العلوم الإنسانية والإجتماعية

تأثير العلم في المجتمع

1998 تقرير1996 عن العلم في العالم

KFAS

تأثير العلم العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

لقد أصبح العلماء لاعبين أساسيين في عملية التغيّر الاجتماعي، وبالفعل، فإن التحالف بين العلم والتقانة يعزز من مردود الأعمال البحثية على كل جوانب النشاط البشري.

فنجد أولا أن التغيرات التقانية الناتجة عن الاكتشافات العلمية تتزايد سرعة تواترها. ويعود السبب في ذلك إلى التناقص المستمر في الفترة الزمنية اللازم انقضاؤها بين حدوث الاكتشاف وتطبيق نتائجه.

وتتضح هذه الظاهرة بالذات عندما يتعذر في كثير من الأحيان -كما هي الحال بالنسبة إلى العلوم الحياتية-رسم حدود واضحة المعالم بين الأبحاث الأساسية والأبحاث التطبيقية والتطوير التقاني.

وتمثل الأبحاث الطبية حالة نموذجية في هذا الصدد: فعندها يتم تعرّف جين يؤدي تشوهه إلى الإصابة بمرض ما، يعقب ذلك بصورة فورية تقريبًا تطوير الاختبار الوراثي المناظر.

وفي العمليات الحاسوبية، وهي التي تتطلب استخدام نماذج رياضياتية، فإن أداء النظم يتحسن على نحو من التسارع يجعل كلا من المكونات المادية والبرامجيات الحاسوبية في حالة من العتق الدائم.

 

وبالطبع، يؤدي استبدالها إلى تغيرات متواصلة في طرق العمل وأساليب التفكير. وتنطبق هذه الحال أيضًا على سائر قطاعات النشاط.

وقد أورد رئيس الجمهورية الفرنسية في الكلمة التي ألقاها بمناسبة إنشاء اللجنة الاستشارية الوطنية الفرنسية للأخلاقيات عام 1983 "إن العلم يسير بخطى أسرع من خطى البشرية."

ولم يعد العلم مرتبطا بنتاجه من الابتكارات التقانية فحسب. فالعلم والاقتصاد يعتمد أحدهما على الآخر بشكل متزايد. وبالفعل، نجد أن نمو السوق العالمية يعتمد على نشوء الأسواق الجديدة المتولدة عن الابتكارات.

وثمة علاقة تلازمية تربط بين التزايد المستمر في تكلفة إجراء البحوث وحاجة هذه البحوث إلى مصادر تمويل خاصة جنبا إلى جنب مع مصادر التمويل الحكومية. وتظهر عملية إعادة التنظيم هذه بجلاء في القطاع الطبي على وجه الخصوص.

فعلى سبيل المثال، يستغرق تطوير جزيء جديد في الصناعة الصيدلية نحو عشر سنوات ويكلف نحو مئة مليون دولار أمريكي في المتوسط. لذا، شاع حاليًا الاهتمام في الأوساط البحثية بالجوانب المتعلقة بالجدوى التجارية، كما أصبحت الأبحاث مجال منافسة شديدة بين الشركات وأيضا بين الدول. 

 

وتفرض الحاجة إلى تحقيق عائد من الاستثمار، ضغوطا فيما يتعلق بالقيام بالأبحاث. وضمن إطار المناظرة القائمة حول التقانات البيولوجية على وجه التحديد، فإن الضغوط المالية تحمل مختبرات الأبحاث على تقديم طلبات تسجيل براءات الاختراع في مراحل مبكرة جدًا حتى تضمن لنفسها جني الفوائد المحتملة من أية تطبيقات صناعية لاحقة.

ويمثل ذلك منشأ النزاع المعروف حول جواز تسجيل براءات اختراع لكائنات حية من عدمه. فالمعارضون يدّعون أنه من غير الأخلاقي، مهما كانت الظروف، تسجيل براءات اختراع لأجناس أو جينات، إذ إن ما تتسم به من طبيعة خاصة لا يجيز إخضاعَها للتملك.

ذلك، في حين يعارض آخرون فكرة تسجيل براءة اختراع لاكتشاف جينات طبيعية، إذ لا يمكن اعتبار ذلك اختراعا بالمفهوم المطبق في قانون البراءات. ومع ذلك، فثمة آخرون يشيرون إلى كون مسألة تسجيل براءة اختراع لكائنات حية قضية قديمة ولا تثير في حد ذاتها مشكلات أخلاقية، ويضيف هؤلاء إنها أيضا من عوامل استمرار أبحاث البيولوجيا وعلم الوراثة.

فبضمان الجزاء المالي للمخترع -الذي يكون عادة هيئة صناعية أو مالية أو حكومية -يوفر له ذلك فعلا بعض التعويض المالي عن استثماره المسبق. وفي ضوء ما توضح بعد رفض البرلمان الأوروبي في 1/3/1995 اقتراحًا بأن تُشمل اختراعات التقانة البيولوجية بالحماية القانونية، نجد أنفسنا هنا بصدد مناظرة أساسية الأهمية. وبغض النظر عما ستؤول إليه النتائج التشريعية في هذا الصدد فإن هذه المناظرة تعد مثالا لما يثيره العلم من قضايا.

وتتعلق إحدى هذه القضايا أيضا بنظرة الرأي العام إلى العلم والتقانة على أنهما نشاطان خطران إلى حد ما. ومما لا شك فيه أن الخطر النووي، على الصعيدين العسكري والمدني، قد أدى دورا حاسما في تكوين هذه النظرة. وعلى أية حال، فإن القلق المتزايد بين الجمهور تجاه المخاطر التقانية بلغ حاليا حد الشيوع.

 

ولا يمكن الإنكار بأن العلم بمنحه البشرية قوى لا تضاهى فيما يتعلق بإحداث التغيير في العالم، قد أمدّنا في الوقت نفسه بقدرة لا تضاهى على تدمير الكوكب. ولعل من السمات المميزة لهذا القرن "عدم حصانة" المجتمع تجاه "التهديدات التقانية"

وقد بلغت هذه السيرورة حدًا جعل المجتمع العلمي يشعر، على نحو متزايد، أنه أصبح طرفًا في المناظرة القائمة حول قوة العلم. وقد برز هذا الشعور بالمسؤولية من جانب الباحثين فيما أبداه <J.مونود>، الحاصل على جائزة نوبل، من ملاحظات في عام 1970 حين كانت تقنيات الهندسة الوراثية في مرحلة مبكرة جدا من التقدم.

فقد تساءل هذا العالم البيولوجي البارز: "هل ستقدر المجتمعات المعاصرة على التحكم دوما في القوى الخارقة التي منحها إياها العلم، مستعينة على ذلك، فقط بمعيار لفلسفة بشرية غير واضحة المعالم يخامرها ضرب من الشعور بالتفاؤل والمتعة القائمة على الماديات؟ "

وأضاف: "هل ستتمكن تلك المجتمعات، على هذا الأساس، من إيجاد حل لما يسودها من توترات يتعذر احتمالها، أم سيؤول بها إلى الانهيار؟" (Russ, 1994).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى