التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

آلية عمل جهاز الصاروخ ومدى تطوره عبر الزمن

2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الحادي عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

آلية عمل جهاز الصاروخ جهاز الصاروخ التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

الصَّاروخُ جهازٌ يَنْطَلِقُ في الفَضاءِ بِسُرْعَةٍ عالِيَةٍ جدًّا. يَحْتَوِي الصَّاروخُ على غرفَةِ احتراقِ بها وَقُودٌ يُمْكِنُ مَزْجُهُ بالأكسيجين لكيْ يَتِمَّ الاحتراقُ بدونِ الحاجَةِ إلى هواءٍ (والفضاءُ الخارِجِيُّ ليْس فيهِ هواءٌ).

وتَخْرُجُ الغازاتُ النَّاتِجَةُ عن الاحتراقِ من فُتْحَةٍ أَسْفَلَ الغُرْفَةِ بسرعةٍ عالِيَةٍ، فيكتسبُ الصَّاروخُ دَفْعًا يؤدِّي إلى حَرَكَتِهِ بسرعَةٍ عالِيَةٍ في الاتِّجَاهِ المُضَادِّ، وهو اتِّجاهُ حَرَكَةِ الصَّاروخِ.

وتَعْتَمِدُ فِكْرَةُ الصَّاروخِ على تطبيقِ قانونِ نيوتُنَ الثالِثِ الّذي يَنُصُّ على أنَّهُ لكلِّ فعلٍ رَدُّ فِعْلٍ مُسَاوٍ لَهُ في المقدارِ ومُضَادٌّ لَهُ في الاتِّجاهِ. والفِعُلْ هُنا هو خروجُ الغازاتِ المُحْتَرِقَةِ، وورَدُ الفِعْلِ هو انطلاقُ الصَّاروخِ.

 

أما دَفْعُ الصَّاروخِ فيساوِي التغيُّرَ في شِدَّةِ انْدِفاعِ الموادِّ المحترِقَةِ الخارِجَةِ، والّتي تَصِلُ سُرْعَتُها إلى ما بين 1500 و4500 مترٍ في الثانِيَةِ الواحِدَةِ.

ويرجعُ تاريخُ صِناعَةِ الصَّواريخِ إلى عامِ 1232م حينَ طوَّر الصِّينيُّونَ «سِهَامَ النَّارِ الطَّائِرَةِ» وهي التي نسمِّيها صواريخَ الألعابِ النَّارِيَّةِ، الّتي تُطْلَقُ في الاحتفالاتِ والمناسباتِ العامَّةِ.

وفي عامِ 1280م قامَ المخترعُ العربيُّ السورِيُّ «الحَسَنُ الرَّمَّاحُ» بتصنيعِ ما سمَّاهُ السِّهَامَ الصِّينِيَّةَ.

 

وفي الوقتِ الحاضِرِ تُصنعُ صواريخُ الألعابِ النَّارِيَّةِ في أسطواناتٍ من الوَرَقِ المُقَوَّى، طولُها بين عشرةِ سنتيمترات و30 سنتيمترً.

ويتألَّفُ الصَّاروخُ من وقودٍ من الفحمِ وبُرادَة بعضِ المعادنِ (كالماغنسيوم)، ومادَّةٍ مؤكسِدَةٍ تطلقُ أكسيجينًا وفيرًا، ومركَّبَاتٍ كيميائِيَّةٍ تنتجُ ألوانًا كثيرةً مختلِفَةً.

تُمزَجُ هذه الموادُّ وتشكَّلُ في أقراصٍ أو مكَعَّبَاتٍ تسمَّى «النجومَ». ويَتركُ في الاسطوانةِ فراغٌ يُحْشَى بالبارودِ.

وتُطْلَقُ الأسطواناتُ من مِدفَعٍ خاصٍّ، فترتفعُ إلى مسافَةٍ معيَّنَةٍ، عندَها يَتَفَجَّرُ البارود، ويطلِقُ النجوم محترِقَةً ناثِرَةً ألوانَها البَاهِرَةً في أشكالٍ بديعةٍ متعدِّدَةٍ.

 

ثم تَطَوَّرَتْ بعدَ ذَلِكَ صناعةُ الصواريخِ الحديثةِ في أوروبا وأمريكا. فكان المخترعُ الأمريكِيُّ «جودارْد» أَوَّلَ مَنْ صَنَعَ صاروخًا يعملُ بوقودٍ سائِلٍ مخلوطٍ بالأكسيجينِ السائِلِ، وأَطْلَقَهُ يومَ 16 مارس عام 1926م، وانطلقَ الصاروخُ إلى ارتفاعِ 12.5 مترٍ بسرعةِ 100 كيلو مترٍ في السَّاعَةِ، وعادَ إلى الأرضِ علَى بُعْدِ 56 مترًا من نُقْطَةِ انْطِلاقِهِ.

وفي مارس عامَ 1931 أطلقَ «وِنْكْلار» صاروخًا وَصَلَ إلى ارتفاعِ 600 مترٍ. وكانَ العالِمُ الألمانِيُّ «فون بِراوْن» هُوَ مَنْ طوَّرَ الصَّواريخَ الألمانيَّةَ قَبْلَ الحربِ العالَمِيَّةِ الثانِيَةِ.

وبِوَضْعِ موادَّ مُتَفَجِّرَةٍ في داخِلِ الصَّاروخِ، تحوَّلَ إلى سلاحٍ حربِيٍّ تم استخدامُه في الحَرْبِ. وبَعْدَ هذهِ الحربِ أُجْرِيَتْ الأبحاثُ لزيادَةِ ارتفاعِ الصَّاروخِ ومَدَاهُ حَتَّى وَصَلَ إلى 8000 كيلومتر، وسُمِّيَ «الصَّاروخَ ذاتِيَّ الدَّفْعِ عَابِرَ القَارَّاتِ».

 

وفي عام 1954، بعدَ اختراعِ القُنْبُلَةِ الهيدروجِينِيَّةِ وتقليلِ حَجْمِ القنبلَةِ الذَّرِّيَّةِ أمكنَ للصواريخِ عابرةِ القارّاتِ أَنْ تحملَ هذه القنابلَ لتصبحَ أَخْطَرَ سلاحٍ على وَجْهِ الأَرْضِ.

وتَقَدَّمَتْ أمريكا في هذا المجالِ، وأَنْتَجَتْ الصَّاروخَ «أَطْلَس» عامَ 1958 و«تيتان» عامَ 1959 و«مينوتمان 1 و 2 و3» بين 1961 و1970.

وفي الوقتِ نفسِه تم تطويرُ الصَّواريخِ الّتي تنطلقُ من الغوَّاصَاتِ، كما تَمَّ بناءُ عددٍ من الغوَّاصاتِ النَّوَوِيَّةِ (التي تعملُ بالطَّاقَةِ النَّوَوِيَّةِ) وتحملُ عددًا من الصواريخِ ذاتِ الرؤوسِ النَّوَوِيَّةِ أيضًا، مثل صاروخِ «بولاريس».

 

واليَوْمَ أصبحَ هناكَ العديدُ من أنواعِ الصَّواريخِ للأغْرَاضِ المُخْتَلِفَةِ. فهناك الصَّاروخُ «أرض – أرض» الّذي يُطْلَقُ من الأرضِ متِّجِهًا نحوَ هَدَفٍ علَى الأَرْضِ، وكذلكَ الصاروخُ «أرض – جوّ» الّذي يُطْلَقُ من الأرضِ نحوَ هَدَفٍ في الجوِّ (طائرةٍ)، ثمَّ «جوّ – أرض» الّذي يُطْلَقُ من الطَّائِرَةِ نحوَ أهدافٍ على الأرضِ. 

وأخيرًا الصَّاروخُ «جوّ – جوّ» وهو الّذي يُطْلَقُ من طائرةٍ نحوَ طائرةٍ أُخْرَى. كذلكَ يوجدُ الآنَ الصاروخُ المُوَجَّهُ الّذي يحتوِي على جهازٍ يُرْشِدُ الصَّاروخَ إلى الهَدَفِ تَمَامًا.

 

صاروخُ الفَضَاء

يختلفُ صاروخُ الفَضاءِ عن الصَّاروخِ العادِيِّ في أَنَّه متعدِّدُ المَراحِلِ.

فمثلاً، الصَّاروخُ ذو المراحِلِ الثَّلاثَةِ ينطلقُ من قاعِدَةِ إطلاقِ الصّواريخِ إلى الجَوِّ حاملاً مراحِلَهُ الثَّلاثَةَ، وبعدَ زَمَنٍ مُحَدَّدٍ تَنْفَصِلُ عنه المرحلَةُ الأولَى وتُتْرَكُ لتسقُطَ (عادةً في المحيطاتِ).

ويتحرَّكُ الصاروخُ ذو المَرْحَلَتَيْن بعد ذلك في اتّجاهٍ جديدٍ طِبْقًا للخُطَّةِ الموضوعَةِ. وبعدَ زَمَنٍ مُحَدَّدٍ آخَرَ تنفصلُ المرحلةُ الثانِيَةُ كسابِقَتِهَا، ويتحرَّكُ الصَّاروخُ بالمرحلةِ الثالِثَةِ في الاتِّجاه المطلوبِ.

 

وفي العَادة يُسْتَخْدَمُ صاروخُ الفَضَاءِ لوَضْعِ الأَقْمارِ الاصْطِناعِيَّةِ في مَداراتِها حَوْلَ الأَرْضِ، أو لإطلاقِ أجهزةٍ استكشافِيَّةٍ نحوَ القَمَرِ أو المِرِّيخِ أو غَيْرِه من الكواكِبِ.

ومَعَ تَقَدُّمِ عمليَّاتِ استكشافِ الفَضاءِ، تَقَدَّمَتْ الأَبْحَاثُ في هذا المجالِ في عَدَدٍ من الدُّوَلِ مثل فرنسا واليابان وألمانيا وبريطانيا.

وفي الثَّمانيناتِ من القَرْنِ العِشْرِين ظَهَرَ مَكُّوكُ الفَضَاءِ، وهو صاروخٌ يحمِلُ طائِرَةً ويَنْطَلِقُ من الأرض بطريقَةِ انطلاقِ الصَّاروخِ، ثم بعدَ الرِّحْلَةِ الاستكشافِيَّةِ يعودُ إلى الأرضِ كطائِرَةٍ تهبطُ في أَحَد المَطَاراتِ.

 

ويحملُ مَكُّوكُ الفضاءِ عددًا من الطيَّارينَ والعُلَمَاءِ الّذينَ يقومونَ بتجارِبَ بحثيَّةٍ في الفضاءِ الخارِجِيِّ. وتكونُ مُهِمَّةُ المكُّوكِ محاولةَ إصلاحِ الأقمارِ الاصطناعِيَّةِ المُحَلِّقَةِ في الفضاءِ الخارجِيِّ. ومن مزايا مكّوكِ الفضاءِ أنّه يمكنُ استخدامُه أكثرَ من مرَّة واحدَة.

وتَخْتَلِفُ أنواعُ الاحتراقِ في داخِلِ غُرْفَةِ الصَّاروخِ تَبَعًا لِنَوْعِ الوَقُودِ. فهناك الوقودُ السائِلُ، وكَذلِكَ العامِلُ المؤْكسِدُ للسّائِلُ اللَّذانِ يُضَخَّان إلى غُرْفَةِ الاحتراقِ. كما يوجدُ وَقُودٌ جامدٌ وعامِلٌ مُؤَكْسِدٌ جامِدٌ يَتِمُّ تصفيفُهما داخلَ الغرفةِ قبلَ الإشعالِ.

وتتعدَّدُ أنواعُ الصواريخِ من حيثُ نظامُ العَمَلِ، فمنها صاروخُ الاحتراقِ الكيميائِيِّ التقليدِيِّ، والصاروخُ الكَهْرَبَائِيُّ، والصاروخُ النَّوَوِيُّ.

 

وينقسمُ الصَّاروخُ الكَهْرَبَائِيُّ إلى ثلاثَةِ أنواعٍ: الكهروحَرارِيِّ، والكَهْرَبائِيِّ السَّاكِنِ، والكَهْرومَغْناطِيسِيِّ.

ويُستخدمُ الصاروخُ الكَهْرَبَائِيُّ عِنْدَما يُرادُ تغييرُ المدارِ، أو تغييرُ الارتفاعِ، أو التَّغَلُّبُ على اهتزازاتِ الأقمارِ الاصطناعِيَّةِ، أو تصحيحُ مساراتِ سُفُنِ الفَضَاءِ.

 

أمَّا الصَّاروخُ النَّوَوِيُّ فيتمُّ توليدُ قُدْرَتِهِ من مُفَاعِلِ الانشطارِ النَّوَوِيِّ الّذي يَحْمِلُه، حيثُ يُسخَّنُ الهيدروجينُ فيهِ ويُطْرَدُ الناتِجُ بسرعةٍ كبيرةٍ، فيكتسبُ الصَّاروخُ سرعةً تساوي في العادَةِ ضِعْفَ سُرْعَةِ صَاروخِ الاحتراقِ الكيميائِيِّ.

أمّا بالنسبةِ لمُسْتَقْبَلِ أبحاثِ الصَّواريخِ فليس من المُتَوَقَّعِ إدخالُ تحسيناتٍ جوهريَّةٍ على صاروخِ الاحتراقِ الكيميائِيِّ التقليدِيِّ.

ولكنْ يُنتظرُ أن يَحْدُثَ إقبالٌ على استخدامِ الصاروخِ الكهرَبائِيِّ، والصَّاروخِ النَّوَوِيِّ في رحلاتِ الفضاءِ المُوْغِلَةِ في العُمْقِ. كذلكَ يُنتظرُ أن يسودَ استخدامُ الطَّاقَةِ الشَّمْسِيَّةِ في رحلاتِ الفَضاءِ الطَّويلَةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى