البيولوجيا وعلوم الحياة

آثار استخدام الهندسة الوراثية في الحروب

1999 ثورة الهندسة الوراثية

وجدي عبد الفتاح سواحل

KFAS

الهندسة الوراثية البيولوجيا وعلوم الحياة

في ظل عصر التقنية الذي جمع في باطنه ثروات عديدة في العلم والمعرفة الإنسانية، وما أعقبها من تطورات هائلة في القدرات الإنسانية، وكذلك تغيرات ضخمة في حياة البشر وفتح مجالات جديدة تنقل البشرية إلى ذُرى عالية من التقدم والرقي والرفاهية، أو بمعنى أدق إلى رؤية الوجه المضيء لعصر التقنية، يظل هناك سؤال ملح : هل يمكن للمجتمع الإنساني أن يسيطر على الوجه المضيء للتقنية دون الالتواء به نحو الوجه المظلم الذي يحمل معه الموت والدمار للإنسان ؟

إن إجابة عن هذا السؤال ليست بالأمر اليسير. وفي الحقيقة لا يجد الإنسان خيرا مما قاله الشاعر والأديب (روبرت بن وارين) "إن غاية الإنسان هي المعرفة، لكن يظل هناك شيء واحد لا يستطيع أن يحدده، فهو لا يستطيع أن يعرف ما إذا كانت المعرفة ستقتله أم تنقذه.

هو سيقتل، حسنا، ولكن لا يستطيع أن يعرف هل سيقتل بسبب المعرفة التي حصل عليها، أم بسبب المعرفة التي لم يحصل عليها. وما هي المعرفة التي إذا ما امتلكها سوف تنقذه ".

إن رجال العلم يوحون إلى الرأي العام بأن العلم والتقنية بوسعهما أن يحلا جميع مشكلات البشرية، إلا أن بتواطئهم بوعي أو بغير وعي مع السلطات القائمة قد أساءوا إلى العلم إساءة بالغةً فلم تدم تلك الثقة بين العلم والتقنية وقتاً طويلا، بالنظر إلى أنهما أداتان تدعمان موارد الفعل البشري، بل هما أداتان تستخدمان للخير تارة وللشر تارة أخرى !!.

 

لذلك فإنه إذا كان العلم محايداً فإن رجال العلم ليسوا محايدين، حتى وإن اعتقدوا هم ذلك، فلن ينخدع أحد بإنكار العلماء مسئوليتهم عندما تستغل ثمار بحوثهم في أغراض غير إنسانية فعلى سبيل المثال، بينما البشرية غارقة في التفاؤل والأمل بما يمكن أن تقدمه الطاقة النووية لخدمة الإنسان في مجالات الطب والصناعة والزراعة ارتجف العالم فزعاً وعمت البشرية موجات من الرعب والذعر الشديدة على مستقبلها واستمرارها وتطويرها عقب الدمار والهلاك الذي سببه إلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناجزاكي في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية.

وما تلا ذلك من آثار متبقية حتى الآن، فضلا عن ظهور أمراض وتشوهات وراثية في نسل من تبقى من سكان هاتين الجزيرتين وبخاصة سرطان "اللوكيميا "، وتعالت صيحات الرفض والتشاؤم تهدئ من روعتها طمأنة أصحاب الأمل والتفاؤل.

والآن، وبعد أن تجاوزت تقنية الهندسة الوراثية الأبحاث العلمية الأكاديمية ودخلت حيز المجال التطبيقي وأثبتت أنها سلاح خطير في يد الإنسان يستطيع به حل الكثير من المشكلات الزراعية والصناعية والصحيةوالبيئية والأمن الغذائي، سيطرت موجة من التشاؤم من إمكان الالتواء بهذا العلم الجديد نحو الاستعمال غير الإنساني الذي يحمل الموت والدمار للإنسان.فلو استغلت الهندسة الوراثية في الحروب البيولوجية فربما تكون لعنتها أشد وأعتى من القنبلة الذرية !.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى