الاماكن والمدن والدول

نبذة تعريفية عن مدينة “صنعاء” المتواجدة في اليمن

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مدينة صنعاء اليمن الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

صَنْعاءُ هي عاصمةُ الجُمْهورِيَّةِ العربية اليَمَنِيَّةِ، وتَقَعُ وَسَطَ سَهْلِ «أَفْيَح» المُمْتَدِّ منَ الشَّمالِ إلَى الجنوبِ.

ويَحُدُّ هذا السَّهْلَ منَ الشَّرْقِ «جَبَلُ نقم» ومِنَ الغَرْبِ جبلُ «عصر» و«عبيان».

ويَبْلُغُ ارْتِفاعُها حوالي 2350 مترًا فوق سَطْحِ البَحْرِ. وتَقَعُ المدينَةُ عِنْدَ تَقاطُعِ دائِرَةِ عَرْضِ 15° 02`  شمالاً وخَطِّ طولِ 44° شرقًا.

 

وهذا الموقِعُ الجغرافِيُّ المُتَوَسِّطُ لِصَنْعاءَ جَعَلَ مُناخَها مُعْتَدِلاً جافًّا، حيثُ تَمُرُّ عَلَيْها كُلُّ فُصولِ السَّنَةِ كَما في جِبالِ «السّـَراه». وتَتَراوَحُ دَرجاتُ الحرارَةِ فيها بَيْنَ 22° و27° س صيفًا وبَيْنَ 10° و16° س شتاءً.

ويَبْلُغُ مُعَدَّلُ الأَمْطارِ التي تَسْقُطُ عَلَيْها بينَ 200 و300 ملّيمتر في السَّنةِ. وتزيدُ كَمِّيَّةُ الأَمْطارِ في فَصْلِ الصَّيْفِ فتَصِلُ إلَى 1000 ملّيمتر، نتيجةً لهبوب الرِّياحِ المَوْسِمِيَّةِ على اليَمَنِ في فَصْل الصَّيْفِ.

صَنْعاءُ مدينةٌ تاريخِيَّةٌ قَديمَةٌ وعَريقَةٌ. وقد اخْتَلَفَتْ الآراءُ حَوْلَ تاريخِها وسَببِ تَسْمِيَتِها. وقَدْ أَشارَ الفَخْرُ الرَّازِي إلى أنَّ أَوَّلَ مَنْ بَناها هو «سامُ بنُ نُوح»، عَلَيْه السَّلام.

 

وقَدْ ارْتَقَتْ إلَى مَرْتَبَةِ المُدُنِ الكَبيرَةِ، وأَصْبَحَتْ عاصمةً للبلادِ بعدَ تَدْميرِ مَدينَةِ «مَأْرِب» عاصمَةِ الدَّوْلَةِ السَّبَئِيَّةِ وتَفَرُّقِ شَمْلِ «آلِ سَبَأَ» وظَلَّتْ إلَى مَدَى أَلفَيْ عامٍ مَيْدانًا لِلْحَرْبِ ومَرْكزًا للمُنازَعاتِ نتيجةً لِجَمالِها وكَوْنِها أَغْنَى بِقاعِ شِبْهِ الجزيرَةِ العَرَبِيَّةِ آنَذاك. وكانَ الشُّعَراءُ قَديمًا يَتَغَنُّوْنَ بِحَدائِقِها الجَميلَةِ ومِياهِها الجارِيَةِ.

ومَدينَةُ صَنْعاءَ القَديمَةِ ذاتُ طابَعٍ عُمْرانِيٍّ مُمَيَّزِ، حَيْثُ يحيطُ بها سورٌ كبيرٌ من الطِّينِ، تَرْجِعُ أَقْدَمُ أَجْزائِهِ إلَى أيَّامِ الأَيُّوبِيِّين في اليَمَنِ.

وكانَ لهذا السُّورِ عَشَرَةُ أَبوابٍ، لَمْ يَبْقَ مِنْها سِوَى بابٍ واحِدٍ هو «بابُ اليَمَن الجَنوبِيّ» ويَقَعُ في المَدينَةِ.

ذلك تَتَمَيَّزُ المدينَةُ بجَمالِ منازِلِها المَبْنِيَّةِ علَى الطِّرازِ الصَّنْعانِيِّ التَّقْليدِيِّ القَديمِ مِنَ الحَجَرِ المُلَوَّن أو الآجُرِّ، وقَدْ تكونُ من طابَقٍ واحِدِ أو عِدَّةِ طَوَابِقَ.

 

وقد اشْتَهَرَتْ صَنْعاءُ قبلَ الإسْلامِ بقُصورِها الجَميلَةِ مثلِ قَصْرِ غمدانَ وكنيسَةِ القُلَّيْس الّتي بَناها أَبْرَهَةُ الحَبَشِيُّ في القَرْنِ السّادِسِ الميلادِيِّ .

كذلك تَشْتَهِرُ صنعاءُ بالعديدِ مِنَ المساجِدِ أَبْرَزُها «الجامِعُ الكبيرُ» الّذي بَناه «وير بنُ يحنس» الأَنْصارِيُّ بِأَمْرٍ من الرَّسولِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، في السَّنَةِ السَّادِسَةِ لِلْهِجْرَةِ، وتَمَّ تَوْسيعُهُ وتَرْميمُ بِنَائِه عِدَّةَ مَرَّاتٍ.

ويوجَدُ فيها أيضا العديدُ من الأَسْواقِ، وهي تَضُمُّ حوانيتَ صغيرَةً تَتَّسِمُ بالطَّابَعَ القَديمِ ويُسَمَّى باسْمِ الحِرَفِ المُتَداوَلَةِ أو السِّلَعِ المُباعَةِ فيها.

وتَتَمَيَّزُ المَدينَةُ القَديمَةُ بِوُجودِ الحَمَّاماتِ الّتي تُبْنَى تَحْتَ مُسْتَوَى الأَرْضِ بِخَمْسَة أَو سِتَّةِ أَمْتارٍ، وذَلِكَ حَتَّى يَسْهُلَ توزيعُ المِياهِ المَسْحوبَةِ من الآبارِ إلَى أَرْجاءِ الحمَّامِ ولِكَيْ يحتفظَ الماءُ بِدَرَجَةِ الحَرارَةِ المَطْلوبَةِ في هذا العُمْقِ.

 

وتَشْتَهِرُ صَنْعاءُ بِكَثْرَةِ البَساتينِ الّتي تُنْتِجُ أَنْواعًا من الفواكِهِ مثلِ العِنَبِ والسَّفَرْجَلِ والخَضَـراواتِ المُتَنَوِّعَةِ، كما تَتَمَيَّزُ بِصِناعَةِ النَّسيجِ التَّقْليديَّةِ مِثْلِ الفُوَطِ والعَباءاتِ والمَفَارِشِ، والأَسْلِحَةِ، والحُلِيِّ الفِضِّيَّةِ والذَّهَبِيَّةِ، والأَحْجارِ الكَريمَةِ مثل العَقيقِ والجَزَعِ اليَمانِيِّ.

ونَظَرًا لِلْخَصائِصِ التَّاريخِيَّةِ الّتي تَتَّصِفُ بها المدينَةُ سَجَّلَتْ مُنَظَّمَةُ اليونِسْكو صَنْعاءَ القديمَةَ تُراثًا حَضاريًا إنْسانيًا يجبُ المُحافَظَةُ عَلَيْه وحِمايَتُهُ.

وقَدْ تَمَّ بالفِعْلِ رَصْفُ مُعْظَمِ شَوارِعِ المدينَةِ بالأَحْجارِ، وذَلِكَ لِكَيْ تَنْسَجِمُ مَعَ البيئَةِ المُحيطَةِ بها من منازلَ ومساجدَ وأَسْواق، كما تَمَّ إكْمالُ شَبَكَةِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ والمَرافِقِ الأُخْرَى الهامَّةِ فيها.

وقَدْ شَهِدَتْ العاصِمَةُ صَنْعاءُ نُمُوًّا مُتَزايِدًا في عَدَدِ سُكَّانِها ومِساحَتِها خلالَ العَقْدَيْنِ الماضِيَيْن، حَيْثُ تَصِلُ مِساحَتُها إلَى حَوالَيْ 664 كيلومترًا مُرَبَّعًا. أمَّا عدَدُ سُكَّانِها فَقَدْ وَصَلَ إلَى 1.303.000 نَسَمَةٍ حَسَب تَقْدير عامِ 2000.

 

وقَدْ زادَ العَدَدُ بنسبة تصلُ إلَى 11% بعدَ قيامِ الوَحْدَةِ اليَمَنِيَّةِ وعَوْدَةِ عَشَراتِ الآلافِ من اليَمَنِيِّين من البُلْدانِ المُجاوِرَةِ إلَى بِلادِهِمْ بعدَ حَرْب الخَليجِ واسْتقرارِ الكثيرِ مِنْهم في العاصِمَةِ صَنْعاءَ نتيجةً لتَوَافُر فُرَصِ العَمَلِ بها، حَيْثُ يُوجَدُ مَقَرُّ الحُكْمِ والوزاراتِ والدَّوائِرِ الرَّسْمِيَّةِ.

وتَتَرَكَّزُ الخِدْماتُ المُهِمَّةُ في صَنْعاءَ مثل المدارسِ لِمراحِلِ التَّعْليمِ المُخْتَلِفَةِ، والتعليمِ الجامِعِيِّ حَيْثُ توجدُ جامعةُ صَنْعاءَ.

 

كذلك تَتَوافَرُ بها الخِدْماتُ الصِّحِّيَّةُ مثلُ المُسْتَوْصَفاتِ والمُسْتَشْفياتِ والمَرافِقِ التَّرْفيهِيَّةِ كالحدائِقِ وغَيْرِها. وكُلُّ ذَلِكَ كانَ لَهُ أَكْبَرُ الأَثَرِ في جَذْبِ عَدَدٍ من السُّكَّان إلَيْها.

وفي هَذِه العاصِمَةِ تَطَوَّرَتْ وَسائِلُ النَّقْلِ البَرِّيِّ والجَوِّيِّ. وقَدْ أَسْهَمَ مَطارُ صَنْعاءَ في عَمَلِيَّةِ التَّغَيُّرِ الاقْتِصادِيِّ والاجْتِماعِيِّ والثقافيِّ، وتَهْيِئَةِ ظروفٍ أَفْضَلَ لِخدْمَةِ العاصمةِ صَنْعاءَ ورَبْطِها بإقْليمِها الواسِعِ وبِمُعْظَمِ مُحَافَظَاتِ الجُمْهورِيَّةِ اليَمَنِيَّةِ. وهذا قد عَزَّزَ مَكانَتَها وأَهَمِّيَّتَها من جميعِ الجَوانِبِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى