إسلاميات

نبذة تعريفية عن النبي سُليمان “عليه السلام”

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

النبي سليمان عليه السلام إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

سليمانُ، عليه السَّلامُ، رسولٌ من رُسُلِ بني إسرائيل، أَوْحَى اللهُ إليهِ كما أَوْحَى إلى غَيْرِهِ من الأَنْبِياءِ والرُّسُلِ، قال تعالى(إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) (النساء:163).

وَهَبَهُ اللهُ ابنًا لعَبْدِهِ ورَسولِهِ دَاودَ – عليهِ السَّلامُ – قائلاً(وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (ص:30)

ومَنَّ اللهُ عليهِ – مَعَ النُّبُوَّةِ والرِّسالَةِ – بمُلكٍ عظيمٍ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ من بَعْدِه، استجابَةً لدَعْوَتِهِ(قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (ص:35)

 

وتَمَثَّلَ هذا الملكُ في تَسْخيرِ الرِّيحِ تَجْرِي بِهِ سَهْلَةً طَيِّبَةً حيثُ شاءَ، فكانَ يَغْدو من الأَرْضِ المُبارَكَةِ فيُمضي فترة الظَّهيرَةِ باصْطَخْر (وهي بَلْدَةُ بفارِسَ بينَها وبينَ شيرازَ اثنا عَشَرَ ميلاً)، ويروحُ من اصْطَخْرَ فيمضي الظَّهيرةَ بكَابُل.

وما بينَ الأَرْضِ المبارَكَةِ واصْطَخْرَ: مَسيرةُ شَهْرٍ للمُسْرِعِ، وما بَيْنَ اصْطَخْرَ وكَابُل مَسيرَةُ شهرٍ للمُسرِعِ أيضًا.

قال تعالى(فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ) (ص:36).

قال تعالى(وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ) (سبأ:12).

 

كذلك تمثَّلَ هذا المُلْكُ في جَيْشٍ ضَخْمٍ من الجِنِّ والإِنْسِ، والطَّيْرِ، مُسَخَّرٍ لَهُ أَكْمَلَ تَسْخيرٍ. وقد علَّمه الله منطق الطير.

قال تعالى(وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (النمل:16-17).

وأَسالَ اللهُ لَهُ عَيْنَ القِطْرِ (النُّحَاسِ)، قال تعالى(وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ) (سبأ:12).

 

اسْتَخْدَم سُليمانُ، عليهِ السَّلامُ، كلَّ مَظَاهِرِ المُلْكِ هذِهِ الّتي سَخَّرَها لَهُ ربُّ العِزَّةِ – سُبْحانَهُ – في الجهادِ من أَجْلِ رَفْعِ الظُّلْمِ عن المَظْلومِين، وإِعلاءِ كَلِمَةِ اللهِ، عزَّ وجلَّ.

وقد ساقَ المَوْلَى، سُبْحانَهُ وتعالَى، شاهِدًا لذلك في قِصَّةِ مَمْلَكَةِ سَبَأٍ، تلكَ الّتي كانَتْ علَى السُّجودِ للشَّمْسِ من دونِ اللهِ، والّتي اكْتَشَفَها الهُدْهُدُ. ولمَّا تأكَّدَ لسليمانَ صدقُ ما أَخْبَرَ بِهِ الهُدْهُدُ، كَتَبَ رسالةً إلى مَلِكَةِ سبإٍ ومَنْ مَعَها يَدْعوهُم فيها إلى الإسلامِ، وأن يَأتُوه خاضِعِين مُنْقادِين.

قال تعالى(قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) (النمل:29-31).

 

وبعدَ مُشاوَرَةِ مَلِكَةِ سَبَأٍ المَلأَ مِنْ قومِها، رأَتْ أن تُرْسِلَ هَدِيَّةً إلى سُلَيْمانَ ومَنْ مَعَهُ منتظرةً الرَّدَّ. ولكنَّ سُمُوَّ الهَدَفِ، ونُبلَ الغايَةِ عندَ سُليْمانَ، عليه السلام، حَمَلاَهُ علَى أنْ يُرْسِلَ إليهِمْ منْ جُنَدِهِ من جاءَ بِهِم خاضعين مُنْقادين، بَلْ لَقَدْ أَرْسَلَ من جَاءَهُ بِعَرْشِ مَلِكَةِ سَبَإٍ في أقلَّ مِنْ طَرْفَةِ عَيْن.

ولمَّا رَأَتْ هذه المَلِكَةُ عَرْشَها بين يَدَيْها، ومَمْلَكَةً لا قِبَلَ لأَحَدٍ بها أَسْلَمَتْ وانْقَادَتْ للهِ ربِّ العالَمين. (اقرأ الآياتِ من 32 إلى 44 من سورة النملِ).

وكانَ من أعمالِ جُنْدِ هذهِ المَمْلَكَةِ الاهتمامُ بالعُمْرانِ وتوفيرِ الرَّخاءِ، مثل بناءِ المساجِدِ، واتِّخَاذِ التَّماثيلِ من النَّقْشِ في الحيطان بالشَّجَرِ وما أَشْبَهَه، وصُنْعِ القِصاعِ العِظَامِ والقُدورِ الضِّخامِ، وبُنْيانِ المَدائِنِ، واحْتِرافِ الغَوْصِ.

 

قال تعالى(يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (سبأ:13).

قال تعالى(وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) (ص:37).

كذلكَ كانَ من سيرَةِ سُلَيْمانَ في هذهِ المَمْلَكَةِ: تَفَقُّدُ أحوالِها أولاً بأوَّلٍ، والحَزْمُ في معامَلَةِ من يَشْتَمُّ منه رائِحَةَ التَّقْصيرِ أو التَّفْريطِ في عَمَلِهِ. وقِصَّتُهُ مع الهُدْهُدِ خيرُ شاهِدِ على ذلك. (اقرأ الآياتِ من 20 إلى 28 من سورةِ النَّمْلِ).

 

ولمْ يَتَوَقَّفْ أَمْرُ القُوَّةِ في هذهِ المَمْلَكَةِ لحظةً واحدةً، وإلاَّ تَوَقَّفَ الجهادُ، وضاعَتْ حقوقُ المظلومينَ، وتحوَّلَتْ الأرضُ إلى بُؤْرَةٍ من الشَّرِّ والفسادِ.

وقد ذَكَرَ الحَقُّ، تبارَكَ وتعالَى، في كتابهِ شاهدًا على ذلك، وهو العِنايَةُ بالخَيْلِ لِكَوْنِها عَصَبَ، الجهادِ، ومَصْدَرَ الخيرِ، كما قال النبيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم،: «الخَيْلُ مَعْقُودٌ في نواصِيها الخَيْرُ إلى يومِ القيامَةِ».

وتَمَثَّلَتْ هذه العنايةُ في أنَّ سليمانَ، عليه السلامُ، كانَ يُجْرِي خيلَهُ المرَّةَ بعدَ المرّةَ، ليَخْتَبِرَ قوَّتَها ومدَى ما وصلَتْ إليهِ من تدريبٍ، وإعدادٍ.

 

وكان محبًّا لها صادِرًا في ذلك عن أَمْرِ اللهِ بمحبَّتِها لما لَها من دَوْرٍ في إنجاحِ الجهادِ وبلوغِهِ مَقْصُودَهَ.

واشتغلَ بها ذاتَ مَرَّةً، معلنًا هذا الحبَّ، إلى أنْ غابَتْ الشمسُ. وهنا طلبَ ردَّها إليه، فلَمَّا مَثُلَتْ بينَ يَدَيْه، طَفِقَ يمسحُ أَعْرَافَها، وعراقِيبَها، دليلاً على درايَتِهِ بسياسَةِ الخيلِ، وإتقانِه الفُرُوسِيَّةَ.

قال تعالى(إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) (ص:31-33).

 

[والصافِناتُ الجِيادُ: الخيلُ القائماتُ المسرعاتُ. وتوصفُ الخيلُ بأنها صافِنات إذا وَقَفَتْ على ثلاثِ قوائم، وثَنَتْ اليدَ أو الرِّجْلَ الرابِعَةَ].

وآتَى اللهُ سليمانَ حُكْمًا وعِلْمًا، فكانَ يَقْضِي بينَ الخُصُومِ وإعطاءِ كلِّ ذي حَقٍّ حَقَّهُ. وقد قصَّ اللهُ علينا في كتابِهِ صورةً من هذا القضاءِ، مضمونُها: «أنَّهُ دَخَلَ علَى داودَ، عليه السلامُ، رجلان. فقالَ أحدُهُما: إنَّ غَنَم هذا دَخَلَتْ في حَرْثِي ليلاً فأَفْسَدَتْها، فقَضَى له بالغَنَم.

فخرَجا، فمرَّا على سليمانَ، وكان يجلسُ على البابِ الذي يخرجُ منه الخُصومُ، فقال: كيفَ قَضَى بينَكُما أبي؟ فأخبرَاه. فقال: غَيْرَ هذا أَرْفَقُ بالجانِبَيْن. فَسَمِعَه داودُ، عليه السلامُ، فدعاهُ، فقال: بِحَقِّ النُّبُوَّةِ إلاَّ أَخْبَرْتَنِي بالّذي هو أَرْفَقُ.

 

فقالَ: أَرَى أن تَدْفَعَ الغَنَم إلى صاحِبِ الأَرْضِ لينتفعَ بِدَرِّها ونَسْلِها وصوفِها، والحَرْثَ إلى صاحِبِ الغَنَمِ، ليقومَ عليه حتَّى يعودَ كما كانَ، ثم يَتَرَادَّا. فقال: القَضَاءُ ما قَضَيْتَ. وأَمْضَى الحُكْمَ بذلك».

كذلك قَصَّ علينا النبيُّ صورةً ثانِيَةً من هذا القضاءِ، إذ قال: «كانَتْ امرَأَتَان مَعَهُما ابْنَاهما، جاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابنِ إحداهُما.

فقالتْ صاحِبَتُها: إنَّما ذَهَبَ بابْنِكِ. وقالَتْ الأخرَى: إنما ذَهَبَ بابنِكِ. فَتَحاكَما إلى داودَ، فقضَى به للكُبْرَى، فَخَرَجَتا على سليمان بنِ داودَ، فَأَخْبَرَتَاه فقالَ ائْتونِي بِسِكِّينٍ أَشُقُّهُ بَيْنَهُما. فقالَتْ الصُّغْرَى: لا تفعلْ يَرْحَمْك اللهُ، هو ابنُها. فَقَضَى للصُّغْرَى».

 

كذلك كان سليمانُ، عليه السّلامُ، يستخدمُ هذا العِلْمَ في مُلاحَقَةِ المجرمينَ، وكَبْحِ جماحِهِمْ، بعدَ أنْ يتحقَّقَ من إجرامِهِم، إِذْ حَبَسَ الشياطينَ الذينَ يُفْسِدونَ في الأَرْضِ ولا يُصْلِحون، وجَمَعَ ما كانوا يُلْقُونَه على السَّحَرَةِ والأَشْرارِ لإلحاقِ الأَذَى بالغَيْرِ، ودَفَنَهُ وأَخْفاه.

ووَقَفَتْ اليهودُ على هذا المَخْفِيِّ المَدْفونِ بَعْدَ مَوْتِ سليمانَ، فاسْتَخْرَجوه وعَكَفوا عليهِ لنَشْرِ الفَسادِ في الأرضِ، مُتَّهِمِينَ سُلَيْمانَ بالكُفْرِ، فأَكْذَبَهُم اللهُ، وبَرَّأَ ساحَةَ سليمانَ مما قالُوا.

قال تعالى(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (البقرة:102).

 

ولَمْ يَشْغَلْهُ شَيءٌ مِمَّا تَقَدَّم عن شُكْرِ اللهِ بِلِسانِهِ وقَلْبِهِ وجَوارِحِهِ، قال تعالى(قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل:40).

وقال تعالى(حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) (النمل:18-19).

وبعدَ هذهِ الحياةِ الحافِلَةِ بالدَّعْوَةِ، والبَلاغِ، والجهادِ للإصْلاحِ وإعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ، قَبَضَهُ اللهُ. وكانَ قَبْضُهُ دليلاً عَمَلِيًّا على إبطالِ ما كانَ شائِعًا من أن الجِنَّ يَعْلَمونَ الغَيْب.

 

إذْ ظلَّ هؤلاءِ في التَّسْخيرِ والخِدْمَةِ زمانًا طويلاً لرُؤيَتِهِم عَصَا سليمانَ، وكانَ يَتْرُكُها مُشْرَعَةً أَمَامَهُم لتكونَ آيةً على حُضورِهِ، ومُراقَبَتِه لهم. فَلَمَّا أَكَلَتْ دابَّةُ الأَرْضِ العَصا، عَلِمَتْ الجِنُّ بِمَوْتِه، وتَوَقَّفُوا عن العَمَلِ. (ودابَّةُ الأَرْضِ: حَشَرَةُ الأَرَضَةِ، المعروفةِ بالنَّملِ الأَبْيض

قال تعالى(فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) (سبأ:14).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى