التاريخ

نبذة تعريفية عن أسرة “بنو الأحمر”

1994 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

أسرة بنو الحمر التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

«بنو الأحمر» أسرة أندلسية حكمت مملكة غرناطة فيما بين 635 و898هـ (1238-1492م)، وتعتبر آخر أسرة إسلامية حكمت الأندلس.

وتنسب هذه الأسرة إلى الصحابي «سعد بن عبادة» سيد الخزرج، وكانت قد استقرت في جنوب بلاد الأندلس. وكان محمد بن يوسف بن نصر بن الأحمر هو أول من اشتهر من هذه الأسرة.

ولد محمد بن يوسف سنة 591هـ (1195م) في منطقة أرجونة من محافظة «جيان»، شمال قرطبة.

وكان يشتغل في أراضيه الزراعية. فلما ساد الاضطراب اواخر عصر الموحدين وضعف أمرهم في الأندلس، رأى ابن الأحمر أن بلاده الأندلس أصبحت بدون أمير يوحدهم ويجمع شملهم ويدافع معهم عن بلادهم.

 

ورأى أن الأعداء يغتنمون فرصة ضعف بلاده ويستولون على بعض أراضيها، فأخذ يهتم بشؤون الحرب واشترك مع جماعة من أهل بلده في الجهاد ضد أعداء دينه ووطنه.

فلما رأى أهل بلده شجاعته وحكمته وصلاحيته للقيادة اختاروه أميرا لهم، فاستطاع أن يسيطر بسرعة على المناطق المجاورة التي تركها الموحدون بدون أمير.

وكان ينافسه أمير آخر في شرق الأندلس اسمه «محمد بن هود»، فلما قتل ابن هود تمكن ابن الأحمر من بسط سيطرته على جزء من الأراضي التي كانت تتبع ابن هود.

 

وبعد ذلك انضمت إليه غرناطة سنة 635هـ فانتقل إليها وجعلها عاصمة لمملكته الصغيرة وعرفت باسم «مملكة غرناطة»-

وكانت آخر معقل للمسلمين في الأندلس. وهي تقع جنوبي أسبانيا على البحر الأبيض المتوسط، وتمتد من محافظة «المرية» شرقا إلى «جبل طارق» غربا ومن البحر المتوسط جنوبا إلى جبال «رندة» و«البيرة» شمالا.

ولجأ إلى هذه المملكة الصغيرة أعداد كبيرة من المسلمين سكان البلاد القريبة بعد أن سقطت مدنهم وبلادهم في أيدي أعدائهم، مثل قرطبة وجيان وأشبيلية، وغيرها.

 

وأصبحت غرناطة تضم أعدادا كبيرة من المحاربين الأشداء والعلماء والأدباء والشعراء والزراع والصناع والتجار، حاملين معهم خلاصة حضارة الأندلس

وشكل هؤلاء مجتمع غرناطة وشاركوا في نضهتها والحفاظ عليها والدفاع عنها حوالي 250 سنة.

وخلال حكم بني الأحمر، وبخاصة في عهدي يوسف الأول وابنه محمد الخامس _ بلغت غرناطة أوج حضارتها في ميادين الزراعة والصناعة والعمران والعلوم والثقافة والفنون والتجارة.

فاستغلت جميع الأراضي الصالحة للزراعة، وكثرت المباني، وبنيت المستشفيات والمدارس والقصور والحدائق، وبخاصة قصر الحمراء وجنة العريف، إلى كثير من الحصون والقلاع على طول حدود المملكة.

 

وحظيت غرناطة، خلال هذه الفترة، بكثير من العلماء في شتى فروع المعرفة والأدباء والشعراء: فكان فيهم علماء الدين واللغة والتاريخ والفلسفة. وكان فيهم الكتاب والشعراء، ولهم العديد من المؤلفات في شتى فروع المعرفة.

وبرزت من بينهم أسماء لامعة مثل «لسان الدين بن الخطيب» – الوزير الكاتب والمؤرخ والشاعر، ومثل الشاعر «محمد بن زمرك» الذي لا تزال أشعاره تزين جدران قصر الحمراء.

وكان في غرناطة مهندسون ماهرون بنوا قصر الحمراء وبلغت شهرتهم أوروبا. كذلك كان لتجار غرناطة علاقات تجارية مع إيطاليا وفرنسا ومصر والشام والمغرب.

 

ومن أسباب نجاح بني الأحمر في الاستمرار في حكم غرناطة مدة طويلة أنهم كانوا يتميزون باتباع سياسة ذكية في الداخل والخارج.

وكانت سياستهم الداخلية تقوم على العدل وحسن السياسة، بينما تقوم سياستهم الخارجية على تحقيق التوازن الذكي في تحالفهم مع جيرانهم من الدول القوية، مما جعلهم قادرين على المحافظة والدفاع عن وطنهم مدة طويلة.

 

ثم توالي على عرش غرناطة، بعد محمد الخامس، عدة ملوك من بني الأحمر لم تكن لهم قوة أسلافهم ولا سياستهم ولا شعورهم بالخطر فعاشوا عيشة ترف ونعيم وعاشوا في شقاق وصراع فيما بينهم على كرسي الحكم. وهنا بدأت أسرة بني الأحمر في التفكك من الداخل.

فثار واحد على الآخر في سبيل كرسي الحكم، وانقسم الشعب في ولائه: فريق مع هذا الأمير وفريق مع ذلك الأمير، بينما أخذ أعداؤهم المسيحيون في الاتحاد وتوجيه جيوشهم نحو مملكة غرناطة في النهاية، واستولى عليها الأسبان في سنة 1492م (898هـ). وانتهت بذلك دولة المسلمين في الأندلس، وكان بنو الأحمر آخر أسرة إسلامية حكمت الأندلس.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى