الاماكن والمدن والدول

نبذة تعريفية عن “سد مأرب” المتواجد في اليمن

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

سد مأرب اليمن الاماكن والمدن والدول المخطوطات والكتب النادرة

كانتْ مأربُ مُنذُ آلافِ السِّنينَ مركزاً لِمملكةٍ عظيمةٍ في اليمنِ تُسمَّى سبأ.

وتقعُ مأربُ عندَ نهايةِ الجبالِ اليمنيّةِ المُمْتدَّةَ إلى الغربِ منها، وبدايَةِ الصَّحراءِ الواسِعةِ في الشَّرقِ. وأُسِّسَت مدينةُ مأربَ في مَوقع يَبْعُدُ عن مدينةِ صنعاءَ بنحوِ 130 كيلومتراً في اتِّجاهِ الشرق، في مكانٍ يُشرِفُ على وادٍ كبيرٍ يُسمى أذنة.

وهوَ وادٍ يَنحَدِرُ منَ المرتفعاتِ اليمنيَّةِ في الغَرْبِ ويسيرُ ناحيةَ الصّحراءِ في الشَرقِ، وعندما يَصِلُ الوادي إلى مَشارِفِ الصَّحراءِ يتَّسِعُ فَجْأةً مُكَوِّناً سهلاً فَسيحاً. وفي طَرَفِ هذا الوادي تقعُ مدينةُ مأرِب.

 

ومنَ المَعروفِ أنَّ الأمطارَ تَسْقُطُ على مُرتفعاتِ اليَمَنِ بكثْرَةٍ في فَصْلِ الصَّيفِ، فَتنسابُ المياهُ على جوانبِ المُرتفعاتِ في وديانٍ كثيرةٍ ثمَّ تنْصَرِفُ إلى الصّحراء، وتتسرَّبُ في رِمالها ولا يُستفادُ منها إلى بالقليل القليل.

وفَكَّرَ السَّبئيُّونَ في الاستِفادَةِ من هذهِ المياهِ، خاصَّةً وأنَّهُم كانوا أصحابَ حضارةٍ متقدِّمة، فاختاروا مكاناً يضيقُ فيهِ وادي أذنة وينحصرُ بينَ جبلينِ صغيرينِ هُما بلقُ الأيمنُ وبلَقُ الأيسرُ.

وأقاموا سداً عظيماً يَصِلُ بينَ الجَبلين، استُخدِمتْ في بِنائِهِ أحجارٌ ضخمةٌ قُطِعَتْ من جبليْ بُلَقَ، وثُبِّتَ بعضها ببعضٍ بالمِلاطِ أو بِقُضبانٍ من النُّحاسِ أو الرَّصاص.

 

ويُقدِّرُ عُلماءُ الآثارِ أنَّ طولَ هذا السَّدِّ كان حوالي 600 متر ويبلغُ عرضُهُ 80 مترً وارتفاعهُ 15 متراً. وكانَتْ لَهُ فَتحتانِ واحدةٌ في الطَّرفِ الأيمنِ والأخرى في الطَّرَفِ الأيسرِ، عرضُ الواحدةِ منهُما 4 أمتارٍ.

وعندَ اندِفاعِ مياه الأمطارِ في الوادي، كانتْ تصطدمُ بالسّدِّ وتتجمَّعُ أمامَهُ ولا تجِدُ لها مخرجاً سِوى هاتينِ الفتحتينِ.

فإذا خرجتِ المياهُ من الفتحتين سارَتْ في مصارِفَ أو قنواتٍ حفرها السَّبَئيُّونَ بمهارةٍ بحيثُ توزّعِ المياهُ على الأراضي المُرادُ زراعَتها يمين وشمال السّدِّ.

 

وكانت لِهاتينِ الفتحتين مغالِقُ من الأخشابِ يُمكِنُ بواسطَتها التّحكُّمُ في مِقدارِ المياه التي تنسابُ في المصارف والقنواتِ.

وبذلك استطاعَ السّبئيّونَ زراعةَ مساحاتٍ كبيرةٍ من الأرض، وبَنوا فيها قُرى لا تزالُ آثارُها باقيةً حتى الآن.

وقد جاءَ ذكرُ ذلك في القُرآنِ الكريم: قال تعالى(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) سبأ (15).

 

وتدلُّ النُّقوشُ الأثريَّةُ على أنَّ السَّدَّ بُنيَ أوّلَ مرَّةٍ حوالي عام 900 ق.م، ثُمَّ أُصلِحتْ جُدرانُهُ أكثرَ مِنْ مَرَّةٍ بعدَ أن تعرَّضتْ للتَّصدُّعِ.

وتَمَّتْ آخِرُ إصلاحاتِ السدِّ في عَهْدِ أبرهَةَ ملِكِ سَبَأ حوالي عام 542 بعدَ الميلاد، ثُمَّ انهارَ أغلبُهُ عام 575م ولم تَعُدْ لهُ قائمةٌ بعد ذلك فتدهورَتِ المزروعاتُ وهجرَ القُرَى سُكّانُها، وعبَّرَ القرآنُ الكريمُ عن ذلكَ بقولِهِ: قال تعالى(فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ) سبأ (16).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى