البيولوجيا وعلوم الحياة

الأجزاء التي تتكون منها الأذن ووظائفها

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الأذن أجزاء الأذن وظائف الأذن البيولوجيا وعلوم الحياة الطب

عِنْدَمَا نذكرُ الأذنيْن نفكر على الفورِ في الزائِدَتَيْن الجميلتيْن على جانبيْ الرأسِ، والمعروفتْين بصيوانَيْ الأذن.

وينتهي "الصيوانُ" من أسفلَ بجزءٍ لحميٍّ يسمَّى "شَحْمَةَ الأذن"، وهو الذي تَثَبِّتُ فيه البنتُ قُرْطَهَا. ولكنّ الوافعَ أن هناكَ أجزاءً مهمةً ودقيقةً من الأذن لا نَرَاها فهي مَخْبُوءَةٌ في داخلِ عِظَام الرأس.

فالأذن تتكوّن من ثلاثةِ أقسامٍ: الأذنِ الخارجيَّةِ، والأُذُن الوُسْطَى، والأُذُن الداخليَّةِ. وجميعُ أجزاءِ الأُذُنِ مُتَكْيِّفَةٌ تَكَيُّفًا رائعًا لتلائِمَ وظائِفَها الدقيقة، كما سوف نرَى.

 

والأذنُ الخارجيةُ هي الصيوانُ وقناةُ السمعِ التي تمتدُّ منه الى الداخلِ، وتستطيعُ أَن تَدُسَّ فيها إِصْبَعَك الخِنْصَـرَ. و

يَحْمِي قناةَ السمعِ قليلٌ من الشَّعْرِ، كما أنَّ جدارَها يُفْرز مادَّةً شمعيةً لزجَةً، تسمّى الصِّمْلاَخَ، تَتَصَيَّدُ الغُبَار.

والنهايةُ الداخليةُ لقناةِ السمعِ يُقْفِلُها غشاءٌ رقيقٌ، ولكنَّه قويٌّ مَرِنٌ، يُسمَّى "طبلةَ الأذن". وتستطيعُ بعضُ الحيواناتِ، كالكلبِ والحصانِ والظبيِ، تحريكَ صيوانَيْ الأُذُن نَحوَ مَصْدَرِ الصَّوْت.

 

أما الانسانُ فإنه يُوَجِّه أُذُنَيْه نحوَ مصدرِ الصَّوتِ بإدارةِ رأسهِ. والضفادعُ ليسَ لها أُذُنٌ خارجيةٌ، فتوجدُ طبلةُ الأُذُن على سَطْح الجسم، بينما أذنُ الطيورِ لها قناةُ سَمْعٍ ولكنْ ليسَ لَها صيوانٌ.

والأُذُن الوُسْطَى فَجْوَةٌ صغيرةٌ في عَظْمِ الرأسِ، تمتدُّ فيها ثلاثةُ عِظَامٍ صغيرةٍ، أو عُظَيمَات، أُطلق عليها أسماءٌ تَتَّفِقُ وأشكالَها.

أولُّها هي "المِطَرَقَةُ" ترتكزُ على طبلةِ الأذنِ من ناحيةٍ، بينما ترتكزُ من طَرَفِهَا الآخر على "السِّنْدَان" (وهو ما يَطْرُقُ عليْه الحدَّادُ الحديدَ الساخنَ)، التي ترتكزُ بدورِهَا على "الرِّكاب" (وهو الجزءُ المتدلِّي من الـسَّرْجِ الذي يَضَعُ فيه الفارسُ قَدَمَه).

وطرفُ الرِّكاب الآخرُ مُثَّبَتٌ بغشاءٍ متينِ يفصلُ الأذنَ الوُسْطَى عن الأذنِ الداخليّةِ، ويُسَمَّى "النافذةَ البَيْضِيَّةَ".

 

والأذن الوسطى مملوءةٌ هَوَاءً، وهي تَتَصِّلُ بهواءِ البُلْعُوم بقناةٍ تسمَّى "قناةَ يُوسْتَاكْيُوس"، (وهو اسمُ طبيبٍ إيطاليِّ في القَرْنِ السادس عَشَـر). ووظيفةُ هذه القناةِ أن تجعلَ ضغطَ الهواءِ متساويًا على وَجْهَيْ الطَّبْلَةِ.

وعندَ صعودِ الطائرةِ أو هبوطِها يُحِسُّ راكبُها بشـيءٍ من الأَلَم في أُذُنِه مع طَنِينٍ وضَعْفٍ مؤقتٍ في السمعِ. وسببُ هذا هو التَغَيُّرُ المفاجئُ في ضغطِ هواءِ الأُذُن الخارجيةِ.

وعلاجُ ذلك التثاؤبُ أو تَكْرَارُ البَلعِ بمَضْغِ قِطْعةٍ من العِلْكِ أو الحَلْوَى، فإن هذا يفتحُ قناةَ يوسْتَاكْيُوس ويُعَدِّلُ ضغطَ الهواءِ في الأذنِ الوسطى بحيثُ يصبحُ مساويًا لضغطهِ الجديدِ في الأُذُنِ الخارجيةِ.

 

ويَظُنُّ بعضُ الناسِ خطأً أن السوائلَ، كالدواءِ الذي يُصَبُّ في الأُذُنِ، يُمْكِنُ أن تَمُرَّ من الأُذُنِ الخارجيّةِ الى البلعوم. ولكنَّ هذا غيرُ صحيحٍ، فالطَّبْلَةُ السليمةُ تُقْفِلُ الأُذُن الخارجيةَ تماماً.

أما الأذنُ الداخليّةُ فهي الجزءُ العَصَبِيُّ الحِسِّـيُّ، الذي يمكنُ اعتبارُه الأذنَ الحقيقةَ، وتركيبُها شديدُ الدِّقَةِ والتعقيد، ولكنَّنَا سوف نكتفِي بوَصْفٍ بسيطٍ لها.

وتتكوّن الأذنُ الداخليّةُ من قنواتٍ عَظْمِيَّةٍ تمتَدُّ في داخِلها قنواتٌ غشائيةٌ مملوءةٌ سائلاً، وفيها جزءان رئيسان: "القَوْقَعَةُ"، وهي قناةٌ مَلْفوفَةٌ تشبه قوقعةَ حيوانِ الحلزونِ، وثلاثُ "قنواتٍ هلاليةٍ" متعامدةٌ. وينقلُ العصبُ السمعِيُّ الإِشاراتِ العصبيةَ من القوقعةِ والقنواتِ الهلاليّةِ الى الدّماغِ.

 

والوظيفةُ الأولى للأُذُن هي سَمَاعُ الأصواتِ. والأجسامُ التي تُحْدِثُ صَوتًا تَهْتَزُّ، فيهتزُّ الهواءُ باهتزازِها. وتنتقلُ اهتزازاتُ الهواءِ في شكلِ موجاتٍ تنتشرُ في كُلِّ اتجاهٍ، وعندما تدخلُ موجاتُ الصوتِ قناةَ السمعِ تصلُ الى الطبلةِ فَتَهُزُّهَا هزَّا يناسبُ الصَّوتَ، حادًّا أو غليظًا وقَوِيًا أو ضعيفًا.

وتَهُزُّ الطبلةُ عظيماتِ الأذنِ الوُسطى الثلاثِ، ثم تنتقلُ الاهتزازاتُ الى غشاءِ النافذةِ البيضيةِ، فيهتزُّ السائلُ الموجودُ في القوقعةِ، فتتحركُ أهدابٌ -تشبهُ الشَّعْرَ- في أَغْشِيةِ القَوْقَعَةِ. واهتزازُ هذه الأهدابِ ينتقلُ في صورةِ رسالاتٍ عَصَبيَّةٍ، ينقلُها عَصَبُ السَّمْعِ الى الدماغ.

ويقومُ الدماغُ بتحليلِ هذه الرسالاتِ وفَهْمِها في صورةِ أَصْواتٍ وكَلِمَاتٍ وأَنْغَامٍ متنوعةٍ. ومن لُطْفِ الله بِنَا أنَّ آذانَنا لا تسمعُ الأصواتُ الخافَتَة جِدَّآ، كحركةِ عضلاتِنا ونَبْضِ قلوبِنا، وإلاَّ عِشْنَا في إزعاجٍ دائمٍ.

 

أما الوظيفةُ الثانيةُ للأُذُن فهي التوازنُ والإِحساسُ بوَضعِ الجسمِ واتِّجاهِ حَركَتِهِ، وتقومُ بها القنواتُ الهلالِيِّةُ.

وفي هذه القنواتِ أهدابٌ وحُبَيْبَاتٌ دقيقةٌ منتشـرةٌ في سائلِ القنوات، فإذا أملنا رؤوسنا أو أدرناها تحركت الحبيبات في السائِل واحتَكَّتْ بالأهدابِ بزوايا وقُوَىً مختلفةٍ.

وتنتقلُ هذه المعلوماتُ من الأهداب الى الدِّماغِ عن طريقِ عَصَبِ السَّمْعِ.

 

ويستجيبُ الدِّمَاغُ لهذه المعلوماتِ على الوَجْهِ المُنَاسِبِ. فَلَوْ أنَّ قَدَمَكَ انزَلَقَتْ وأوْشَكْت على الوُقوعِ على ظَهْرِكَ أصدرَ الدماغُ أوامرَه إلى عضلاتِ جسمك لتحاولَ إعادةَ وَضْعِكَ قائمًا هكذا.

وأذا أَخَذْتَ تدورُ حَوْل نَفْسِكَ فترةً ثم تَوَقَّفْتَ، شعرتَ بأن الأشياءَ تدورُ مِن حَولِكَ. وتفسيرُ ذلك أن الدورانَ يجعلُ الحبيْبات تدورُ في سائلِ القنواتِ، وهي تستمرُّ دائرةً بعدَ تَوَقُّفِكَ، فتَنْقِلُ هذا الإحساسَ الى الدِّماغِ،

ولما كنتَ أنتَ قد أصبحتَ ثابتًا، تَخَيَّلْتَ أنَّ الأشياءَ كُلَّها تدورُ مِنْ حَوْلِكَ،

وهذا ما يُسَمَّى بالدُّوَار. وبعض الناس يُصابُ بالدُّوار إذا رَكِبَ سفينةً أو طائرةً بَلْ رُبَّما سيارةً، وهذا ما يعرف "بدوارُ السَّفَر".

 

وسببُ ذلك أن عضوَ الاتِّزان عِنْدَهُم يكونُ حسَّاسا فيبعثُ برسالاتٍ إلى الدِّماغِ تسببُ الدُّوارَ والقَيْءَ والصُّداعَ. ويُعَالَجُ هؤلاءِ الناسُ بعقاقيرَ خاصةٍ يتناولونَها قَبْلَ سَفَرِهْم.

وقد تصابُ الأُذُن الخارجيَّةُ بالالتهاب بسببِ التَلَوُّثِ أو بَقَاءِ المَاءِ فيها فَترةً طويلةً، ولِذَلِكَ يجبُ المحافظةُ على نظافَةُ الأذنيْن وجفاِفهمَا وسَدِّهما بسداداتٍ خاصةٍ قَبْلَ السِّباحة.

ولكنَّ محاولةَ التنظيفِ بالأعوادِ قد تدفعُ القَذَرَ الى داخِلِ الأُذُن، كَمَا أن الأعوادَ الحادَّةَ قد تَثْقُبُ الطَّبْلَةَ، وهذا أَمْرُ خطير يهدِّد بفَقْدِ السَّمع. وقد تنثقبُ الطبلة أيضاً من حُدُوث انفجارٍ قويٍّ قريبٍ.

 

وقد تلتئمُ الطبلةُ المنثقبةُ بالعلاجِ المناسِب، أو تحتاجُ جِراحَةً دقيقةً. وقد يتراكمُ الصِّملاخُ في قناةِ السمعِ وينبغي تركُ إزالتهِ للطبيبِ المختصِّ. وقد تصابُ الأذنُ الوُسْطَى بالالتهابِ نتيجةَ انتقالِ الميْكروبات اليها عَبْرَ قناةِ يوسْتاكْيُوس بعدَ الإصابةِ بالزُّكَام أو التهاب الحَلْقِ أو اللَّوْزَتَيْن.

وعندئذٍ لا تتحرَّكُ العُظَيْمَاتُ حَرَكةً كاملةً فيضعفُ السمعُ مُؤَقَّتاً مع الشُّعورِ بالأَلِمَ.

وقد تَحْدُثُ الشَّكْوى أيضاً بسببِ تَوَرُّمِ قناةِ يوسْتَاكْيوس وعدمِ وصولِ الهواءِ إلى الأذن الوسْطَى.

 

وفي بعضِ الأحيان تَتَصَلَّبُ عُظَيْمَةُ الرِّكَابِ فتصبحُ غيرَ قابلةٍ للاهتزاز، وهذا يَتَطَلَّبُ علاجَها بالجراحة أو تثبيتِ ركابٍ مُصْطَنَعٍ موضعَ الرِّكابِ التالِفِ. أما التهابُ الأذنِ الداخليةِ فيسبِّبُ الدّوارَ والطنينَ، وقد يُحْدِثُ شعورًا بالغَثَيَانِ مَعَ فَقْدِ التَّوازُنِ وضعِف السَّمعِ.

والأصواتُ المرتفعةُ، كضجيج الآلاتِ والموسيقَى الصاخبةِ تُضْعِفُ السَّمعَ، وقد تسببُ الصَّمَمَ بمُضـيِّ الوقتِ. والأشخاصُ الذين يعملون في ضجيجٍ عليهم أن يحفظوا آذانَهم بسداداتٍ خاصة. وقد يَحْدُثُ الصَّمَمَ بتقدُّمِ العمرِ.

ويمكنُ أن يعالَجُ كثيرٌ من حالاَتِ الصَّمم باستخدامِ أجهزةٍ صغيرة، تعملُ بالبطارياتِ الكهربائية، تلتقطُ الأصواتَ وتكبِّرُها، ثم تُرْسِلُهَا الى عظيْمات الأذن الوسطى. وبعضُ هذه الأجهزة يُثَبَّتُ خَلْفَ الأذن، فينقلُ الأصواتَ إلى عظامِ الرَّأسِ ومنها إلى الأُذُن الدَّاخليةِ دون مرورٍ عَلَى الأُذُن الوُسْطَى التالِفة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى