شخصيّات

نبذة عن حياة الشاعر”بَشَّارُ بنُ بُرْد”

1993 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشاعر بشار بن برد شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

 بشَّارُ بنُ بردٍ شاعرٌ مُجيدٌ ولِدَ في مدينة البصـرةِ عام 96 هـ تقريبا وعاش حتى عام 168 هـ .

قضَى حياتَه مكفوفا محروماً من نعمةِ البصـرِ. عاصرَ الخلافتين الأمويةَ والعباسيةَ فشهدَ مرحلةً انتقاليةً مُهمةً من تاريخ الحضارةِ العربيةِ الإسلاميةِ.

نشأ بشَّار وسطَ قبيلةِ "بني عقيلِ" ثم رحلَ إلى البادية ليكتسبَ المهارة اللغويةَ حتى لا يقعَ في الخطأ.

لذلك تميَّزَ شعرُه بالفصاحةِ. وبدأ بشَّارُ يقولُ الشعرَ وهو في سن العاشرةِ من عمرِه، ولكنه كان في الوقتِ نفسهِ يترددُ على حلقاتِ دروسِ العلمِ في البصـرةِ.

 

وَنشِطَ بشارُ في قولِ الشعرِ فمدحَ الوُلاةَ الأمويين في البصـرةِ وغيرها من المدن الإسلاميةِ.

وعندما قامت الخلافةُ العباسيةُ ازدادَت شهرتُه وترددَ على الخلفاءِ والوُزراءِ يَشهدُ مجالسَهم الأدبيةَ، واستقرَّ بعد ذلك في مدينته البصـرةِ سنةَ 145 هـ حتى تُوفِّيَ سنة 168 هـ .

وبشارُ بنُ بردٍ واحدٌ من أهم الشعراءِ الذين ساهموا في تَطويرِ الشعرِ العربيِّ، فهو يُمثلُ خاتِمةَ الشعراءِ القدماءِ، وأوائلَ الشعراءِ المُحدَثِين. ففي شعره يجتمعُ القديمُ والجديدُ الذي بدأ يَبرزُ في أوائلِ العصـرِ العباسيِّ.

 

لقد حافظَ على صفات الشعرِ العربيِّ الأصيلِ بمحاولةِ الاستفادةِ من الشعراء القدماء، فسارَ على طريقِهم في اختيار الموضوعاتِ المعروفةِ المُتوارَثةِ من مدحٍ وفخر وهجاءٍ وغزلٍ، وسعَى إلى أنْ يُجوِّدَ فيها.

فقد كان يُشاركُ القدماءَ فصاحتَهم وتمكُّنَهم من اللغةِ العربيةِ لأنه عاشَ في الباديةِ مثلَهم، وقَدَّمَ المعانِي القريبةَ من معانيهم. فحينما كان يمدحُ كان يصِفُ مثلّهم مشاهدَ الطبيعةِ الصحراويةِ ذاكرا حيواناتِها، مُعتمدا أيضا على ذكْرِ القِيَمِ العربيةِ الثابتةِ مثلِ الكرمِ والشجاعةِ والنجدةِ.

ولكنَّ المحافظةَ على القديمِ لم تمنعْه من أنْ يُواكِبَ حركةَ التطور، فقد كان يَستفيدُ منَ العناصرِ القديمةِ ويَعرضُها عرضا جديدا، فهو مثلا يُغَيِّرُ مِنْ المقدماتِ التقليدية للقصائدِ فيتحدثُ عن السفينةِ بدلاً من الجملِ أو الناقةِ.

 

وقد يختارُ موضوعا مثلَ الصداقةِ ليبدأ به قصيدَته. وأَدخلَ كذلك في بعض شعرهِ أسلوبَ القصةِ.

وأخذ بشَّارُ من الحضارةِ اللغةَ السهلةَ والتعبيرَ الرقيقَ والحكمةَ التي اكتسبَها من معرفتِه بالفلسفةِ فجعلها تَجري على اللسانِ سهلةً، مصوَّراً فيها الحياةَ وعلاقاتِ الناسِ بعضِهم ببعضٍ، فهو يُقدِّمُ النصيحةَ قائلا:

إذا بلغ الرأيُ المشورةَ فاستعِنْ

                                                            برأيِ نصيحٍ أو نصيحةِ حازمِ

 

ويقولُ في الصداقةِ:

إذا كنتَ في كلِّ الأمورِ مُعاتِباً

                                                             صديقَك لم تَلْقَ الذي لا تعاتِبُهْ

 

ويتطرقُ إلى مشاهداتٍ من الحياةِ اليوميةِ جاعلا ألفاظَه مناسبةً لموضوعِه، ونَذكرُ هنا أبياتا له يخاطبُ فيها امرأةً يقولُ:

رَبَابةُ ربةُ البيتِ              تَصبُّ الخلَّ في الزيتِ

لها عشرُ دجاجاتٍ            وديكٌ حَسَنُ الصوتِ

 

كتبَ بشَّارُ في كل فنونِ الشعر، كما لاحظنا، ولكنَّ الظاهرةَ المُثيرةَ للعجب هي قدرتُه على الوصفِ، فنحن نعْلمُ أنَّ الوصفَ يعتمدُ اعتمادا كُليَّا على البصَـرِ، وبشَّارُ محرومٌ من هذه النعمةِ، ولكنه استطاعَ أن يتغلَّبَ على هذه العاهةِ ويُبدِعَ في هذا المجالِ، فهو صاحبُ التشبيهِ البديعِ والمشهورِ الذي يَصفُ فيهِ معركةً فيقولُ:

كأنَّ مَثَارَ النَّفْعِ فوقَ رؤوسِنا

                                                                    وأسيافنا ليلٌ تهاوَى كواكبُه

وكما كان بشارُ مُجددا في معانِيه فهو أيضا مجددٌ في طريقتِه في قول الشعر، فقد اهتمَّ بالمُحسناتِ البديعيةِ التي تُحَلِّي وتُجمَّلُ القصائدَ، واتجهِ إلى التنويع في موسيقَى الشعرِ، فاستخدمَ أنواعا من الأوزانِ الشعريةِ القصيرةِ التي تمتازُ بالخِفةِ والسهولةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى