الاماكن والمدن والدول

نبذة تعريفية عن مدينة “غرناطة”

2002 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثالث عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مدينة غرناطة الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

غرناطة مدينة أنشأها المسلمون في بلاد الأندلس، وتقع في جنوب شرقي أسبانيا حاليا.

كانت مركزا حضاريا ومقرا للتراث والثقافة الإسلامية، يقصدها السائحون من جميع أنحاء العالم في الوقت الحاضر.

وتسمى بالأسبانية: «جرانادا»، ومعناها الرمانة، وذلك لأن هذه المدينة تشتهر بكثرة الرمان فيها. (وتوجد مدينة أخرى باسم «جرانادا» أنشأها الأسپان في نيكاراجوا). ولأن غرناطة تقع في مكان مرتفع سميت في عهد الروم باسم «سنام الأندلس».

 

وغرناطة اليوم ولاية ومدينة. أما ولاية غرناطة الحديثة فتشمل مساحة تبلغ خمسة آلاف ميل مربع وتحدها من الشمال ولايات قرطبة وجيان والبسيط، ومن الجنوب البحر، ومن الشرق ولايتا المرية ومرسيه، ومن الغرب ولاية مالقا، وتخترقها جبال «سيرا إندا» أي «جبل الثلج»، ويرويها نهر الوادي الكبير.

وقد خصها الله بالهواء الطيب والماء الغزير، وتربتها خصبة صالحة للزراعة، وتمتد شرقها سهول واسعة، وكان الناس يرتادونها ليريحوا أنفسهم من عناء التعب.

وتضم ولاية غرناطة حاليا العديد من المدن، منها: بسطه، وشكر، ولوشة، وحصن اللوز، وغيرها. ومدينة غرناطة هي عاصمة الولاية، ويخترقها نهر «حدرة» وهو فرع من نهر الوادي الكبير.

 

وقد أنشأ غرناطة زعماء «بني زيري» الذين قدموا إلى الأندلس من أفريقيا وبلاد المغرب، فأقاموا في غرناطة مملكة دامت حوالي ثمانين سنة.

ومؤسس تلك المملكة هو «زاوي بن زيري» الذي لعب دورا في الفتنة البربرية ومكث في غرناطة عشرين عاما ثم رحل إلى القيروان عام 410 هجرية طمعا في عرشها.

وتولى الحكم بعده في غرناطة ابن أخيه «حبوس بن ماكس» فاستبد بالحكم وصار من أعظم ملوك الطوائف من القصور والمساجد، وقسم غرناطة على أقاربه.

 

ثم توفي حبوس وجاء بعده ابنه «باديس» الذي وطد نفوذه في غرناطة وأنشأ جيشا قويا وقضى على كل المعارضين له وزاد في عمارة غرناطة وشيد حصونها ومتن أسوارها. ولا تزال أطلال قصور بني زيري قائمة إلى اليوم على مقربة من دار الجباس.

وقد شارك ملوك بني زيري في معركة الزلاقة سنة 479 هـ إلى جانب ملوك الأندلس والمرابطين ضد النصارى.

وكان النصر حاسما لصالح المسلمين، وتحطمت آمال الأسبان في استرداد الأندلس فتأخر سقوطها في أيديهم أربعة قرون. ثم خضعت غرناطة لولاة المرابطين، وهم جماعة مجاهدة ساهمت في نشر الإسلام في بلاد الأندلس، ثم الموحدين من بعدهم، ثم قامت فيها دولة بني نصر أو بني الأحمر عام 635 هـ (1328م)، وهي السنة التي اتخذ فيها «محمد بن نصر» مدينة غرناطة عاصمة لها وأنشأ حولها مملكته فيما بعد.

 

وقد كانت غرناطة، وما زالت حتى اليوم، تجمع بين الزراعة والصناعة والتجارة، وتزرع فيها الحبوب والكروم والخضراوات والفواكه بكثرة، مثل الرمان والتفاح والخوخ (الدراق).

وأهم صناعاتها النسيج والرخام والمعادن والزجاج والفخار والزيوت والبارود، كما شهدت نشاطا تجاريا كبيرا، وذلك بفضل وجود «قيسارية» بالحاضرة غرناطة وانتشار الأسواق والفنادق والمتاجر والحمامات في كل مدن المملكة، وكثرت الخيرات فيها، وكان الدينار العملة الرئيسية في غرناطة.

وكانت غرناطة تضم العديد من الأحياء منها: الحمراء، وهي دار الملك، في جنوبها الشرقي ثم تل السبيكة، وربض (ضاحية) الفخارين، وربض قمارش، وربض المنصور، وهذه تؤلف نصفها الجنوبي.

 

أما نصفها الشمالي فكان يشغله ربض البيضاء، وربض البيازين، والقصبة القديمة، وغيرها. وسادت في غرناطة نهضة علمية وثقافية هائلة، وذلك بفضل تنافس الملوك في اجتذاب الشعراء والكتاب والعلماء.

وتمتاز غرناطة بكثرة منشآتها العلمية والفنية والاجتماعية، وكانت أيام الدولة الإسلامية أعظم مركز للعلم في الغرب الإسلامي.

وأشهر منشآتها قصر الحمراء، كما يوجد قصر «جنة العريف» بأورقته الأنيقة ونوافيره الفضية الساحرة، وحي البيازين الذي تمتاز شوارعه الضيقة بالطابع الأندلسي، ويقع شمال شرقي غرناطة وقد نقشت على شرفاته وحاناته عبارة «الحمد لله على نعمة الإسلام»، ويسكن فيه أكثر عائلات غرناطة ثراء وجاها.

 

وكان لغرناطة الإسلامية عشرون بابا لم يبق منها اليوم سوى القليل، مثل باب البيازين وباب فحص اللوز. وكان لكل شارع باب يغلق في الليل.

كما أنها تشتهر بالمسجدين القديمين اللذين تم تحويلهما إلى كنيسة «سان سلفادور»، وما زالت في مؤخرتها بقية من أسوار المسجد الجامع.

وتشتهر غرناطة بميدان «باب الرملة» الذي تعقد فيه الحفلات العامة لا سيما حفلات الفروسية. وتوجد فيه نافورة كبيرة تقع وسط ساحة كبيرة تنتشر فيها محلات لبيع الزهور.

 

وفي مواجهة باب الرملة من جهة الغرب تقع «القيسارية» الشهيرة وهي سوق غرناطة التي تشتهر بطرقاتها الضيقة وحوانيتها المتلاصقة حيث تشتهر بالمنسوجات الحريرية والتحف المعدنية الدقيقة الصنع.

وأشهر منشآت غرناطة «المدرسة النصرية» التي بناها السلطان «يوسف أبو الحجاج»، كما يوجد فيها الفندق أو الخان، وهو بناء عربي قديم ذو باب ضخم نقشت عليه سورة الإخلاص ﴿ قل هو الله أحد﴾.

وهناك بناء أندلسي قديم يطلق عليه اسم «دار الرماية»، وهو صرح كبير له بهو ضخم، وكان قصرا لأحد الحكام في غرناطة، ويستعمل اليوم متحفا تعرض فيه مجموعة من الصور التاريخية كما يوجد فيها العديد من الأسوار المتينة.

 

ومن الآثار الأندلسية الباقية في مدينة غرناطة «قصر شتيل»، ويقع خارج المدينة، ويوجد فيه بهو ذو قبة مزينة بالمقرنصات.

ويطل القصر على وادي شتيل الذي يحتوي على الحدائق التي تعد متنزها لأهل غرناطة، وقد استعمل هذا القصر بعد ذلك دارا للضيافة.

ويتكون مجتمع غرناطة الإسلامية من عناصر مسلمة، مثل العرب والبربر والمولدين، وعناصر غير مسلمة مثل اليهود.

 

وبفضل التسامح الديني لدى المسلمين تزايد عدد اليهود في غرناطة واندمجوا في طبقات المجتمع، وكانوا أغنياء وينحصر عملهم في التجارة.

وقد اشتهر أهل غرناطة بحسن الصورة ورقة الأخلاق والطاعة لأهل الحكم والصبر والتدين والنظافة وحب الموسيقى.

والنساء في غرناطة، كغيرهن من نساء مدن الأندلس، أكثر تحررا من نساء المشرق، وكن يخرجن في المناسبات ويختلطن بالرجال واشتهرن بالجمال، وحب التزين، ولهن مكانة علمية وأدبية بالجمال، وحب التزين، ولهن مكانة علمية وأدبية مرموقة، وتقلدن وظائف عدة مثل الطبيبة والمغنية والحجامة والمعلمة والعاملة في مصنع الغزل والنسيج.

 

ولأهل غرناطة أعياد ومواسم دينية مثل عيد الفطر والأضحى، كما عرفوا أعيادا قومية مثل «عيد العصير» الذي يقام عند جني محصول العنب، كما كانوا يحتفلون بالزواج والانتصار في المعارك.

وكان مجتمع غرناطة يتكون من ثلاث طبقات: الأولى أرستقراطية تعيش حياة الترف والنعيم، وأخرى فقيرة تعيش في حالة فقر دائم، وثالثة وسط بين الاثنين.

وقد أغار المسيحيون على غرناطة عام 836هـ ونهبوا وخربوا، لكنهم هزموا آخر الأمر عند مدينة «أرقيدونه».

 

غير أن حربا داخلية نشبت في غرناطة بين أمراء المسلمين أنفسهم استمرت عدة سنوات، سفكت فيها الدماء وازدادت الحالة سوءا عندما استولت جيوش «فريدناند وإيزابيلا» على مملكة غرناطة عام 897 هـ (1392م).

واستمرت غرناطة حتى أواخر القرن الثامن عشر تحتفظ بالكثير من مظاهرها الأندلسية مثل الدروب الضيقة والمشربيات الأندلسية.

ومعظم التغيرات والإصلاحات الحديثة تمت في القرن التاسع عشر حيث تحولت إلى مدينة أوروبية، وقسمت إلى ثلاث مقاطعات، هي: غرناطة، وملقا، والمريه. ويبلغ عددث سكانها حاليا حوالي 471 241 (إحصاء 1998م).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى