، طولُ كلٍّ منها 30 يومًا.

ولكنْ لمَّا حَسَبوا النِّصفَ الثانِيَ من السَّنَةِ اتَّضَحَ أنَّهُ مُكَوَّنٌ من 185 يومًا ورُبْعِ يومٍ، فحسبوهُ سِتَّةَ أشهرٍ أيضًا، طولُ كلِّ مِنها 30 يومًا.

 

ولكن ظَهَرَ لَهُمْ أنَّه بهذَا الحِسابِ تَتَبَقَّى عِدَّةُ أيامٍ لا تَتْبَعُ أيَّ شهرٍ من الشُّهورِ، يكونُ عددُها في بعضِ الأعوامِ خمسةَ أيّامٍ وفي بعضِها الآخَرِ سِتَّةَ أيّامٍ؛ فأَفْرَدُوا لهذهِ الأيّامِ شهرًا خاصًّا (ثالِثَ عَشَرَ) أَلْحَقُوه بآخِرِ التَّقْويمِ.

وقد سُمِّيَتْ هذه الأيّامُ فيما بعدُ بأيّامِ النَّسىء. وهي تأتي في التَّقويمِ القِبْطِيِّ، المُؤَسَّسِ على التقويمِ الفِرْعَوْنِيِّ، كشهرٍ إضافيٍّ قصيرٍ جدًّا يُلْحَقُ بالتقويمِ بعدَ شهرِ مِسرَى. (انظر الجدول).

أمّا في التقويمِ الهِجْرِيِّ – وهو يقومُ على التَّقويمِ القَمَرِيِّ الأَصْلِيِّ – فقد ثُبِّتَ عددُ الشهورِ في السَّنَةِ علَى 12 شهرًا قمريًّا، يكونُ طولُها 30 يومًا أو 29 يومًا بالتبادُل، ويعيَّنُ هذا باسْتِطلاعِ الهِلالِ في أوَّلِ كلِّ شهرٍ قَمَرِيٍّ. وقد التزمَ جميعُ المُسلمينَ في كلِّ مكانٍ بالعالَمِ بهذَا التَّقويمِ بمنتهَى الدِّقَّةِ.

 

لكنَّ السَّنَةَ الشَّمْسِيَّةَ (365.2422 من اليومِ) أطولُ من السَّنَةِ القَمَرِيَّةِ بحوالَيْ 11 يومًا، فقد أثبَتَتْ الحِساباتُ الدَّقيقَةُ أنَّ السَّنَةَ الشَّمْسِيَّةَ تحتوي على 12.36827 شهرًا قَمرِيًّ.

ويَتْبَعُ ذلكَ أنّه لو افْتَرَضْنَا أنَّ أوَّلَ يومٍ في العامِ الهجرِيِّ كان مناظِرًا ليومِ 1 يناير في السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ، ففِي السَّنَةِ التَّالِيَةِ سَيَقَعُ هذا اليومُ في شهرِ ديسمبِرَ؛ وبعدَ ثلاثَةِ عوامٍ يأتي هذا اليومُ نَفْسُهُ قُرْبَ نِهايَةِ نوفمبرَ.

أما بعد 33 عامًا، فسيتخلَّفُ أَوَّلُ العامِ الهِجْرِيِّ حتَّى يعودَ ثانيةً في أوَّلِ ينايِر

 

أمّا الإغريقُ القُدماءُ فقدْ وَضَعوا تقويمَهُم أيضًا على أساسِ الدَّوْرَةِ القمرِيَّةِ مُهْتَدِينَ فيهِ بالتَّقويمِ الفِرْعَوْنِيِّ. ولكنَّهُم عَالجُوا السَّنَةَ القَمَرِيَّةَ بطريقةٍ تَخْتَلِفُ عما سَبَقَ ذِكْرُهُ.

فَلِلْمُحافَظَةِ على الشَّهْرِ الأَوَّلِ من تِلْكَ السَّنَةِ من التَّخَلُّفِ كثيرًا بمرورِ الزَّمَنِ، قَدْ أَعْطَوْا السَّنَةَ القَمَرِيَّةَ طولَيْنَ مُحْتَمَلَيْن، فكانَ الطولُ أحيانًا 12 شهرًا قمريًّا وأحيانًا 13 شهرًا.

وبذلك تعرَّض هذا التَّقْويمُ من حيثُ عددُ الشُّهورِ في السَّنَةِ، لما تَعَرَّضَ لهُ التَّقْويمُ الفِرْعَوْنِيُّ من إِدخالِ شَهْرِ النَّسىء المُكَوَّنِ من 5 أو 6 أيَّامٍ في نِهايَةِ التقويمِ.

 

وأمَّا التَّقْويمُ الميلادِيُّ الذي يتبَعُهُ معظمُ العالَمُ الآنَ، فإنه قامَ أساسًا علَى ما يُسَمَّى بالتقويمِ الرُّومانيِّ الذي يرجعُ أصلُه أيضًا إلى الشهرِ القَمَرِي الذي يتردَّدُ طولُه بين 30 و 29 يومًا بالتبادُلِ.

وقدْ واجَهَ هذا التقويمُ في أوَّلِ أَمْرِهِ مصاعِبَ كثيرةً من حيثُ عددُ شهورِ السَّنَةِ وطولُ الشَّهرِ بالأيَّامِ، وأُجْرِيَتْ عليهِ تعديلاتٌ كثيرةٌ لضَبْطِ هذا الارتباكِ، وأشهرُها ما تَمَّ في عَهْدِ القَيْصَرِ يوليوس نحوَ عامِ 46 ق. م. (التقويمُ اليوليانيُّ)، ثمَّ الإصلاحُ الّذي أجراهُ البابَا جِرِيجُوري الثالِثَ عَشَرَ في القرنِ السادسَ عشرَ الميلاديّ (التقويمُ الجِرِيجوريُّ)

 

وعلَى كلِّ حالٍ فإنه يبدُو أنَّ الإصلاحَ الجِريجورِيَّ للتَّقويمِ الميلادِيِّ لَنْ يكونَ آخرَ الإصلاحاتِ. ذلك لأنَّ الأبحاثَ الحديثةَ الدقيقةَ أثْبَتَتْ أنَّ طولَ السَّنَةِ الشمسيَّةِ (الفَلَكِيَّةِ) ليسَ ثابتًا على 365.2422 من اليومِ تمامًا، وإنَّما يزيدُ بقدرٍ ضئيلٍ جدًّا مع مَرِّ القرونِ!

كذلكَ أثبتَتْ هذه الأبحاثُ أنَّ بُعْدَ القَمَرِ عنِ الأَرْضِ ليسَ ثابِتًا أيضًا، ولكنَّه يزدادُ بمعدَّلٍ ضئيلٍ جدًّا معَ مَرِّ الزَّمانِ، وهذهِ الزِّيادَةُ تُؤَثِّرُ بالطَّبْعِ علَى طولِ الشَّهْر القَمَرِيِّ الّذي هو أساسُ كلِّ التَّقاويمِ تقريبًا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى