الإرشادات التوجيهية للتعايش من قبل مجلس المجموعات الأوروبية
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
في الوقت الراهن، يتحمّل المزارعون الكنديون المسؤولية الكاملة، إذا ما رغبوا في ذلك، لضمان بقاء محاصيلهم خالية من المواد المهندسة وراثياً. وعلى النحو الذي بينّاه في الفصل الثاني، فإن البحوث الكندية وأنظمة المراقبة الكندية الناظمة للمحاصيل المهندسة وراثياً قد جعلت كندا واحدة من الدول الرئيسية في إنتاج المحاصيل المهندسة وراثياً.
كما أن القانون الكندي لا يقدّم أية بيانات صريحة حول الالتزامات الواجبة لحماية حقوق المزارعين في زراعة المحاصيل غير المهندسة وراثياً. فبموجب اتفاقيات النظام القانوني الكندي، بالفعل، فإن على المزارعين الذين يرغبون في الحصول على أسعار متميزة لمحاصيلهم غير المهندسة وراثياً، أن يتحمّلوا بأنفسهم تكاليف ومسؤوليات تلبية متطلبات المستهلك، وتكاليف هيئات إصدار الشهادات المعتمدة(Smyth and Kershen 2006, 8).
وهو نظام يتناقض مع مفهوم «التعايش» الذي جرى تطويره في أوروبا، ويهدف إلى السماح بتحقيق التعايش ما بين المهندس وراثياً وغير المهندس وراثياً (بما فيه العضوي) في الزراعة داخل البلد.
فقد أدخل «مجلس المجموعات الأوروبية» (Commission of the European Communities) في عام 2003، الإرشادات التوجيهية للتعايش، واستخدمت العديد من الدول الأوروبية تلك الإرشادات لتطوير سياسات التعايش الخاصة بها.
وباعتبار أن التلاقح ما بين الأنواع النباتية هو أمر حتمي، فهذه السياسات وضعت الحد الأقصى للمستوى المقبول من التلوّث، ووفّرت إرشادات للإبقاء على التلوث تحت الحدود المسموح بها (مثل تباعد المسافات ما بين الحقول).
سلكت كندا في مواقفها مسلكاً كثير الشبه بسياسات الولايات المتحدة الأميركية. كما أن الولايات المتحدة الأميركية امتنعت عن الاضطلاع بأي دور، مثل كندا، لحماية إنتاج المحاصيل غير المهندسة وراثياً.
فالقرار الذي اتُّخذ مؤخراً (ناقشناه في مقدمة هذا الكتاب) للتخلّي عن أحكام التعايش للفلفا المهندسة وراثياً، عزز موقف من الولايات المتحدة الأميركية الذي يعتبر أن حماية إنتاج المحاصيل غير المهندسة وراثياً هي ليست من مسؤولية الحكومة.
فالمسؤولية عن التلوّث قد أُثيرت في عدة دعاوى قانونية في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن المحاكم لم تكن ميّالة إلى النظر في دعاوى مسؤولية تدفّق التحوّر الوراثي(4).
وقد حكمت المحاكم الأميركية، أنه فقط في حالات مفردة تكون مسؤولية الخطأ ذات صلة بالتكنولوجيا الحيوية، مثل فضيحة «ستارلنك» (StarLink) التي دخلت فيها الذرة المهندسة وراثياً غير الموافق عليها عن طريق الخطأ في الإمدادات الغذائية.
حينما انخرطت شركة ستارلنك في الذرة المخصّصة للغذاء البشري، ادّعى قضائياً كلٌّ من المزارعين وحاصدي حبوب الحقل ضد الشركة مطوّرة الذرة المهندسة وراثياً شركة «أفنتيس كروب ساينس» (Aventis Cropscience) الأميركية.
فقد تجمع كل هؤلاء لتقديم دعوى قضائية واحدة مشتركة. وقد حكم قاضي المحكمة «بأن المدعين الذين بإماكنهم إثبات أن محصولهم أو حبوبهم المخزنة قد تلوّثت تلوّثاً ملموساً بواسطة شركة ستارلنك غير المرخصة (ما جعل محاصيلهم وحبوبهم من الذرة غير قابلة للتسويق كغذاء، لغشّها بمادة لم تتم الموافقة عليها [التأكيد هنا مضاف من المؤلفة]) يكون ادعاءهم قانونياً مجدياً، بسبب الإهمال، ولكون [هذا التلوث] مصدر إزعاج خاص وإزعاج عام» (Smyth and Kershen 2006, 6-7;).
لكن في قضايا أخرى، مثل القضية الجماعية التي رفعها مزارعو فول الصويا والذرة التقليديون، ضدّ مطوري البذور المحورة وراثياً (Sample vs. Monsanto Co.)، قرّرت المحكمة الأميركية أن شركات التكنولوجيا الحيوية هي المسؤولة عن الإصابة الجسدية الملموسة المباشرة للمحاصيل فحسب، وليس عن فقدان الأسواق بسبب تلوّث المحاصيل غير المهندسة وراثياً (مصدر سابق، 13-14).
ويبدو أن هذا هو [بالفعل] موقف المحاكم الأميركية حتى لو كانت المحاصيل غير معتمدة في دول أخرى. هناك دول أخرى عارضت أيضاً، على مستوى كل ولاية، إنشاء حماية للزراعة غير المهندسة وراثياً، وحكومات ما يقارب ثلاث عشرة ولاية على الأقل، أقرت التشريعات التي تمنع التجمّعات المحلية من إنشاء مناطق لزراعة المحاصيل التي تخلو من تلك المحورة وراثياً (Endres and Redick 2006, 3).
في كل من كندا والولايات المتحدة الأميركية لا توجد قواعد رسمية للتعايش، وقرارات تسويق البذور المهندسة وراثياً قد أثّرت على المنتجين كلهم، لا على الذين يزرعون المحاصيل المهندسة وراثياً بصورة تطوّعية فحسب.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]