العلوم الإنسانية والإجتماعية

أهمية وكيفية قيام الأبناء بطاعة “بر الوالدين”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثاني

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

بر الوالدين العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

خَلَقَ اللّه الرجلَ والمرأةَ، وجعلَ كُلاًّ مِنْهُمَا مُكَمِّلاً للآخرِ، ولذلكَ جعلَ في كْلِّ منهُما ما يجذبُ الآخرَ إليه.

وعندما يبلغُ الفتَى مبلغُ الرِّجالِ يبحثُ لَهُ عن زَوْجَةٍ صالحةٍ تناسبهُ، ليعيشَا سَوِيًّا، تجمُعُهما روابطُ متبادَلَةٌ من التقْدير والمَحَبَّةِ والعَطْفِ(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21).

وهكذا تنشأُ أُسْرةٌ جديدةٌ بِرَجْلٍ وَزْوَجةٍ، وقدْ يَرْزُقُهُما اللَّهُ ابناً أو بنتاً، أو أكثرَ من ذلكَ من البنينَ والبناتِ، أي أنَّ الرجلَ يصبحُ أَباً والمرأةُ تصبحُ أُمًّا، وتكتملُ الأُسرةُ. وهكذا اتصَّل بقاءُ الجِنْسِ البَشَرِيِّ منذُ أبينا الأوَّلِ، آدَمَ- عليهِ السلامُ- وزوجتهِ حوّاءِ.

 

وفي كثيرٍ من أنواعِ الحيوانِ يُكَوِّن الذكورُ والإناثُ أُسَراً، ولكنَّ هذه الأسرَ لا تَبْقَى في مُعْظَمِ الأحيانِ إلاّ فترةً قصيرةً، وذلك لأنَّ الأفراخَ أو الصِّغارَ سريعاً ما تُصْبِحُ قادرةً على الحَيَاةِ مستقلةً بنفسِها عن الأَبَوَيْن، أمَّا طِفْلُ الإنسانِ فإنَّه يَظَلُّ عاجزاً سنواتٍ عديدةً عن الحياةِ المُسْتَقِلَّةِ.

وقدْ كانَ هذا سبباً في استمرارِ ارتباطِ الأبِ والأمِ في أسرةٍ مستقرةٍ. وبقاءُ الأبناءِ مع أَبَوَيْهِم فترةً طويلةً يُمَكِّنُهم من أن يتعلَّمُوا منهما أشياءَ كثيرةً، وهذا قد جعلَ حضارةَ الإنسانِ متصلةً تنمُو وترتقِي جيلاً بعدَ جيلٍ.

وقبلَ انتشارِ التعليمِ النِّظَاميِّ في المدراسِ، كان الأولادُ يتعلمُّون حِرَفَ آبائِهم ومهاراتِهم في الزراعةِ أو التجارةِ أو الصِّناعةِ، ويَتَلقَّون منهم ما عِنْدَهم من حِكْمَةٍ وأدبٍ وعلمٍ، ثُمَّ جاءَتْ المدرسةُ لتساعدَ الأسرةَ في تطويرِ المَعْرِفَةِ الإنسانيةِ وتدعيمِ وظيفتِها الاجتماعيةِ.

 

ويتعاونُ الأبوان على تربيةِ أبنائِهما، وفي مجتمعِنا كثيراً ما يكونُ الأبُ هُوَ الذي يسعَى لتوفيرِ الرِّزْقِ لأسرتِه، بينما تَرْعَى الأمُّ شئونَ الأسرةِ المنزليةَ، وولكنَّها قد تخرجُ هي أيضا للعَمَل خارجَ المَنْزِل.

وينبغي أن يُقَدِّرَ الأبناءُ الجهودَ الكبيرةَ والتضحياتِ العظيمةَ التي يبذُلُها الآباءُ في سبيلِ تربيتِهم وإسعادِهم وتأمينِ مستقبلِهم، فَيْدْعُوا اللّه، أن يغفرَ لهما ويجزيَهما خيرَ الجزاءِ.

وكما جعلَ اللَّهُ، سبحانَه وتعالَى الوالدين مسئولين عن أبنائهما، أوجب على الأبناء إكرامهما ومعاملتهما بالحسنى(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) (العنكبوت: 8).

 

وأمَرَ اللَّهُ الأبناءَ بطاعةِ الوالديْن، إلاَّ في الشـركِ بالله ومعصيتِه. وعندما يَكْبَرُ الأولادُ ينبغِي لهم أن يَرُدُّوا الجميلَ إلى والديْهم- وعلَى الَأخَصِّ أمِّهم- بالبِر والرِّعَايةِ.

وبالكَلَامِ الرَقِيقِ أو الهَدايا الجميلةِ أو بالمال إنْ كانَا محتاجَيْن إليْه( قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (البقرة: 215).

وصِلاَتُ البِرِّ والمَوَّدةِ لا ينبغِي أنْ تكونَ بَيْن الأجدادِ والآباءِ والأحفادِ فَقَطْ، بل يجبُ أن تَمْتَدَّ إلى أقاربِ الأمِ من الأخوالِ، والخالاتِ وأبنائِهِم، وأقارِب الأب من الأعمامِ والعَمَّاتِ وأبنائِهم.

 

وهذا هو ما يُعْرَفُ بصِلَةِ الرَحِم، أيْ صِلَةِ القُرْبَى. وهكذا تَمْتَدُّ صِلاَتُ المَودَّةِ والتَعَاونِ بينَ الأُسَرِ جَميعاً، وتكونُ الأسرةُ الصَّالحةُ هِيَ وَحْدَةُ بِناءِ مُجْتَمَعٍ صالحٍ ومتماسكٍ.

وعندَ تسميةِ الأبناءِ يُنْسَبُون إلى أبيهِم ثُمَّ إلى جَدِّهم، أَبى أَبيهِم، وهكذا. فنقولُ، مثلاً، إن اسمَ الرسولِ، عليهِ الصَّلاةُ والسلام، هو "محمدُ بنُ عبدالله بنُ عبدِ المُطَّلِبِ".

 

ويُكَنَّى الرجلُ عادةً باسم أكبر أبنائِه فُكُنَّي الرسولُ، عليه الصلاةُ والسلامُ، بأبِى القَاسِم. ومع ذلك كرَّم الإسلامُ المرأةَ أيضاً، وأوْصَى الرجالَ بأُمَّهَاتِهم وَبنَاتِهم خيراً.

ولكنْ لَعَلَّك تَعجَبُ إذا عَرَفْتَ أنَّ رِئَاسةَ الأسْرَة لَيْسَت للرجلِ عندَ بعضِ الأقوامِ، ففِي التِّبِتِ وبعضِ المناطِق في جنوبِ الهِنْدِ تكونُ الرئاسَةُ للنساءِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى