العلوم الإنسانية والإجتماعية

الأسباب الكامنة وراء نهي الله تعالى ورسوله من التحلي بصفة البُخل

1993 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

صفة البُخل العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

البُخلُ صِفةٌ لا يُحِبُّها اللّه، فلا يحب اللهُ أنْ يكونَ المسلمُ والمسلمةُ بخيلين، بل إنه يُحبُّ أنْ يكون المُسلم والمسلمةُ كريمين.

والإسلامُ يُربِّي أبناءَه على الكرم، فالكريمُ قريبٌ من الله، أما البخيلُ فإنه بعيدٌ عن الله، والبخيلُ يُمسكُ الأموالَ ويُخزِّنها، ويظن أنه إذا أنفقَ المالَ لا يأتيِه غيرُه.

وهو لا يُعطِي من أموالِه الفقراءَ والمساكين، ولا يدعو أهلَه وأصدقاءه إلى بيته ويُقدِّم لهم الطعامَ والشـرابَ فهو لا يُحب الضُّيوفَ.

 

وهو يَبخَلُ حتى على نفسِه، فلا تَظهرُ عليه نعمةُ المالِ الذي أعطاه الله إياه، فلا يَأكلُ الطعامَ الحَسَنَ الطيِّبَ، ولا يَلبسُ الملابسَ الحسنةَ النظيفةَ، مع أنُّه يملك الأموالَ الكثيرة التي يُمكنهُ بها أن يَشتريَ ما يريدُ. ولذلك فإن البخيلَ يَضرُّ بنفسِه.

والبخيلُ الذي يَمنعُ نفسَه من الطَّيَّبات سَيمنَعُ الخيرَ عن غيرهِ أيضا، فلا يُنفقُ أموالَه للفقراء والمساكين الذين يحتاجون إلى قليلٍ من ماله وقد لا يُعطي البخيلُ حقَّ اللّه – تبارك وتعالى – فلا يَدفعُ الزكاةَ التي جَعلَها الله تعالى واجبةً على القادرين تُدفعُ للفقراء والمساكين وغيرِهم من المستحقين.

والبخيلُ يكونُ دائما خائفا مُضطربا، يَخشـى إذا أَنفقَ شيئا من أموالِه ألاَّ تأتيه أموالٌ غيرها.

 

لَكنَّ الكريمَ الذي يُنفقُ المالَ لكل مَنْ يحتاجُه من أصدقائِه وأقاربِه ومن الفقراءِ والمساكين، وتَظهرُ نِعمةُ الله عليه فيأكلُ أحسنَ المأكولات ويشـربُ أحسنَ المشـروبات تَكُونُ نفسُه هادئةً طيبةً، ويُبدِّلُه الله تبارك وتعالى عن المال الذي أنفقَه أكثرَ منه.

ولذلك يقولُ نبيُّنا محمدٌ، صلى الله عليه وسلم، "ما مِنْ يوم يُصبِحُ العبادُ فيه، إلا مَلَكَانِ يَنزلان، فيقول أحدُهما: اللهمَّ أَعْطِ مُنفِقا خَلفا – أي أعطِ الكريمَ بدلاً عن مالِه الذي أنفقه – ويقول الآخر: اللهم أَعْطِ مُمسِكاً تَلَفَا – أي البخيل الذي يُمسك المال أتْلفْ اللهمَّ مالَه –".

 

والبخلُ مرضٌ يجب على كل مسلم ومسلمة أنْ يَتخلصَ منه، لأنَّ المسلمَ المؤمنَ الصادق لا يكونُ بخيلاً، لأنَّ البخيلَ لا يكونُ من المؤمنين المفلحين في الدنيا والآخرة.

ولذلك يقولُ اللهُ تبارك وتعالى في القرآن الكريم: قال تعالى(وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر: 9) أي أنَّ مَنْ يَتجنَّبُ البُخلَ فهو من المفلحين.

ويُبَيِّنُ لنا النبيُّ محمدٌ، صلى الله عليه وسلم، أنَّ البخلَ لا يَجتمعُ مع الإيمانِ في قلبِ المؤمنِ والمؤمِنَةِ فيقولُ "خَصلتان لا يَجتمعان في قلبِ المؤمنِ، البخلُ وسوءُ الخُلُقِ".

 

ويُحذِّرُنا النبي، صلى الله عليه وسلم، من البخلِ كما يُحذِّرنا من الظُّلمِ، فيقولُ: "اتقوا – أي ابتعدوا عن – الظلمِ فإنَّهُ ظُلماتٌ يومَ القيامةِ، واتقوا الشُّحَّ – أي البخلَ – فإنَّ الشح أَهلكَ من كان قبلَكم".

والبخيل دائما لا يَـضُرُّ إلا نفسَه ولذلك يقولُ اللهُ تعالى(هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ ۖ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد:38).

 

فالفقراءُ والمساكين سيرزقُهم الله تعالى المالَ الذي يَشترون به ما يُريدون، ولكنَّ البخيل سيخسـرُ الأجرَ والثوابَ من اللهِ تعالى وسيكرهُه الناسُ ولا يحبونه.

فعلينا أنْ نكونَ بَعيدينَ عن البخلِ، ولا نخافَ مِنْ أنْ نُعطيَ الأموالَ والهدايا للفقراءِ والمساكين والمحتاجين، ولا نمنعَ عن أنفسِنا الطيباتِ مِنَ الأكلِ والشـربِ، والتَّمتُّعَ بكلِّ ما أبَاحهُ اللهُ تعالى لنا في هذه الحياةِ الدنيا، وعلينا أنْ ندعوَ أصدقاءَنا وكلَّ مَنْ نُحبُّ إلى بيوتِنا، ونُقدِّمَ لهم أحسنَ ما عندنا من أكلٍ وشَرابٍ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى