العلوم الإنسانية والإجتماعية

رفض الأسواق العالمية للمحاصيل المهندسة وراثياً

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة

فالشركات التي من مثل مونسانتو تدرك ذلك بشكل واضح، وكانت لها استراتيجياتها لإدخال المحاصيل المهندسة وراثياً، بطرق من شأنها كسب أكبر حصة في السوق وتجنّب الرفض الواسع للمستهلك.

وعندما أقدمت شركات التكنولوجيا الحيوية على البدء بالتعريف بالكانولا المهندسة وراثياً في كندا، نفذت الشركات نُظم الحفاظ على الهوية (Phillips and Smyth 2004). أي أنها عزلت زراعتها، وعمليات نقل محاصيلها وأنشأت عمليات تجهيز خاصة بالمحاصيل المهندسة وراثياً من الكانولا، [بمعزل عن] تلك غير المهندسة وراثياً، إلى أن أصبحت متيقنة أن هناك سوقاً كبيرة بما فيه الكفاية لاستيعاب أصناف المحاصيل المهندسة وراثياً في شتّى بقاع العالم (إلى جانب أوروبا). عندما تم التخلّي عن ممارسات حفظ الهوية [لاحقاً].

هناك العديد من الأمثلة، حيث أدّى رفض الأغذية المهندسة وراثياً في أسواق التصدير إلى سحب البذور المهندسة وراثياً من إمدادات البذور في كندا.

ففي حالة حبوب الكتان التي طوّرتها مجموعة من باحثي جامعة ساسكاتشوان، تم إزالتها من الأسواق وألغي تسجيلها بعد إصرار مجموعة من المزارعين والمنتجين على [الادعاء بأن] تلك الحبوب المطوّرة تهدّد قدرتهم على بيع الكتان في أوروبا، ووضّح [الموقف] ممثل «وكالة التفتيش الغذائي الكندية» (Canadian Food Inspection Agency: CFIA) قائلاً «ليس هناك شيء خاطئ في هذا النوع [من الكتان]، لقد حقّق كل المتطلبات، إلا أن الجميع اتفقوا على إلغاء تسجيل هذا النوع، وهذه حالة فريدة من نوعها» (Warick 2001).

فالضغط من المزارعين وقلقهم من فقدان الزبائن، دعا الحكومة إلى إلغاء تسجيل ذلك النوع من البذور في هذه الحالة (بذور الكتان) (Eaton 2011, 124-125).

 

والحقيقة أن الوكالة الكندية للتفتيش على الأغذية، منذُ عام 1990م ولغاية عام 2002م، كان لها صلاحيات لتقييم الأثر الاقتصادي الذي يسبّبه المحصول الجديد، ولكن القليل من الناس، ومن بينهم العاملون بالوكالة، يعرفون تلك الفقرة [في القانون] التي تمكّن الوكالة [للتقييم] بهذه الوسيلة [الفقرة].

فقد كشف تقرير يستند إلى الوصول إلى معلومات مطلوبة، أنه عندما اكتشف العاملون بالوكالة هذه الفقرة عام 2002م، قام الرسميون في الوكالة بإزالتها والتخلّي عن هذه الصلاحية (Warick 2003)(5).

في قضايا لاحقة، اضطرت الحكومة أن تأخذ دوراً أكثر تقييداً، بما يسمح لصناعة التكنولوجيا الحيوية بالتعامل مع المسائل المتعلقة بالتسويق بشكل طوعي. وفي عام 2001م أعلنت شركة مونسانتو عن خطّتها في طرح القمح المهندس وراثياً المقاوم لمبيدات الأعشاب الضارة في [أسواق] كندا. وحينما أعلنت أهم مطاحن القمح اليابانية والبريطانية أنها لن تشتري أي قمح فيه أي مستوى من تلوّث التعديل الوراثي؛ تحوّل العديد من المزارعين الكنديين ضدّ هذه الفكرة (Olson 2005, 157).

وبعض المناهضين للقمح المهندس وراثياً كان قد قام بصياغة مفصلة لنقد متعدد الأبعاد، إذ قالوا «إن شركات التكنولوجيا الحيوية لديها قدر هائل من الطاقة، ونظام المراقب الناظم هو جوهرياً معيب وخاطئ من أساسه، وليس هناك حاجة لشفافية أكبر وديمقراطية» (Magnan 2007; Eaton 2009).

 

وعلى الرغم من ذلك، فإن التركيز على التسويق قد سمح ببناء تحالفات عبر المنظمات والمصالح المختلفة. ففي كافة مراحل التعبئة ضد «القمح المقاوم لمبيد الأعشاب الضارة» (Roundup Ready Wheat) وكما في الحالات السابقة المتعلقة بالكتان والكانولا، كان الإطار المهيمن أو طريقة تحديد المشكلة لضرر محتمل قد يصيب المزارعين، يأتي من خلال «خسارة السوق» (Market Loss)، المستند إلى فكرة «المستهلك أعلم» (Consumer Knows Best) (Eaton 2009, 272; Magnan 2007, 306).

في مثال ملحوظ لبناء التحالف، لمطالبة شركة مونسانتو بسحب طلبها تسويق القمح المهندس وراثياً في كندا، انضم كل من الجماعات البيئية، ومجموعة المستهلكين، ومنظمات القطاع الزراعي من مختلف الأطياف السياسية لهذا التحالف(6).

وفي كانون الثاني/ يناير 2004م واستجابةً لذلك الضغط، انسحبت من المشروع «منظمة الزراعة والأغذية الزراعية الكندية»(Agriculture and Agri-Food Canada: AAFC)، وهي المؤسسة العامة التي كانت تتعاون مع شركة مونسانتو لسنوات عديدة لتطوير واختبار الكانولا المقاومة لمبيد الأعشاب الضارة، مشيرة إلى مخاوفها بشأن تسويق القمح المهندس وراثياً، ومن ثم، وتحت الضغط المستمر، أعلنت مونسانتو في آيار/ مايو 2004 (Monsanto 2004)، أنه بعد التشاور مع المزارعين، تمّ تأجيل البحث الميداني وتربية القمح المقاوم لمبيد الأعشاب الضارة (Monsanto Company 2004).

ومن المرجّح، كما يبدو، أن مونسانتو ستحاول مستقبلاً إدخال القمح المحوّر وراثياً مرة أخرى؛ ومع ذلك فقد رحّب نُقّاد المحاصيل المهندسة وراثياً بحذر، واعتبروا انسحاب الشركة نصراً لهم(7).

 

لقد أصبح رفض الأسواق العالمية للمحاصيل بسبب تلوّثها عام 2009، حقيقةً واقعية في الجدل الذي طال مسألة الكتان الكندي. ففي تلك السنة، كانت هناك سلسة محيّرة من الاكتشافات في الأغذية، تحتوي على ذلك النوع من الكتان المهندس وراثياً الذي تمّ تدميره وإلغاء تسجيله رسمياً عام 2001م، ولكن كما يبدو،  استمر موجوداً في [سلسلة] توريد بذور الكتان.

لقد تم اكتشاف هذا التلوّث طوال عام 2009م، في اختبارات وراثية للأغذية المشحونة إلى أوروبا والبرازيل، مما دعا تلك البلدان لإيقاف استيراد الكتان الكندي (Greenpeace International and GeneWatch UK 2009; Nickel 2010).

ويدفع الجدل حول الكتان الملوّث باقتراح تشريعي يتطلب  تحليل السوق قبل تسويق البذور المهندسة وراثياً

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى