العلوم الإنسانية والإجتماعية

آثار تطور العلم وعدمه على البشر

1998 تقرير1996 عن العلم في العالم

KFAS

تطور العلم آثار تطور العلم العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

لا يمكن أن يقوم العلم بمفرده بوضع مخطط عالمي للمجتمع. وبمعنى آخر، فإن العلم ليس توجُّهًا في حد ذاته.

وثمة ثلاثة عوامل رئيسية تدعم هذه المقولة: أولها تزايد تصنيف المعرفة إلى مباحث منفصلة، وثانيها كشف النقاب عن التقدم كقيمة قائمة بذاتها، وأخيرًا إضفاء السمة الدنيوية على العلم.

لقد تزايد دوما، على مر القرون، تقسيم المعرفة إلى مباحث منفصلة. فتصنيف المعرفة إلى مباحث متزايدة التخصص يأتي كمتمم حتمي لتنامي المدارك، بل قد يشكل أيضا شرطًا لازمًا لأن تتسم الأبحاث بالفاعلية.

وفي الوقت ذاته فإن التخصصية المغرقة يمكن أن تؤدي إلى إضعاف القدرات الابتكارية، إذ إن أغلب الاكتشافات الرئيسية أتت كنتيجة غير متوقعة لتضافر أساليب ومفاهيم متباينة.

وعلى ذات المنوال، فإن أي مبحث يقتصر بإحكام على تخصص معيّن يكون مضطرًا إلى تقصّي الموارد التي توفرها علوم وتقانات أخرى، تماما كما هي الحال بالنسبة للبيولوجيا، التي تستعين بالذات بوسائل الفيزياء والكيمياء، جنبا إلى جنب مع الوسائل التي توفرها الإنسالات (الروبوتات) robotics والحواسيب في عصرنا هذا.

ولهذا السبب نفسه، ليس هناك من علم منفرد في زماننا هذا يمكنه ادّعاء امتلاك تفسير موحّد للعالم.

 

فلم يعد من المتوقع أن يقدم العلم تفسيرًا لكل شيء، إذ فقدت الثقة في مقدرته على ذلك، وعلى جعل الكون بأكمله واضح الدلالة من خلال توفير نظام للربط المنطقي بين المسببات والنتائج. وبالفعل، ثمة أفكار من عدم الاستقرار والفوضى باتت تكتنف حقولا بحثية معينة.

أما التقدم فلم يعد يُنظر إليه على أنه في حد ذاته، مصدرًا لرفاهية البشرية. فبعض الناس يعتبرونه ظاهرة محايدة.

وثمة آخرون، ممن يشجبون الضرر الناجم عن التقدم، يرون فيه سبب الشرور المستجدة، مثل تدهور البيئة، ونزع الصفة البشرية عن المجتمع وتحويل أفراده إلى إنسالات، وخلق حالات من عدم المساواة الاجتماعية، وزيادة حدة التفاوت بين الشمال والجنوب.

وليست فكرة احتمال كون الجنس البشري مفترس نفسه بالمستَجَدَّة، إلا أنه يصاحبها اليوم كشف النقاب عن حقيقة التقدم بل، أحيانا، يتم الربط بين هذه الفكرة وبين المواقف الرامية إلى وصم المجتمعات الصناعية بالعار، وهي مواقف قد تكون -إلى حد ما-عادلة وملائمة لواقع الحال.

 

أما العامل المهم الثالث في الوضعية المتبدلة للعلم، فيتمثل في إضفاء سمة الدنيوية عليه. ووفقا لرأي <P.J.شانجو>، رئيس اللجنة الاستشارية الوطنية الفرنسية للأخلاقيات فإن " الأسلوب العلمي …يرافقه تقدم تراكمي في المعرفة وتطبيقاتها …" حيث لم يعد النظر إلى العلم على أنه-كالقانون أو التعاليم الأخلاقية-يوصي في محصلته النهائية بالخير وينهى عن الشر.

فوفقًا لتعبير فيلسوف العلم <G.غانكيلهيم>، وهو تعبير أورده (شانجو)، فإن " العلم هو حقيقة مفتقرة إلى حدود نهائية" (Changeux, 1995).

ومن ثم، يبدو أنه يجب الكف عن وضع العلم في موضع متعارض مع الدين والسلوك الأخلاقي.

فرسالة العلم، بصفته تعبيرًا عن الفكر البشري، تكمن في إرشادنا بوضوح إلى السبيل الذي يكفل لنا نحن البشر تحقيق البقاء والرفاهية والحرية. ومع ذلك، نبقى مسؤولين عن تحديد القيم المشتركة التي يمكن من خلالها بلوغ هذه الأهداف.

وتنطوي هذه المسؤولية في جوهرها على ذلك المجال الأخلاقي المعرّف بكونه "الدراسة النظرية لكل من المبادئ المنفردة ومجموعة المبادئ التي توجِّه أعمال البشر" (Changeux, 1995).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى