من مخاطر المحاصيل المهندسة وراثياً إلى مشكلة تسويقها
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
منذ تسويق المحاصيل المهندسة وراثياً تجارياً في أواسط تسعينات القرن المنصرم كان التنظيم اللوائحي الحكومي في كندا مقتصراً بنطاق ضيق على مجموعة صغيرة من المخاوف بشأن «السلامة».
فقد شجعت الحكومة الكندية بفعالية التكنولوجيا الحيوية، من خلال قانون براءة الاختراع، وخصخصة بحوث البذور، من بين إجراءات أخرى، وعلى الرغم من أن النداءات الأخيرة الموجّهة إلى الحكومة الكندية بخصوص وضع اللوائح الناظمة على أساس معطيات تسويق المحاصيل المهندسة وراثياً، وعلى الرغم من الاقتراحات الناتجة من هيمنة أفكار الليبرالية الجديدة التي تدعو إلى اتباع ما يسمّى بالنهج العلمي في اللوائح الناظمة، فهناك حاجة إلى تدخّل الدولة وحماية منتجي الزراعة، على الأقل في الأجندة السياسية، ومن خلال توليد المطالب التسويقية القوية للسلع غير المهندسة وراثياً، فإن النشطاء المناهضين للتكنولوجيا الحيوية وحركة الزراعة العضوية فقد ولّدوا عقبات كبيرة أمام توسّع صناعة زراعة التكنولوجيا الحيوية.
إحدى الاستراتيجيات المعارضة الكبرى في كندا كانت تهدف لإثبات أن المحاصيل المهندسة وراثياً تشكّل خطراً على سوق التصدير المهمة، وبالتالي كانت تطالب أن يسحب منتجو البذور بذورهم المهندسة وراثياً من الأسواق.
وقد نجحت هذه الاستراتيجية عندما كان هناك اتفاق واسع النطاق ما بين كل المنتجين الزراعيين المهيمنين على السوق، على أن كبار المستهلكين لن يقبلوا المحاصيل المهندسة وراثياً. ومعركة القمح الذي يحتوي على جين مقاوم لمبيدات الأعشاب الضارة، والذي تحدّثنا عنه في بداية هذا الفصل، دلّل على أنه في سياق اعتماد المزارعين بصورة قصوى على التصدير، كانت المعارضة للأغذية المهندسة وراثياً في بلدان أخرى تحدث التأثير الكبير في الدول المنتجة [للقمح].
إن تلبية حاجات المستهلكين من المحاصيل غير المهندسة وراثياً، تشكل خط تماس للنقد الأساسي للاقتصاد السياسي الراهن بشأن الزراعة وعيوب نظامه الرقابي الناظم، ومع ذلك، فإن حماسة اعتراضات صناعة [التكنولوجيا الحيوية] لمقترحات مثل مشروع قانون C-474، الذي كان من شأنه أن يوسّع معايير تحرير البذور المهندسة وراثياً، ما هي إلا أشارة تبيّن كم قوية هي رغبة صناعة التكنولوجيا الحيوية في إبقاء الصيغة الحالية للوائح التنظيمية القائمة على أساس العلم.
علاوة على ذلك، وكما تمّ تبيانه في الدعوى القضائية للجنة صندوق دعم الزراعة العضوية، فإن صياغة مرافعة قضائية تشير إلى أن المحاصيل الوراثية المهندسة وراثياً تشكّل مشكلة حول التسويق، تطرح بصورة ضمنية تساؤلات حول السلامة المفترضة وحول مصداقية الوكالات الناظمة الكندية.
لقد تعدّت مطالب مزارعي ساسكاتشوان العضويين إلى ما هو أبعد من حماية اختيار المستهلك. كما رفض المزارعون مفهوم التعايش ما بين المحاصيل المهندسة وراثياً وغير المهندسة وراثياً، التي من شأنها أن تدعم اختيار المستهلك في السوق، من أجل حظر تام على المحاصيل المهندسة وراثياً.
على الرغم من كفاح مزارعي الكانولا العضوية ضد صناعة التكنولوجيا الحيوية، لم يسفر عن أي تغيير قانوني من شأنه حماية الزراعة البديلة في كندا. فبالفعل، على مرّ سنين من متابعة لجنة صندوق دعم الزراعة العضوية للدعوى القضائية، تزايد بشكل مطرد اعتماد المزارعين الكنديين على الكانولا المهندسة وراثياً ليصل إلى حوالي 90% في عام 2009 (James 2009).
لقد عكس قرار المحكمة وجهة نظر المهيمنين، والتي تتضمّن أن الجينات الناشزة ما هي إلا مجرّد أفضليات [لاختيار] المستهلك، بدلاً من أن تكون مشكلة بيئية، أو قلقاً على سلامة الأغذية، أو أية مسألة تتطلّب تدخّل الدولة.
كما أن الدعوى القضائية قد فشلت أيضاً في إنشاء أيّة معايير إضافية للتحكم في المحاصيل المهندسة وراثياً، مثل التسويق، ومخاطرها الاقتصادية الاجتماعية على المزارعين العضويين، أو الاهتمامات الاجتماعية الواسعة حول مسار تغيّر التكنولوجيا.
وهكذا، فبدلاً من هذه الأمور من اهتمامات الدولة، بقيت لوائح الجينات الناشزة غير منظّمة في كل من البيئة وإمدادات بذور الكانولا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]