الحيوانات والطيور والحشرات

أهمية مادة “الرحيق” المفرزة من قبل الزهرة للكائنات الحية

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مادة الرحيق أهمية مادة الرحيق الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

الرَّحيقُ إفرازٌ من الغُدَدِ الرَّحيقيَّةِ في الزَّهْرَة، أو في أجزاءٍ أُخْرى من النبات وغالباً ما يكون حُلْوَ المذاق إذْ إنه يَحْتوي على 75% من السكر، وفي بَعْضِ الأحيانِ يحتوي الرحيقُ على بعض الأحماضِ الأمينيِّة.

والأزهارُ التي تَحْوي غُدَداً رحيقيَّة عِنْدَ قاعِدَتها غالباً، تربطها عَلاقَةُ تَبادُلِ منْفعَةٍ مَعَ أَنواعٍ كثيرة من الحشرات، وَبَعْضِ الطيورِ والقوارِضِ والخفافيش، فالحيواناتُ تَتَغَذَّى على الرَّحيقِ الذي تُفْرِزُه الغُدَّة.

وقد تَخْتَزِنُه على شكل عَسَلٍ في خليَّتِها كنحِلِ العسل، وهي في أثناء زيارَتِها للزهرةِ تحملُ معها حبوبَ اللِّقاحِ ناقلةً إيّاها إلى مياسِمِ زهرةٍ أُخْرى، أي أَنَّ الحشرةَ تَعملُ على تَلْقيحِ المياسِمِ بِحبوبِ اللِّقاح.

 

وزيارَةُ الْحَشَرة للزَّهْرةِ، أمرٌ تستقبلهُ الزهرةُ باسْتضافَةِ الحشرة. وَرَدّاً للجميلِ فإنَّ ما تتعفر به الحشرةُ من حُبوبِ اللِّقاحِ في الزهرةِ المضيفَةِ يَنْتَقِلُ إلى زهرةٍ أُخْرى في أثناءِ زيارَةٍ أُخْرى.

وبِهذا تَعْمَلُ الحَشراتُ على تَرْبيَةِ النباتاتِ بتلقيحها الي يَتْبَعُهُ الإِخْصابُ وتكوينُ البذور.

وليست الحشراتُ وَحْدَها هي التي تقومُ بهذا العمل، إنما هناكَ بعضُ الطيورِ ذاتِ المنقارِ الطويلِ، كالطائرِ الطنَّانِ، أو قارضٍ من القوارضِ في أستراليا ذي خرطومٍ طويلٍ، وبعضِ أنواع الخفافيش، فهي تتغذَّى على الرَّحيق، وتحملُ حبوبَ اللِّقاحِ من زهرةٍ إلى زهرة.

 

ومن الطَّريفِ أنَّ طريقَ الحشرةِ الى الزهرةِ موضَّحٌ بعلاماتٍ تُسمَّى دليلَ الغدةِ الرَّحيقيَّة. وهذا الدليلُ قد يكونُ على هيئةِ خُطوطٍ أو نُقطٍ على سَطْح الْبِتَلاتِ المُلَوَّنَةِ، وقد   يُرى بالعيْنِ، وقد لا يُرى. وَعندئذٍ فإنّهُ يُحَسُّ بواسطةِ الحشرةِ التي تتمتَّعُ بحساسيتها للأشعةِ فوق البنفْسِجيَّةِ.

والحَشراتُ التي تَزورُ الأزهارَ لها صِفاتٌ تُساعِدُها على أداءِ هذهِ الوظائِفِ، فلها أنابيبُ أو خراطيمُ طويلةٌ، كما أنَّ للطيورِ مناقيرَ طويلةً وألسنةً مدبَّبَةً، وكذلك لِلقوارِضِ خراطيمُ طويلة. وكلُّها صِفاتٌ تُؤهِّلُ هذه الحيواناتِ لِمَصِّ الرَّحيقِ من الزَّهرة.

ولِلنَّباتاتِ التي تَستقبلُ الحشراتِ صِفاتٌ مُمَيَّزَةٌ أيضاً، فهي عادةً ذاتُ بِتَلاتٍ زاهِيَةِ الألوانِ، بَلْ إِنَّ بَعْضَ الأَوْراقِ المُحيطَةِ بالأزهارِ قَدْ تَتَلَوَّنُ كذلكَ، كما أَنَّ لها رائِحَةً عِطْرِيَّةً، وليْسَ شَرْطاً أَنْ تكونَ مُحَبَّبَةً للإِنْسان.

 

والرَّحيقُ يُمَثِّلُ الغِذاءَ لِلحَشراتِ والحيواناتِ التي تَمْتَصُّه، بل إِنَّ نَحْلَ العَسَلِ يَجْمعهُ لِغذائِهِ ويُخَزِّنُهُ في بُيوتِهِ على هيئةِ عسل. أما الإنسانُ فَإنَّهُ يأخُذُ هذا الرَّحيقَ بطريقٍ غيرِ مُباشرِ.

والعلاقَةُ القائِمَةُ بَيْنَ الزَّهرةِ والحشرةِ مِنْ أجلِ الرَّحيقِ، لَها أهميتُها في حياةِ الإنسانِ من الناحيةِ الاقتصادِيَّةِ، فلولا هذِهِ الزياراتُ المُتَكَرِّرَةُ لمَصِّ الرَّحيقِ لَما تَمَّ التَّلقيحُ أو الاخصاب، وَلَمَا نَتَجَتْ بذُورٌ، ولفقدْنا الكثيرَ من الأنواعِ النباتِيَّةِ التي نَعْتَمِدُ عليها اقتصادياً.

وحتَى يُنْتِجَ النَّحْلُ رطلاً مِنَ العسلِ، يَتَحَتَّمُ على عشيرةً من النحلِ أَنْ تزورَ عشرةَ ملايينَ نَوْرَة بِرْسيم مثلاً.

 

وتَلْقيحُ هذا العَدَدِ الهائلِ من النوْراتِ يُنْتِجُ حوالَيْ ثلاثينَ رِطْلاً مِنْ بُذورِ البِرْسيم، بما يَكْفي لِزراعَةِ ثَلاثة أفْدنَةٍ جديدة. وكلُّ هذا أساسُه الرَّحيق وحاجَةُ الحشراتِ إليه.

والرَّحيقُ يُفْرَزُ مِنْ غُدَدٍ خاصًّة، عادةً ما تكونُ في قواعدِ الأَزْهارِ ، وخَلايا هذه الغُدَد، وبخاصَّة بَشَرَتُها، رقيقةُ الجدر، ومُمْتلِئَةٌ بالسّيْتُوبلازم ويَصِلُها السُّكَّرُ الذي تفرزهُ من لِحاءِ النَّباتِ. وقد يُفرَزُ الرَّحيقُ مِنْ جِدارِ الخليةِ الرقيق، أو من الكيُوتين المُمَزَّق.

ولفظُ «الرَّحيقِ» في اللغةِ العربيةِ لهُ معانٍ مُختَلفةٌ، ولكنَّ أَقْرَبَها هو «أَنَّهُ الشَّرابُ الذي لا غِشَّ فيه».

 

وقد وردَ في القرآن الكريم في ذِكر النعيمِ الذي يَلقاه الأبرارُ في الجنة: قال تعالى(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) المطففين (25).

كذلكَ جاءَ في حديثٍ شريف: «أيما مؤمنٍ سقَى مُؤْمِناً على ظَمَأ سَقاهُ اللهُ يوم القيامَةِ مِنَ الرَّحيقِ المَخْتوم».

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى