إسلاميات

نبذة تعريفية عن النبي يُوسف” عليه السلام”

2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

النبي يوسف عليه السلام إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

وَصَفَهُ نَبيُّنَا مُحمّدٌ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – بأنهُ الكريمُ ابنُ الكريمِ، ابنُ الكريمِ، ابن الكريم، لأنهُ كانَ نبيًّا رسولاً، وكذلكَ أبوهُ وجدُّ جَدِّه، إذ هو يوسفُ بنُ يعقوبَ، بنُ إسحاقَ، بنُ إبراهيمَ – عليهمْ الصَّلاةُ والسَّلامُ.

قَصَّ علينا رَبُّ العزَّةِ – سبحانَهُ – سيرتَه في سورةٍ كاملةٍ عُرفت باسمِه ألا وهي سورةُ «يوسف».

وبدأها بما رآهُ في مَنامِه – وهو في الثانيةَ عَشْرةَ من عمرِهِ – من أنَّ أحدَ عَشَرَ كوكباً سَجدتْ له، وكذلكَ الشَّمسُ والقمرُ، فقصَّها على أبيه، فعبرها له بأنَّ منزلتَهُ سَتعلُو، حيثُ سيختارُهُ ربُّهُ، فيعلِّمُه من تأويلِ الأحاديثِ. 

ويتمُّ نعمتَهُ عليه بالنبوَّةِ والرِّسالَة ووصاهُ بعدمِ ذكرِ ما رأى لأخوتِهِ، إذْ ربَّما يغويهم الشَّيطانُ بإيذائِهِ.

 

وكانَ يوسفُ وبنيامينُ أَخَوينِ لعشرةِ إخْوةٍ، وقد كانا صَغيرينِ فزادتْ رقَّةُ يعقوبَ لهما، وظنَّ الإخوةُ العَشْرَةُ أنَّ أباهم يفضِّلُ يوسفَ عليهم فحاولُوا التخلُّصَ مه ليخلوَ لهم وجهُ أبيهم، وألقوهُ في جبٍّ (بئر) مُدَّعينَ أنّ الذئبَ أكلَهُ في غفلةٍ منهم.

وقدَّرَ اللهُ ليوسفَ أن يباعَ في مصرَ، ويكونَ الّذي اشتراهُ «عزيزا» أيْ صاحِبَ وظيفةٍ عالية، قال تعالى(وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21).

 

وابتلاهُ اللهُ بأن راودتْهُ المرأةُ الّتي هو في بيتِها: أَنْ يأتي منها ما حرَّمَ اللهُ، فامتنعَ مُحْتمياً باللهِ ربِّ العالمينَ، وكرَّرتِ المرأةُ المحاولَةَ وهَدَّدَتْهُ بالسّجنِ إنْ لم يفعلْ، فاختارَ السِّجنَ، ولا يَعْصِي اللهَ، ومكثَ في السّجنِ بضعَ سنينَ.

لم ينقطعْ خلالَها عن مُمارسةِ الدَّعوةِ إلى اللهِ بينَ رُفَقاءِ السّجنِ، وقدَّرَ اللهُ أنْ يرى الملكُ رُؤْيا أزْعَجَتْهُ، ولم يتمكنْ أحدٌ من تفسيرها إلا يوسفَ عليه السَّلامُ، فأطلقَ الملكُ سراحَهُ – وجعلَهُ على خزائِنِ الأرضِ – ليُنفِّذَ الخطَّةَ التي استنبطها من الرُّؤْيا لتخليصِ النَّاسِ من المجاعَةِ الّتي يُعانونَ منها.

وقدَّرَ اللهُ أن يمتدَّ القحْطُ حتَّى يشملَ أرضَ فلسطينَ الّتي يقطِنُها أبوهُ وإخوتُه، وأنْ يأتيَ هؤلاءِ الإخوةُ سِوي بنيامينَ إلى يوسفَ في مصرَ يطلبونَ شراءَ الطَّعامِ، وحينَ رآهم يوسفُ عرفَهم، وهمْ لمْ يعرفوهُ فأكرمَهمْ، وبالغَ في إكرامِهِمْ، وبإغراءٍ منهُ، وحيلةٍ ذَكيَّةٍ مَشْروعةٍ اسْتَطاعَ أن يَحْمِلَهُم على إحضارِ أخيهِ بنيامينَ، وأن يُبقيَهُ لَديْهِ.

 

وزادَ حزنُ يعقوبَ عليه السَّلامُ، وظلَّ يبكي حتى فقدَ بصرَه، ومع ذلك راحَ يتَّخِذُ خطواتٍ عمليةً في البحثِ عن يوسفَ وأخيه، فكلَّفَ أولادَهُ أن يقوموا بذلك، ونَفَّذَ أولادُهُ ما طلبهُ منهم، ودَخَلوا على يوسفَ يَشْكونَ ما همْ فيهِ من ضُرٍّ، ويطلبونَ أن يُسهِمَ في دَفْعِ ذلكَ

وهنا آنَ ليوسفَ – عليه السَّلامُ – أن يذكِّرَهم بما صَنَعُوا معه، ومع أخيهِ بنيامينَ، وحِينئذٍ عَرَفُوا أنَّ الّذي يُحدِّثَهم إنَّما هو يوسفُ، وأنَّ اللهَ فَضَّلَهُ عليهمْ، وما كانَ هذا الفضلُ إلا كما قالَ يوسفُ، قال تعالى(قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)  (يوسف: 90).

فاعترفَ الإخوةُ بخطئِهِم، ونَدِمُوا على ما صَنعُوا، فعَفا عنهمْ، ودَعا لهم بالمغفرِةِ وأعطاهُم قميصَهُ وطلبَ منهم أن يُلقوهُ على وجهِ أبيهِ، ليعودَ إليهِ بصرُهُ، وأن يأتُوا به، وبأهلِهِمِ أجمعينَ إلى مصر، وامتثلُوا لأمرِهِ، وفي جَوٍّ إيماني، عاطفيٍّ بهيجٍ آوى إليهِ أبويه، والتأمَ الشَّملُ

 

وقالَ يوسفُ لأبيه، قال تعالى(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (يوسف: 100)

وهكذا نجحَ يوسفُ – عليهِ السَّلامُ – فيما ابْتُلِيَ بهِ من شِدَّةٍ، ورَخاءٍ وصارتْ سيرَتُهُ مَضْرِبَ المَثَلِ لكمالِ العفَّةِ، والبرِّ بالأبوينِ، وحسنِ صلةِ الأرحامِ، والصبرِ، والتَّقوى، والعفوِ، والصَّفحِ الجميلِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى