العلوم الإنسانية والإجتماعية

الدراسات والبحوث الخاصة بنظرية بياجيه وأهم النتائج التي توصلت إليها

1995 مستويات النمو العقلي

الدكتور محمد مصيلحي الأنصاري

KFAS

نظرية بياجيه العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

تعتبر عملية مراجعة البحوث والدراسات السابقة المتعلقة بموضوع البحث ، من أهم الخطوات العملية التي ينبغي على الباحث أن يقوم بها ، حتى يرقى بحثه إلى درجة مقبولة من الدقة والموضوعية ، وحتى يستفيد في توجيه بحثه ورسم خطواته ومنهجه من تراكم المعارف والعلوم وتسلسلها عبر مختلف البحوث . 

ولقد حدد الباحث هدفه من تناول الدراسات السابقة التي أجريت حول النظرية البياجيه أو حول العمليات العقلية المعرفية لدى الطفل الكويتي في المرحلة العمرية التي يتعرض لها البحث في أنه يسعى إلى التعرف على الأسس النظرية التي قامت عليها هذه الدراسات ، والمتغيرات التي تناولتها بالتجريب ، وما أسفرت عنه من نتائج مؤيدة أو معارضة لهذه الأسس النظرية.

ذلك أن التعارض لما أثارته نظرية جان بياجيه في النمو العقلي المعرفي من سلاسل طويلة ومتصلة من الدراسات والبحوث التي حاولت التحقق من صدق مقولات النظرية وإعادة تطبيق نتائجها في المجتمعات المختلفة ، يمكن أن يلقى مزيداً من الضوء على طبيعة العمليات العقلية المعرفية ومراحل تطورها والعمر الذي يصل فيه الطفل الكويتي إلى أي من هذه العمليات.

 

كما يمكن أن يكشف عما يغلب على تفكير هذا الطفل في مرحلة الروضة ، ومعرفتنا بمثل هذه الحقائق قد يساعد على استخلاص بعض النتائج التي تفيد في تخطيط بعض الأنشطة والخبرات الأكثر تناسباً مع هذا الطفل ، فضلاً عما يمكن أن نتمكن من تحسينه في مجال أساليب التعلم والتعليم ، وتصميم وتنفيذ البيئة التربوية الأكثر ثراء واستثارة بالنسبة لهذا الطفل .

في ضوء هذه الأهداف ، وفي ضوء ما تم عرضه من دراسات وبحوث سابقة ، فإن الباحث قد تمكن من التوصل إلى ما يلي :

 

أولاً : فيما يتعلق بالدرسات والبحوث الخاصة بنظرية بياجيه

تناولت المجموعة الأولى من الدرسات والبحوث السابقة ، أربع عشرة دراسة حول نظرية جان بياجيه في النمو المعرفي ، وجاءت هذه الدرسات حول متغيرات مختلفة ، فمنها ما تناول مفهوم المرحلة ، او خاصية او اكثر من خصائص تفكير الطفل في مرحلة ما قبل العمليات مثل دراستي (Tyler, 1986; Kalyan, 1986)

ومنها ما اهتم بدراسة صلاحية النظرية للتطبيق عند اطفال القرية وأطفال المدينة مثل (Kalyan, 1986)، ومنها الدراسات التي ركزت على المنهج ونوعية وطبيعة الاسئلة التي وجهها بياجيه للأطفال والاسئلة التي يمكن استخدامها عند إعادة التطبيق مثل (Bell, 1983; Lange, 1985)

ومنها ما اهتم بدراسة أثر الالتحاق بالروضة من عدمه مثل (Tyler, 1986) في حين لجأت (Hyde, 1970) ، إلى استخدام مهام بياجيه مع تطويعها لتتناسب مع الظروف البيئية التي تعرضت لها في بحثها ، خاصة في المهام المتصلة بكل من الاحتفاظ والتسلسل .

 

بينما لجأت دراسات أخرى إلى استخدام مهام بياجيه في مقابل أدوات أو محكات خارجية مثل (Barnhart & Sulzby, 1986) اللذين إستخدما ثلاث مجموعات من مهام بياجيه في مجال التصنيف ، التسلسل ، والاحتفاظ بالعدد في مقابل المستوى الثاني من اختبار الاستعدادات Metropalition Readinessن ومثل (Kalyan, 1986) الذي اعتمد في دراسته على بطارية الاختبارات المعرفية المعروفة باسم Nebraska Wisconnsin (newcab) Cognitive Assesment Batter  وهي تشتمل على ستة عشر اختباراً فرعياً ، أغلبها مصممة في ضوء مهام بياجيه .

وقد اختار الباحث منها ما يتفق مع أعمار المفحوصين في عينته ومع ما يتفق مع العمليات محل البحث وهي التصنيف والعلاقات والتسلسل ، وأما عن العينات المستخدمة في هذه المجموعة من الدرسات والبحوث فقد جاءت متنوعة في أمرين ، أولهما متغير العمر ، حيث كان جميع أطفال عينات هذه الدرسات ممن تجاوزوا مرحلة الذكاء الحسحركي ، وإن كان البعض منهم قد اختار عيناته من أطفال في عمر الثالثة مثل (Kalyan, 1986; Bell, 1983; Crist, 1986; Pramiling 1983; Lange; 1985) أو من أطفال في عمر الرابعة مثل (Haynes & Miller, 1987)

 

ولم يخرج عن هذه البدايات العمرية سوى دراسة (Hyde, 1970) حيث بدأت عينتها في عمر السادسة وما اختارها الباحث إلا لأهميتها واتصالها المباشر في متغيرات أخرى غير العمر بالنسبة للبحث الحالي . 

غير أنه فيما يتعلق بالعمر بالنسبة لعينات هذه المجموعة من الدراسات ، فإن كانت بداياته تخدم البحث الحالي ، إلا أن أغلب هذه الدراسات ينتهي في مرحلة عمرية تتجاوز وأحياناً بكثير مرحلة ما قبل العمليات ، حيث ينتهي أغلبها في عمر الثامنة أو التاسعة ولم يخرج عن ذلك إلا دراستي (Bell, 1983, Kalyan, 1986) .

 

حيث تنتهي كل منها في عمر الخامسة ، ومع ذلك فلقد نظر الباحث إلى أن انتهاء أعمار أطفال هذه الدراسات فيما تمثل في أعداد أفرادها حيث كان أقلها دراسة (Haynes & Miller, 19870 على ستين طفلاً ودراسة (Bell, 1983) على ثمانين طفلاً وكان أكثرها دراسة (Tyler, 1986) على أربعمائة من الاطفال في حين تراوحت معظم الدراسات الأخرى ما بين مائة إلى مائتين من الأطفال . 

أما عن نتائج هذه المجموعة من الدراسات والبحوث فقد جاءت في مجملها مؤيدة للنظرية ككل وعلى وجه الخصوص ما يتصل بمفهوم المرحلة ، وكذلك خصائص مرحلة ما قبل العمليات كما عرضها بياجيه وهذا ما أكدته دراسات Flavell Et Al, 1987; Mc Gravey; 1987; Kal-yan, 1986; Lange, 1985 Bullok, 1985; Bell, 1983; Brameling, 1983; Switzky, ET Al, 1976; Whiteside, 1976; Elkind, 1974

 

ولقد كشفت دراسة (Hyde, 1970) أوضح تأييد تلقاه نظرية بياجيه في هذه المجموعة من الدراسات حيثما أشارت إلى أن الأطفال عينتها لم يظهروا فقط نفس إجابات أقرانهم من أطفال بياجيه بل إنه قد صدر عنهم نفس الكلمات (كل منهم بلغته : أوربين ، عرب ، هنود) ، كما صدر عنهم نفس أخطاء الأداء بدرجة عالية من التطابق مع الطفل السويسري (Hyde, 1970, P. 197)

وإلى جانب الموافقة شبه الاجماعية في هذه المجموعة من الدرسات والبحوث على الإطار العام للنظرية ، إلا أن دراسة (Barnhart & Sulzby, 1986) قد كشفت عن فشل نموذج بياجيه في النمو العقلي المعرفي في التنبؤ بتطور العمليات العقلية المعرفية لدى أطفال مرحلة ما قبل العمليات وبخاصة ما يتصل منها باكتسابهم لكل من القراءة والكتابة . 

بالإضافة إلى النظرة الكلية لنتائج القبول والرفض بالنسبة للنظرية ، فإن هناك عدداً من النتائج الجديرة بالتسجيل نظرا لصلتها بموضوع البحث الحالي ، منها على سبيل المثال لا الحصر ، ما كشفت عنه دراسة (Tyler, 1986) من أن الأطفال الذين لم يلتحقوا برياض الاطفال كان أداؤهم أفضل من أداء الأطفال الذين التحقوا بها في خمس من مهام بياجيه ، هي العد والتسلسل وتكوين العلاقات والزمن والاطوال.

 

وأن الأطفال الذين التحقوا بالروضة لم يتفوقوا على من لم يتلحقوا بها إلا في مجال التصنيف وكذلك ما انتهى إليه (Kalyan, 1986) من أن البيئة الريفية بدت كبيئة مساعدة أكثر على إحداث النمو العقلي المعرفي للأطفال.

واخيراً موافقة (Hyde, 1970)، على ما قرره بياجيه من وجود تقدم منتظم يعبر عن فهم الطفل لشيء جديد ، معتمدا على ما لديه من مفاهيم سابقة وذلك على امتداد مرحلة ما قبل العمليات ومرحلة العمليات المحسوسة واختلافها معه في ترتيب اكتساب الطفل للعمليات العقلية المعرفية في هاتين المرحلتين.و

أيضاً اتفاقها مع ما قرره العديد من الباحثين الآخرين من أن العلاقة بين العمر العقلي والنجاح في مهام بياجيه ، أقوى من العلاقة بين العمر الزمني والنجاح في تلك المهام .

 

وعلى ضوء ما تقدم فإن الباحث يرى أن هذه المجموعة من الدراسات والبحوث ، قد كشفت عن النقاط التالية :

1- هناك اتفاق على قبول نظرية جان بياجيه في النمو العقلي المعرفي ، كإطار نظري عام للدراسات التي تتناول النمو العقلي المعرفي عموماً والعمليات العقلية المعرفية خصوصاً .

2- يغلب على نتائج هذه المجموعة من الدراسات والبحوث الاتفاق مع النتائج التي انتهى إليها بياجيه ومعاونوه ، خاصة فيما يتعلق بمفهوم مراحل النمو وخصائص المرحلة النمائية .

 

3- هناك انتقاد شائع في كثير من البحوث من جانب حول أغلب العمليات العقلية المعرفية من جانب آخر ، هذا الانتقاد يوضح أن بياجيه لم يكن يقيس عملية عقلية معرفية محددة بقدر ما كان يقيس العملية العقلية المعرفية التي يهدف إلى قياسها ومعها العديد من المتغيرات المتداخلة معها ، بل إنه كان يقيس أحياناً قدرة الطفل على قراءة ما في عقل الباحث .

 

4- ليس هناك اتجاه محدد يوفر اتفاقاً مقبولاً حول موضوع التحاق الطفل بالروضة من عدمه وتأثير ذلك على مسار نموه العقلي المعرفي .

5- التعرض لمتغير الجنس في هذه المجموعة من الدراسات والبحوث كان محدوداً والدراسات والبحوث التي تعرضت له انتهت إلى عدم وجود فروق إحصائية دالة مترتبة عليه .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى