التاريخ

أنظمة العد المستخدمة لدى الحضارات قديماً

2016 علوم العصر الكلاسيكي وأوائل العصور الوسطى

جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير

KFAS

التاريخ الأحافير وحياة ما قبل التاريخ

توفر الطبيعة لنا وسيلة للعد تتمثل في أصابع الأيدي والأقدام، لكننا ومع تعقد الحياة نحتاج أساليب أكثر تطوراً من ذلك، من بينها المِعداد. ومازال المِعداد مستخدماً في بعض البلاد في وقتنا الحالي.

مع ازدياد تعقيد المجتمع ونمو اقتصاده احتاج التجار إلى حفظ سجلات التعاملات التجارية بدقة أكبر، كما أن المسئولين على مختلف المستويات احتاجوا حفظ سجلات أغراض متعددة من بينها العقارات وملاكها وعدد دافعي الضرائب ومبالغ الضرائب المستحصلة والحصاد (الإنتاج الزراعي) والغذاء والمواد الأخرى في المخازن وعدد الجيوش، ولما كان حتمياً أن تكتب هذه السجلات استنبطت وسائل لتمثيل الأعداد.

لعل أسهل أساليب العد حفر مجموعة من الشقوق على حافة عصا أو وضع علامات بالخدش على الصخور أو عظام الحيوانات، لكن هذه الطريقة ليست عملية لكتابة الأرقام الكبيرة.

كان المصريون أول من استخدم الأعداد في حوالي عام 3400 ق.م. وتكون النظام المصري من علامة أفقية للترميز للرقم 1 ورموز أخرى لرفع العدد إلى الأس 10 (10، 100، 1,000، 10,000 وهكذا) والتي يمكن كتابتها على ورق البردي.

وفي حوالي الفترة نفسها استخدم السومريون، الذين كانوا يكتبون على ألواح من الطين الرطب بواسطة أقلام مدببة، استخدموا أشكالاً على هيئة رؤوس الرماح متجهة إلى الأعلى أو الأسفل أو اليمين أو اليسار للتعبير عن الأعداد.

 

وفي حوالي عام 2400 ق.م. تطور نظام الكتابة السومري إلى الكتابة المسمارية. كما أن الكريتيين (من جزيرة كريت اليونانية) بدؤوا في حوالي عام 1200 ق. م. استخدام الأعداد بتمثيل الرقم 1 بخطٍ عمودي والرقم 10 بخطٍ أفقي.

تشترك أنظمة العد آنفة الذكر على اعتمادها على المجموعات في التعبير عن الأرقام التي تزيد عن 1 أو 10، فإذا كان الرمز | يعني العدد1، يكون رمز الأعداد 2، 3، 4 على التوالي ||، |||، ||||. والبدائل لهذا الأسلوب هو تخصيص رمزٍ محددٍ لكل عددٍ إلى حدٍ معين.

وعلى هذا المنوال وضع الصينيون نظاماً عددياً في القرن الرابع قبل الميلاد خصصوا فيه رموزاً مختلفة للأعداد من 1 إلى 9 وكذلك للأعداد 10 و100 و 1,000.

تستند الكثير من الحضارات، بما فيها حضارتنا المعاصرة، إلى نظامٍ عددي يتخذ من الرقم 10 أساساً له. يبدو الخيار منطقياً لامتلاكنا عشرة أصابع، لكنه ليس الخيار الوحيد، فشعوب بابوا في غينيا الجديدة وكذلك الشعوب الأسترالية الأصلية يعدون بحسب التالي: «واحد، اثنان، واحد واثنان، اثنان واثنان، اثنان وإثنان وواحد، وهكذا، هذا النظام بالطبع هو النظام الثنائي ذو الأساس 2.

 

كما أن شعوباً أخرى تتخذ الرقم 3 أو 4 أو 5 أساساً لنظام العد عندها، أما المايا فيتخذون من العدد 20 أساساً لنظامهم علاوة على بعض الشعوب التي تتخذ العدد 12.

وحتى وقت قريب استخدم البريطانيون العدد 12 أساساً للنقد (12 بنسا يعادل شلنا واحدا)، وفي أمريكا الشمالية مازال هذا النظام سائداً في مجال القياسات الطولية (12 بوصة تساوى قدماً واحدا).

بالإضافة إلى ذلك يُستخدم الأساس 12 لحساب الكميات بالدزينة أو الغروس (اثنتا عشرة دزينة، 12X12). من جانبهم اتخذ البابليون العدد 60 أساساً لنظامهم، ومنهم استقينا مفاهيم أن الدقيقة تتكون من 60 ثانية والساعة تتكون من 60 دقيقة وكذلك قياس أجزاء درجة الزاويا.

استخدم نظام العد الإغريقي خطاً عمودياً (|) للتعبير عن العدد ١ والحرف الأول من كلمة الأعداد: خمسة في اللغة الإغريقية (Γ ، جاما )، ١٠ (Δ، دلتا) والعدد ١٠٠ (Η، إيتا) والعدد ١,٠٠٠ (X، تساي) و١٠,٠٠٠ (M، ميو).

كان أول ظهور لهذا النظام في منطقة أتيكا عام ٦٠٠ ق.م.، ولذلك يُعرف بنظام أتيكا. لكن نظام العد الروماني كان أسهل في الاستخدام، إّذ إن الطلبة كانوا بحاجة إلى حفظ الرموز I) ،V)، X (١٠)، L (٥٠)، C (١٠٠)، D (٥٠٠) و M (١,٠٠٠)، وكانت الرموز X ،L ،V،I كافية للتعامل مع غالبية الأغراض الحياتية.

 

مصدر الأرقام الهندية – العربية التي نستخدمها اليوم الهند ويحتمل ظهورها أول مرة خلال القرن الرابع قبل الميلاد. يصف الأسقف سفيروس سبيخت من بلاد الرافدين الأرقام الهندية في مخطوطٍ يرجع إلى عام ٦٦٢، واستخدم العرب الأرقام الهندية في القرن الثامن الميلادي وظهرت في مخطوطة أوروبية في إسبانيا تعود إلى عام ٩٧٦.

تناسب جميع نظم الأعداد عمليات تسجيل الكميات والتواريخ وعمليتي الجمع والطرح. لكن عمليات الضرب والقسمة وكتابة وقراءة الأعداد الكبيرة عمليات تتميز بصعوبة أكبر، وعلى الجانب الآخر تصبح العمليات الرياضية أسهل إذا اتخذنا نظاماً للعد تتحدد فيه قيمة العدد بموضعه.

ففي نظامنا المعاصر، على سبيل المثال، نكتب الأعداد ذات القيم الأدنى إلى اليمين من الأعداد ذات القيم الأكبر، فكتابة الرمز ٣٦٩ يعني (١٠٠*٣) + (١٠*٦) + ٩، وذلك بسبب موضع هذه الأعداد بالنسبة لبعضها.

هناك عدد من الوثائق تشير إلى ظهور مبكر لنظام العد المعتمد على موضع الرمز، لكن تواريخ هذه الوثائق غيرمؤكدة، ويرجع التاريخ المعتمد لأقدم وثيقة مكتشفة لهذا النظام، ويضم أيضاً رمز العدد صفر، إلى عام ٨٧٦ في منطقة غوالور التي تبعد حوالي ٢٥٠ ميلاً (٤٠٢ كم) جنوبي مدينة دلهي الهندية.

 

وعلى الرغم من عدم وجود نظام لكتابة الأعداد يعتمد القيمة الموضعية للرمز أجرى علماء الرياضيات الأقدمون عمليات حسابية مطولة ومعقدة مستخدمين لوح العد، يعتقد أن البابليين اخترعوه ويتكون من لوحٍ يُرش عليه التراب كوسيط للكتابة؛ ونظراً لأن مفردة الغبار في اللغات السامية هي أبق أطلق الإغريق على اللوح مُسمى أباكس، نُسمي اللوح اليوم (في اللغات اللاتينية) أباكاس (ونعرب المفردة بالمِعداد).

استكشف مِعداد بابلي في جزيرة سالاموس يعود تاريخه إلى حوالي عام ٣٠٠ ق.م. كما أن الصينيين، وبشكلٍ مستقلٍ، اخترعوا لوح العد خلال القرن الرابع قبل الميلاد، وطوروا الاختراع إلى مِعداد يضم سلكاً به خرز بحلول عام ١٥٠٠ ميلادي، هذا على الرغم أن وصفاً دقيقاً لمِعداد بدائي جاء في مؤلف كتب عام ١٩٠ ميلادي، وفي حوالي عام ١٦٠٠ ميلادي وصلت فكرة المِعداد الصيني إلى اليابان.

يتضمن لوح العد، المِعداد، خطين مستقيمين متوازيين يضع المستخدم عليهما أحجاراً أو صكوكاً من نوعٍ ما، وعبر العصور استبدل التراب على سطح اللوح بلوح مغطى بالشمع وأخيراً بلوح يحتوي عدداً من الشقوق. وفي المِعداد الحديث يصف الخرز على سلك أو على قطعة معدنية أسطوانية وتمثل الخطوط أو الشقوق أو القضبان قيماً عشرية للأعداد (العشرات، المئات، الآلاف) أو وحدات النقد أو وحدات القياس.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى