الرياضيات والهندسة

امثلة على خط الطول

2000 الرياضيات والشكل الأمثل

ستيفان هيلدبرانت و انتوني ترومبا

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الرياضيات والهندسة الهندسة

سنشرح الآن فكرة مهمة حول خط الطول. لنتخيل منحنياً مستوياً c واقعاً في أحد جانبي محور A، وأننا دورنا C حول A مولدين بذلك سطحاً دورانياً كما هو مبين أسفل اليسار. عندئذ تسمى الأوضاع المختلفة للمنحني C خلال هذه السيرورة "خطوط طول" السطح الدوراني. وعلى سبيل المثال، فإن نصف دائرة تولد بهذه الطريقة كرة، والمستقيم الموازي لمحور الدوران يولد أسطوانة، ونصف القطع الناقص يولد مجسم قطع ناقص، ونجد إمكانيات أخرى ممثلة في أعلى الصفحة المقابلة.

وفيما يتعلق بالأسطوانة، فإن لأي زوج من النقاط واقع على خط طول طريقاً أصغرياً على السطح الأسطواني هو القطعة المستقيمة الواصلة بين هاتين النقطتين على خط الطول هذا، ترى، ما العمل إذا لم تكن النقطتان P و Q واقعتين على خط طول واحد؟ في واقع الأمر، ليست هذه مسألة صعبة. ذلك أننا نعرف أنه بإمكاننا بسط الأسطوانة على شكل مستوٍ، وهذا ما يفعله الدهان (الصباغ) عندما يستعمل محدلته  roller، ولهذه الغاية، فقد يكون من الأبسط إلى حد ما إذا تصورنا S قشرة لقطعة من السجق

ماهي أقصر وصلة بين نقطتين على كل من هذه السطوح؟

 

                 

                              

(النقانق) قطعناها فوق p وتحت Q (انظر الشكل في الأسفل) بمستويين يعامدان محور الأسطوانة، بعد ذلك نقطع القطعة المتبقية لديناوفق خط طول مناسب، وننشر القشرة المقطعة في مستو متخذة هيئة مستطيل R ، وهكذا فإن كل خط علىS  ينقل إلى خط على، وبالعكس . ونظراً الى أننا لم نشوه القشرة لدى نشرها في مستو، فإننا لم نغير طول أي منحن، ومن ثم فإن هذا التطبيق لـ S' على R يسمى تطبيقاً متقايساً (متساوي المسافة) isometric mapping  ولهذا السبب فإن أقصر طريقٍ على S' يقابل أقصر طريق على R هذا وإن أقصر الطرق على R معلومة لدينا: إنها قطع مستقيمة. وإذا عكسنا الآن عمليتنا ولففنا R معيدينها إلى قشرة قطعة من السجق، فإن الخطوط المستقيمة تتحول الى لولب helices أو إلى دوائر (وهي لوالب مضغوطة) أو إلى خطوط مستقيمة، وهكذا فان أقصر الوصلات بين p وQ  على هي جزء من لولب – أي جزء من سلك نابض. كما هو مبين في اليسار. واللولب منحن يرد كثيراً في الطبيعة.

 

ونجد وضعاً مشابهاً جداً لدى دراستنا أقصر الطرق على مخروط، لاحظ أن المخروط يمكن نشره بحيث يصبح منطقة مستوية؛ إذ إننا لو قطعناه وفق خط طول، فمن الممكن بسطه، دون أن نحدث فيه أي تشويه، على رقعة من المستوي. واذا استخدمنا ثانية حقيقة أن أقصر الطرق في المستوي هي قطع مستقيمة، فإن هذه الحقيقة ستنبئنا مباشرة بأقصر الطرق على S . وما علينا فعله ليس سوى لفِّ الشكل المستوي S ليعود مخروطاً كما كان.

               

ويمكننا القيام باجراءات مماثلة إذا أردنا إيجاد أقصر الخطوط على كثير وجوه polyhedron ، إذ إننا بتقطيعه وفق بعض أحرفه، فإننا نتمكن ثانية من بسطه في شكل مستو دون تشويه.

بيد أن الوضع مختلف تماماً في معظم السطوح. بما فيها الكرة. فلة حاولت نشر أي جزء من الكرة – وليكن غلافها المطاطي الخارجي- في منطقة مستوية، لأدركت أنك لن تقدر على فعل ذلك دون مط هذا الغلاف.

هناك برهان رياضياتي على استحالة تطبيق أي قطعة من الكرة على مستو دون تشويهها. ويستند هذا البرهان إلى مفهوم تقوس curvature السطح الذي قدمه لأول مرة F.K.> كاوس> والذي يطلق الآن عليه اسم التقوس الكاوسي Gaussian curvature . ويقيس هذا التقوس على نحو دقيق شدة انحناء السطح في كل نقطة منه. (وسنطرح تعريفاً لهذا المفهوم في الفصل الخامس). وتنص مبرهنة كاوس الشهيرة على أنه بمقدورنا حساب هذا التقوس إذ عرفنا طول كل منحن على السطح. أما الدعوى الأدق إلى حد ما لنتيجة كاوس فتنص على أن قياس الطول يحدد التقوس الكاوسي على السطح.

وكي نرى أن الكرة لا يمكن أن تنشر على ساحة مستوية دون تشويهها، فإننا نحسب التقوس الكاوسي للكرة التي نصف قطرها R فنجد أن له قيمة واحدة تساوي /R21 في جميع نقاطها، في حين نجد أن التقوس الكاوسي لجميع نقاط المستوي يساوي صفراً. ولو وجد تطبيق حافظ للمسافة لترتب عليه أن يكون =0 /R21 وهذا طبعاً مستحيل.

لقد أطلق كاوس على هذه النتيجة المهمة اسم "المبرهنة الرائعة" theorema egregium . وهي تمثل النتيجة المركزية في كتابه (1)Disquisitiones circa superficies curves  الذي نشره عام 1827 تلك النتيجة التي تعد واحدة من أهم الاكتشافات في الرياضيات. وتفسر هذه المبرهنة السبب في عدم تمكننا من صنع خرائط كاملة لسطح كوكبنا الأرضي: فالبحث عن خرائط تكون الأطوال عليها متناسبة

 

 

 بانتظام مع الأطوال على الكرة الأرضية هو أمر عديم الجدوى، وكل نمط للإسقاط يستعمل في رسم الخرائط يجب أن يتصف ببعض السمات غير المؤاتية، وما يمكننا أن نفعله فقط هو الاختيار بين أنواع مختلفة من الأخطاء التي تحويها الخرائط. بيد أن هناك خاصة واحدة يمكن أن تتمتع بها الخرائط؛ إذ يمكن لرسامي الخرائط إيجاد تمثيلات للكرة الارضية تحفظ فيها الزوايا بين الخطوط (المنحنيات). ويوفر الاسقاط المركاتوري mercator projection مثل هذا التطبيق المتزاوي (حافظ للزوايا) conformal map .

وعلى الرغم من أن نشر الكرة على مستو غير ممكن، فإنه يمكننا مع ذلك إيجاد أقصر الطرق، التي يجب أن تكون أقواسا من دوائر عظمى، ذلك أن الكرة متناظرة في أي اتجاه. وأن كل خط طول لسطح دوراني يوفر أقصر الوصلات بين أي نقطتين واقعتين عليه.

لقد نشر أول بحث حول أقصر الطرق بين نقطتين على سطح عام من قبل أولر Euler . وقد ظهر هذا البحث تحت عنوان حول أقصر الخطوط الواصلة بين أي نقطتين على سطح كيفي De linea brevissima in superficie quacunque duo quaelibet puncta jungente   في مجلة Commentarii of the imperial academy of st.petersburg . ومع أن هذا البحث نشر عام 1728. فإنه لم يوزع على نحو واسع إلا عام 1732(1). وقد ذكر أولر في هذا البحث أنه يمكننا بسهولة حل مسألة أقصر الوصلات بين نقطتين على سطح محدب باستعمال حيلة ميكانيكية سهلة، إذ يكفي تثبيت خيط في إحدى النقطتين وشده باحكام باتجاه النقطة الأخرى (انظر الرسم الأيسر من الشكل العلوي في أسفل الصفحة) . عندئذ يمثل الخيط بين النقطتين أقصر وصلة بينهما.

من الواضح أن هذا الاسلوب لن ينجح في حال سطح مقعر (انظر الشكل الأيمن). ولهذا السبب فقط ابتكر

  1. اعتقد المؤرخون خلال حقبة معينة بأن هذا البحث لم يكن مؤرخاً على نحو صحيح، وأن أولر لم يقدمه للنشر قبل عام 1729، لكن التحريات الحديثة تشير إلى هذا البحث ربما كتب في نهاية 1728.

يمكن أحياناً وصل نقطتين على سطح بأكثر من خط جيوديزي واحد.

 أولر تقنية جيدة لإيجاد أقصر الطرق، وذلك برد المسألة الى حل معادلة تفاضلية. وهذه المسألة مكافئة لمبرهنة هندسية توصل اليها  .j>برنولي> عام 1698 نص فيها على أنه في كل نقطة p من أقصر طريق C ، يكون المستوي الملاصق للمنحني C والمستوي المماس للسطح في P متعامدين (انظر الشكلين السفليين في الصفحة السابقة).

ما الذي يعنيه المستوى الملاصق الوارد في مبرهنة برنولي؟ لنأخذ نقطتين أخريين Q و R على C قريبتين من P. إن هذه النقاط الثلاث تحدد في الحالة العامة مستوياً، ومن المؤكد أن هذا المستوى تابع للنقطتين Q و R ، ولكن إذا تحركت هاتان النقطتين على  C باتجاه P ، فإن المستوي سيسعى الى وضع نهائي هو الذي نسميه المستوي الملاصق للمنحني C في النقطة P .

المستوى الملاصق للمنحني C في النقطة P هو نهاية المستوي E المار بالنقاط الثلاث R,Q,P من المنحني C عندما تقترب النقطتان Q و R على C بلا حدود من P.

وقد أطلق في وقت لاحق اسم الخط الجيوديزي geodesic line  أو اختصار الجيوديزي  geodesic، على جميع المنحنيات  Cعلى السطحالتي في كل نقطة منها P يكون المستوي الملاصق للمنحنيC والمستوي المماس للسطح  S متعامدين، وتنص مبرهنة <برنولي> على أن المنحنيات ذات الأطوال الأصغرية يجب أن تكون أجزاء من خطوط جيوديزية.

وهكذا فإن الأجزاء الصغيرة بقدر كاف من خط جيوديزي توفر أقصر الوصلات بين أطرافها: لكن" الأجزاء الكبيرة" لا تتمتع عامةٍ بهذه الخاصة الأصغرية، وعلى سبيل المثال فإن جميع الخطوط الجيوديزية على كرة هي أجزاء من دوائر عظمى، وفي هذه الحالة، اذا كانتP و Q على أي نقطتين على الكرة غير متقابلتين قطريا (كالقطبين الشمالي والجنوبي على الكرة الارضية)، فهناك دائرة عظمى واحدة بالضبط، تمر بالنقطتين P و Q . لذا فإن النقطتين تقسمان الدائرة الى قوسين أصغرهما هو أقصر طريق بين P و   Q والآخر هو خط جيوديزي لكنه ليس أقصر وصلة بينهما (انظر إلى الأعلى). وتبين هذه الأشكال أيضا نقطتين  PوQ  على أسطوانة وعلى مخروط. وكل من هذين الزوجين موصول بطريق أصغري، وأيضا بخط جيوديزي طوله ليس أصغريًا.

وتعرف السطوح الكاملة، مثل الكرة والأسطوانة ومجسم القطع الناقص، بأنها سطوح يمكننا التحرك عليها بسرعة ثابتة إلى الأبد على طول خط جيوديزي دون الخروج عن هذا الخط البتة.

 

كان داڤيد هلبرت (1862 – 1943) من علماء الرياضيات الرياديين في عصره.

 

هذا وقد نعود إلى نقطة الانطلاق، كما هو الحال على كرة، وقد لا نعود إليها قط، كما هي الحال لدى الحركة على طول لولب مخروطي. وعلينا تأكيد حقيقة أن أولر لم يبرهن على وجود أقصر خط يصل بين نقطتين من سطح كامل، إنما اكتفى بايجاد الشروط التي يجب أن يحققها هذا الخط. وفي الحقيقة، فإن وجود أقصر وصلة لم يبرهن عليه إلا بحلول عام 1900 من قبل     .D.> هلبرتHilbert <..

اتسمت دراسة الخطوط الجيوديزية ببداية عاصفة، ففي الشهر 8/1697 طرح يوهان برنولي علانية مسألة إيجاد أقصر المسافات بين نقطتين مفروضتين على سطح محدب. وكان هذا الطرح ينطوي على تحد لأخيه جاكوب الذي كان يناصبه العداء جهاراً. وقد غدا التنافس المؤسف بين الأخوين شديداً جداً، وهجوم كل منهما على أفكار الآخر قبيحاً، إلى درجة جعلت المجلات العلمية في ذلك الوقت ترفض نشر مقالاتهما العنيفة. وسنلقي الآن نظرة على خلفية العداء الذي استحكم بينهما.

ما بين عامي 1666 و 1680 اكتشف لايبنتز و نيوتن حسبان الصغائر، ويبدو من المؤكد أن كلا منهما توصل إلى هذه التقنية الرياضياتية الفعالة بمعزل عن الآخر. لكن طرائق نيوتن لمعالجة هذا الموضوع لم تنشر إلا عام 1711، في حين أن الأفكار الأساسية للايبنتز نشرت في مجلة Acta Eruditorum  في لايبزيك ضمن سلسلة من البحوث ظهر أولها عام 1684. هذا وكانت بحوث لايبنتز المنشورة موجزة ومعقدة إلى حد ما، وكان أول من فهمها جاكوب برنولي الذي أصبح في عام 1687 أستاذا للرياضيات في بال بسويسرا. وقد علم جاكوب أخاه الأصغر يوهان بعض أسرار حسبان الصغائر التي كان قد أعاد اكتشافها دونت أي عون من لايبنتز. وهكذا. فبحلول عام 1690 كان نيوتن ولايبنتز والأخوان برنولي الوحيدين الذين استطاعوا استعمال حسبان التفاضل والتكامل. وكما يبدو فإنه في ذلك الوقت بدأ التنافس بين الأخوين. وقد قبل جاكوب تحدي يوهان في إيجاد أقصر خط بين نقطتين على سطح. إذ حل جاكوب هذه المسألة عام 1698 في حالة السطوح الدورانية كلها. وعل الرغم من الاقتصار على هذه السطوح كان قد اقترح أصلا من قبل يوهان نفسه عندما طرح هذه المسألة. فإن يوهان الذي استحسن نتائج أخيه، انتقدها في الوقت ذاته لكونها خاصة جداً، لاقتصار جاكوب على معالجة السطوح الدورانية دون غيرها. وفي الورقة التي كال فيها يوهان النقد لأخيه. أعلن أنه توصل الى حل مسألة أقصر الوصلات لسطح كيفي arbitrary surface . ترى، هل كان ادعاء يوهان صحيحاً ؟ ثمة رسالة خطها يوهان إلى لايبنتز في الشهر 8/1698 فيها ما يؤكد صحة ادعائه، إذ أورد فيها "قانون المستوي الملاصق"، وسرعان ما بعث لايبنتز برسالة جوابية يمتدح فيها يوهان، وبعد قرابة ثلاثين سنة، في الشهر 12/1727، طرح يوهان ثانية مسألة أقصر الوصلات، ولكن، هذه المرة، على تلميذه أولر. وقد كان من نتيجة ذلك ظهور بحث أولر عام 1728. ولم يوقف ظهور بحث أولر مساعي يوهان للتأكيد ثانية أسبقيته في حل مسألة أقصر الوصلات. وفي عام 1742 ادعى أنه كان قد بعث بهذا الحل في رسالة وجهها زميله كلينكنشتيرنا  Klingenstierna عام 1728.

لقد ظلت الشكوك تحوم طويلاً حول ادعاء يوهان الذي قبل في أيامنا هذه . وقد تحار في سبب ذلك. لا شك في أن طبيعته المتبجحة وتدني قيم السماحة والجود لديه أديا دوراً في ذلك. كذلك، فإن قصته المتصلة بنشر كتاب لوپيتال l’Hospital في حسبان التفاضل ألقت أيضا ظلالاً من الشك على مصداقية يوهان. وما حدث أنه بين عامي 1691 و 1692، حين كان يوهان يقوم برحلة في الخارج. قابل المركيز دو لوپيتال Marquis de l’Hospital الذي كان أفضل علماء الرياضيات الفرنسيين في ذلك الوقت. ومقابل معاش تقاعدي كبير، تعهد يوهان بإرسال كل مكتشفاته الجديدة في حسبان الصغائر الى المركيز، وألا يفشي يوهان نبأ هذا الاتفاق ما دام لوپيتال على قيد الحياة. وقد ضمن المركيز كل ما أرسله إليه يوهان أول كتاب ظهر في حسبان التفاضل عام 1696.

 ومع أن يوهان لم يكن سعيداً بهذا الأمر. إلا أنه لم يتفوه بأي كلمة عملاً باتفاقهما. بيد أنه سارع بعد وفاة المركيز إلى إعلان أسبقيته في بعض(1) ما جاء في كتاب لوپيتال دون أي ذكر للإتفاق المعقود بينهما. وكان من نتيجة هذه القصة أن أصبح الناس ينزعون إلى الشك في أقواله، ومن المؤكد أن سمعة عالم الرياضيات الجهبذ، المغرم بالمال، قد تأثرت من جراء ذلك. واستناداً إلى المراسلات التي جرت بين لوپيتال وبرنولي. فقد ثبت أن عالم الرياضيات السويسري كان المؤلف الحقيقي لكتاب لوپيتال في الحسبان.

وقد طرح يوهان في الشهر 6/1696 مسألة تفوق في أهميتها مسألة أقصر الوصلات، واتخذت اسم "مسألة أسرع هبوط"the problem of quickest descent أو "مسألة الزمن الأصغري"the brachystochrone problem ، والتي تنص على ما يلي:

 

  1. كان من ضمن ما نسبه برنولي إلى نفسه قاعدة لوپيتال الشهيرة والمتعلقة بإزالة عدم التعيين 0/0.

إذا كانت A وB نقطتين في مستو شاقولي، فأوجد الخط الواصل بينهما الذي تهبط على طوله نقطة متحركة M من Aالى B بتأثير قوة الثقالة بأقصر زمن ممكن.

يمكنك التفكير بكرة صغيرة وثقيلة تنزلق دون احتكاك في أقصر وقت ممكن على مسار معين ممتد من A إلىB.  ترى، ما هيئة هذا المسار؟ إنه، دون ريب، ليس الخط المستقيم الواصل بين AوB .  وفي عام 1638 ادعى <كاليليو> خطأ أن الحل هو قوس دائري. إذا ما الحل الصحيح؟

لقد تبين أنه منحن معروف، وكان قد درس جيدا في ذلك الوقت، وهذا المنحني ليس قوسًا دائريًا، ولكنه خط مرتبط بالدائرة ارتباطًا وثيقًا: إنه السيكلوئيد(الدويري)، الذي صادفناه أول مرة في الفصل الثاني، وهو المنحني الذي ترسمه نقطة من محيط الدائرة لدى تدحرجها دون انزلاق على مستقيم.

وقد درس الرياضياتي الفرنسي الشهيرB.>  پاسكال <pascal السيكلوئيد عام 1649 عندما كان يعاني ألما في أسنانه. وقد بدأ بدراسة هذا المنحنى لإبعاد تفكيره عن المرض. ولدى إختفاء ألمه، فهم پاسكال أن زوال الألم كان إشارة إلى أن الله لم يكن راض عن أفكاره.

 

وقد أهابت نتائج پاسكال بعلماء رياضيات آخرين الاهتمام بهذا النحني، وهذا أدى الى التوصل لاحقا الى خصائص عديدة لافتة للنظر. وأكثر هذه الخواص إثارة للاهتمام اكتشفها العالم الهولندي  ch>.هويكنزHuygens <..

لعل هويكنز حظي بشهرةٍ أوسع نتيجة لاختراعه الميقاتية الرقاصةpendulum clock.  وفي عام 1657 حصل من الحكومة الهولندية على براءة اختراع هذه الميقاتية. لكنه لم يكن راضيًا عن هذا الاختراع لأنه كان يدرك أن الزمن اللازم لإنجاز الرقاص(النواس) نوسة كاملة يتعلق بسعته. وبعبارة أخرى، فإن النواس الدائري لم يكن متواقتاًisochronal ، أي أنه لم يكن يقوم بدورة كاملة جيئة وذهابا في المدة نفسها من الزمن. الأمر الذي أدى، لسوء الحظ، إلى شذوذات في الميقاتية. لذا فقد طرح هويكنز السؤال عما اذا كان هناك نواس(بندول) محكم perfect pendulum.  فإذا كان الرد بالإيجاب، وجب أن يصمم هذا النواس بطريقة ينوس وفقها رأسه المستدق على منحن متواقت isochrone أو (tatuochrone)، وهو منحن ترسمه نقطة مادية وهي تتحرك عليه دون احتكاك من نقطة ابتدائية A إلى أخفض نقطة L من المنحني بالمدة نفسها من الزمن، بغض النظر عن ارتفاع A فوق L .

وقد وجد هويكنز أن المنحني المتواقت ليس سوى السيكلوئيد، وهكذا، فإن أعظم صانع ميقاتيات على مر العصور، وهو الاسم الذي أطلق عليه، أورد في رسالته بعنوان Horologium Oscillatorium  التي كتبها عام 1673 تصميما لميقاتية رقاصة ينوس رقاصها على سكليوئيد. وهذا الجهاز مبين في الأسفل.

وكان على هذه الأداة التقنية البارعة أن تستعمل نواسا لدنا يتأرجح بين وجهين سيكلوئيديين. وكانت هذه الأداة الرائعة تعتمد على البصيرة الرياضياتية النفاذة لهويكنز الذي أدرك أن منشأ involute  السيكلوئيد هو سيكليوئيد أيضاً.

 

النواس الكامل: منشئ السيكلوئيد هو سيكلوئيد.

وهذا يعني ما يلي: لنتصور خيطاً لدناً وغير قابل للمط موضوعًا على طول قوس E لسيلكوئيد يمتد من A الى B (انظر الرسم في الأعلى). لنبعد الخيط تدريجيا عنوذلك بسحبه بإحكام بحيث تمتد نهايته المحررة من قيد E بصورة مماسة للمنحني E . عندئذ ترسم النقطة النهائية B  منحنيا I يسمى المنشأ، في حين يسمى E المنشئ evolute (الكلمة evolute مشتقة من الكلمة اللاتينية evolvere ،التي معناها ينشر أو يبسط). وهكذا فإن كلاً من منشأ السيكلوئيد ومنشئه هو سيكلوئيد أيضاً.

وهكذا، فأننا نرى أنه بحلول عام 1697 كان السيكلوئيد قد درس جيداً، ومن ثم يمكننا تصور الدهشة العارمة التي اعترت علماء الرياضيات لدى اكتشافهم أن هذا المنحني ليس سوى منحني الزمن الأصغري الذي تحدى يوهان برنولي أخاه جاكوب في إيجاده.

وفي الشهر 12/1696 كرر يوهان دعوته على صفحات مجلة Acta Eruditorum لإيجاد حل قبل عيد الفصح لعام 1697، معلناً أن لايبنتز وجد الحل. وفي الوقت المحدد هذا، كان قد حل المسألة خمسة من علماء الرياضيات هم:

يوهان برنولي وجاكوب برنولي ونيوتن ولايبنتز ولوپيتال. وسنورد الآن الطريقة التي حل بها يوهان مسألة أسرع هبوط.

تتلخص الفكرة الأساسية في برهانه في تحويل المسألة الميكانيكية لأسرع هبوط لنقطة مادية ثقيلة الى مسألة في علم البصريات. وهذا يعني أن يوهان لاحظ أن قانون كاليليو المتعلق بجسم يهبط على طول منحنى معين ينص على أن هذا الجسم سيتحرك بالطريقة نفسها التي يسير بها جسيم ضوئي في جو أرضي ذي كثافة معينة تابعة للأرتفاع عن سطح الأرض. أفاد يوهان بعد ذلك من نتيجة استخلصها عالم الرياضيات الفرنسي.p> دو فرما Pierre de fermat <، الذي كان قاضيا في مدينة تولوز وواحداً من أعظم علماء الرياضيات في التاريخ. فقد وجد فيرما أن قانون انكسار الضوء يستنتج من فرضية أن الضوء ينتشر دوماً بأسرع طريقة من نقطة الى أخرى. (تسمى هذه الفرضية الآن مبدأ فرما(1) Fermat principle). )هذا وإن قانون الانكسار (الذي كان ينسب في أيام فرما الى  R . ديكارت Descartes ، ولكن أصبح معلوماً الآن أنه كان قد اكتشف من قبل الهولندي.W>سنيل <Snell (1626-1591).ينص على أن جيبي زاويتي الانكسار على سطح فاصل بين وسطين بصريين متجانسيين يتناسبان عكسياً مع كثافتيهما،

أي إن:

 = (sin⁡α 1)/sin⁡α2  = n2/n1

وسرعة جسيم ضوئي في وسط تتناسب عكسياً مع الكثافة البصرية للوسط.

وقد جزأ يوهان جو الأرض إلى طبقات رقيقة جداً لكل منها كثافة ثابتة، ثم طبق قانون الانكسار، وقام بعدئذ بإجراء عملية نهايات بجعله سمك هذه الطبقات يؤول إلى الصفر. وقد قاده هذا إلى معادلة تفاضلية لمنحنى الهبوط الأسرع. واكتشف يوهان أن حلول هذه المعادلة كانت سيكلوئيدات.

  پيير دو فيرما (1601 – 1665).

وإنه لأمر لافت للنظر أن يتمكن يوهان برنولي من أن يربط بنجاح علمي البصريات والميكانيك. وذلك قبل أكثر من مئة عام من اكتشاف عالم الرياضيات الإيرلندي المرموق .R.W>هاملتون< (1865-1805) Hamilton  للمبادئ التغيرية variational principles .وقد أدت هذه الأفكار في نهاية المطاف إلى توحيد الهندسة والفيزياء في علوم اليوم.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. إن برهان هيرون لقانون الانعكاس هو تطبيق آخر لمبدأ فيرما.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى