النباتات والزراعة

المحاصيل المهندسة وراثياً

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

النباتات والزراعة البيولوجيا وعلوم الحياة

في كثير من الأحيان، يجادل دعاة المحاصيل المهندسة وراثياً بأن التكنولوجيا الحيوية هي شيءٌ ضروري من أجل تلبية الاحتياجات الغذائية للتزايد السكاني، فلذا هم يطالبون بمناقشة موضوعها بقوة(7).

وبذلك حتى لو كانت كل هذه الضجة المثارة حول مستقبل المحاصيل المهندسة وراثياً قد أثبتت صدقيتها، فإن الواقع اليوم [يثبت] أن الغالبية العظمى من المحاصيل المهندسة وراثياً التي تزرع هي: فول الصويا والذرة والقطن، وجميعها تضمّ في المقام الأول صفتين معدلتين وراثيتين هما: مبيدات الأعشاب الضارة ومقاومة الآفات الحشرية.

لقد بلغ إجمالي هذه المحاصيل الثلاثة عام 2010، 95% من المساحة المزروعة عالمياً بالمحاصيل المهندسة وراثياً (James 2010b)(8).

ومنذُ عام 1994، السنة التي فيها وصل المنتج النباتي المهندس وراثياً السوق أول مرة "الطماطم" Savr) (Calgene’s Flavr، التي فشلت تجارياً، نمت زراعة المحاصيل المهندسة وراثياً بسرعة.

ففي عام 2010م تمّت زراعة 148 مليون هكتار من المحاصيل المهندسة وراثياً في تسع وعشرين دولة. فمعظم تلك المحاصيل المهندسة وراثياً، مع ذلك، تزرع في عدد قليل من البلدان فحسب.

فالولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين مجتمعة تزرع 77٪ من الأراضي المخصّصة للمحاصيل المهندسة وراثياً، وتبقى الولايات المتحدة تحتل الآن موقع الصدارة بزراعة أكثر من 66 مليون هكتار من تلك المحاصيل.

 

ينعكس الافتقار لوجود تنوّع في إنتاج المحاصيل المهندسة وراثياً تجارياً على عدم وجود تنوّع في صناعة البذور. فشركتا مونسانتو ودوبونت كانتا في الأصل شركتين تعملان في مجال الكيمياويات الزراعية، إلا أنهما الآن من أكبر الشركات العالمية المنتجة للبذور.

إذ تسيطران على تنمية الصفات المهندسة وإدراجها في المادة الوراثية الموجودة (البذور)، كما توفّر الشركتان المواد الكيميائية لاستكمال "الحزمة" [التي يحتاجها المزارع] (Boyd 2003).

ومع عام 2009، ظهر أن هناك أربع شركات فقط تسيطر على 50% من أسواق البذور في العالم التي تخضع لحماية الملكية، في حين أن أسواق البذور الأخرى في العالم بأكمله تسيطر فقط على 43% (Hubbard Farmer to Farmer Campaign on Genetic Engineering 2009).

فالتركيز الذي يتم على إنتاج بعض المحاصيل مثل الذرة، من قبل شركة واحدة مثل مونسانتو، جعلها تسيطر على نحو 60% من سوق البذور في الولايات المتحدة(9).

لقد كان مسار تنمية المحاصيل المهندسة وراثياً يسير وفق ما يتفق مع عمليات التصنيع في الزراعة، فمن خلال تلك التنمية يتم تحويل عناصر الإنتاج الزراعي (مثل دورة العناصر الغذائية، ومكافحة الآفات، والري، والطاقة، والقوة المحركة) إلى أنشطة صناعية موحّدة (Goodman, Sorj, and Wilkinson 1987).

فالمحاصيل المهيمنة تلك والمهندسة وراثياً قد صُممت لتكون هي الأكثر فائدة في الزراعات الأحادية الواسعة النطاق والتي تعتمد على المكننة والتدخّلات الكيميائية والقضاء على الآفات. كما أنها توفّر وسيلة لمنتجي البذور لاستجلاب الأرباح من الموارد الوراثية، من خلال وقف المزارعين عن استخدام البذور المدخرة.

 

فتاريخياً، يدخر المزارعون البذور ويعيدون إنتاجها من محاصيلهم الخاصة، لتقليل أو لإنهاء الحاجة إلى شراء بذور. ولعقود عديدة سعت الشركات الساعية للربح، إلى محاولة إدخال البذور في السوق الصناعية لكي تجبر المزارعين على شرائها.

فكانت أولى محاولاتها من خلال خلق بذور مهجّنة تكون أقل إنتاجية بعد الجيل الأول من الزراعة، مما يمهّد لها في مرحلة ثانية لإيجاد الحماية القانونية [لبذورها] تحت مسمّى حقوق مربّي النباتات (Plant Breeder’s Rights: PBR)، ومن ثم يمكنهم في النهاية الحصول على حقوق براءة حقّ امتلاك البذور المهندسة وراثياً (Kloppenburg [1988] 2005).

مُنحت أول براءات الاختراع للتكنولوجيا الحيوية خلال ثمانينات القرن العشرين بعد أن تمّ الاعتراف بأنّ المواد المهندسة وراثياً والكائنات الحية هي "ابتكار" (Invention)، وعليه فقد كان كان من أكثر الأمور أهمية لنتائج تطوير الحماية الملكية والفكرية عن الجينات والكائنات الحية التركيز على صناعة إنتاج البذور.

فالتشجيع الذي ظهر كنتيجة للإنجازات التكنولوجية وقواعد الملكية الفكرية الناشئة، خلقت تسابقاً بين الشركات الكيماوية المتعددة الجنسيات، وشركات الأدوية العالمية وشركات التكنولوجيا الحيوية المبتدئة الصغيرة، لتطوير التطبيقات التجارية الواردة من الهندسة الوراثية، وذلك من أجل الحصول على براءات الاختراع التي تمتلكها شركات صغيرة، إذ تمكّنت شركات الكيمياويات الزراعية الرئيسية من شراء الشركات الصغيرة ببساطة. ومن ثم حين اكتشفت تلك الشركات أنها تحتاج إلى نظم محددة في توزيع البذور، شرعت في شراء شركات البذور البارزة، وخلقت مستوى عالياً من التركيز الذي نراه اليوم (Boyd, 2003) (10).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى