الفيزياء

“أغلاط البصر” الواردة نتيجة لخروج الكثافة عن عرض الاعتدال

2009 البصائر في علم المناظر

كمال الدين الفارسي

KFAS

أغلاط البصر الواردة نتيجة لخروج الكثافة عن عرض الاعتدال الفيزياء

– أما في البُعْد والوضع والتَّجسُّم، والشَّكل والعِظم: فكالمُبْصر المُشفِّ في الغاية إذا كان سُمْكه مقتدراً وسطحه مستوياً مائلاً، ووراءه ضوء قوي، فإن البصر يدركه شديد الإضاءة.

وإذا كان مرتفعاً عن سطح الأرض ولم يكن مماساً لجسم كثيف، فإنه لا يتحقَّق ميل سطحه، ولا هيئة استوائه فيغلط في شكله.

وإذا أدرك المائل مواجهاً، فقد غلط في وضعِه وأبعاد أطرافه، وفي العظم وإن كان فيه تحديب يسير فلا يدركه فيغلط في تَجسُّمه أيضاً.

 

– وأما في التفرّق والاتصال والعدد: فكما إذا كان في المُشِفِّ المذكور خطٌّ مخطوطٌ بجسم كثيف متلوِّن، أو كان جُزء منه كثيفاً وممتداً في أحد أقطاره، أو كان وراءه جسمٌ كثيفٌ ملتصقٌ به.

فإن البصر ربما ظن ذلك تفرقاً، وكذلك إن كان المُشِف المذكور جسمين مُنطبقاً أحدهما على الآخر على التهندم فإنه لا يدرك الانفصال.

 

– وأمّا في الحركة: فكما إذا نظر إلى مُشفٍ في الغاية، وكانت أطرافه مستترةً عن البصر، بأن يدركه المبصر من ثقبٍ ضيقٍ، وكان وراء ذلك المُشف وقريباً منه أو مماساً له جسم مختلف الالوان، يتحرك على الاستدارة أو يضطرب، فإن البصر يظن أن المتحرِّك هو المُشِف.

– وأمّا في السكون: فكما إذا كان المُشف المذكور كرةً تتحرك على نفسها، فإنه يدركها متشابهة الاجزاء في الغاية فيظنها ساكنة.

 

– وأمّا في الخشونة والملاسة: فكما إذا كان المُشف المذكور يظهر من ورائه (ضوءٌ قويٌ في الغاية، وكان في سطحه خشونة فإنها تخفى لقوة الضوء، وإن كان أمْلس والضوء الذي يظهر من ورائه) مختلف الصورة، (وذلك أن يكون مشرقاً على جسم مختلف الألوان وهي صغار)، ويكون في سطحه خشونة ظاهرة، فرُبما ظن أن تلك الخشونة إنما هي في سطح المُشف.

– وأمّا في الشفيف والكثافة: فكما إذا كان من ورائه جسم مشف آخر ضعيف الشفيف، ذو لونٍمُشرقٍ، ومتصل بالمشف الأول، فإن البصر يدركهما جسماً واحداً، والأول متلوناً بلون الثاني، ومُشفاً مثله (فيغلط في الشفيف الضعيف، أو كان الىخر كثيفاً فيظن الاول مثله) فيغلط في الكثافة.

 

– وأمّا في الظل: فكما إذا كان في حائطٍ من حيطان البيت ثقب يفضي إلى بيت آخر، وكان وجه ذلك الثقب مسدوداً بجسم مثشِفٍ في الغاية مستوى السطح.

وكان في الحائط المقابل لذلك الثقب ثقبٌ آخر منكشف للسماء، ودخل ضوء الشمس منه وانتهى إلى الجسم المشف المقابل له، وكان مقدار الضوء لا يفضل عن ذلك الجسم المشف.

فإن البصر إذا كان نظر إلى هذا المشف ولم يكن في موضع انعكاس الضوء إليه، أدرك المشف مستظلاً، لأن المشف إذا كان في غاية الشفيف نفذ فيه الضوء، ولم يثبت في سطحه شيئاً، فلا يظهر للبصر ضوؤه.

وإذا كان ما يحيط بذلك المشف من الحيطان مستظلاً، فإنه لا يشك أنه أيضاً مستظل.

 

– وأما في الظّلمة: فكالبحار والمياه الواقفة إذا كانت صافية شديدة الشفيف عميقة جداً، فإن البصر يدركها مظلمة من إشراق الضوء عليهان ونفوذه في شفيفها، وإن لم تكن تربتها سوداء، وخاصة إذا أدركها البصر أول النهار وآخره قبل طلوع الشمس، وبعد غروبها.

وعندما تكون محتجبة بالسحاب، والعلة في ذلك هي شدّة شفيف الماء، فإنه إن كان كدراً أو لم يكن شفيفه في الغاية، فإنه ليس يدرك مظلماً، ثم إن شفيف الماء وإن تناهى فإنه لا يبلغ شفيف الهواء.

فإذا أشرق عليه الضوء كان له ظلٌ على أرضه، ولبعض أجزائه ظلٌ على بعضه، وقبوله لصورة الضوء لا يكون مثل قبول الهواء لاستظلال بعض الأجزاء بالبعض.

 

فيكون الضوء الذي في الماء دون الذي في الهواء، والبصر يدرك الماء للكثافة اليسيرة التي فيه، ويدرك ما في داخله لشفيفه، فهو يدرك الظل الذي في داخل الماء، الذي هو الظل المتراكم.

وإذا تضاعف الظل صار ظلمةً قوية: لأن الظل هو بمنزلة اللون الرقيق إذا تضاعف صار لوناً قوياً، كالشراب المشف الرقيق اللون إذا سُكب في الإناء ظهر في حال انسكابه أبيض، أو ذا لون خفي، فإذا اجتمع كثيراً تقوى لونه عند الحس، وخاصة إذا لم يكن وراءه ضوء قوي.

فكذلك الظل الذي يظهر في الماء رقيقا، فإذا تضاعف لكثرة عمق الماء صار ظلمة قوية.

 

وعند الحقيقة حاله كالحال في زُرقة السماء، لأن الضوء لما عُدم فيهما أدركا مظلمين.

فأما لم يحصل ههنا سواد وهناك زرقة فلأن الهواء المستضيء الحامل لبياض النهار أكثر مساحة من الماء المستضيء، ويعين على سواد لون الماء ما ينعكس إلى البصر من سطحه من زُرقة السماء، فيمتزج بذلك.

وأما الماء الكدر الذي شفيفه يسيرٌ فلا يدركها مظلماً، لانه يكون ذا لون ظاهر، وكثافة قوية، فلا يدرك البصر من عمقه إلا مسافة يسيرة، لقوة لونه، وضعف شفيفه، فلا يدرك الظل في داخله على ما يورث الظلمة، لقلَّة سمكه، واستظهار لون الماء على صورة الظل.

 

– وأما في الحُسْن: فكالأواني الشديدية الشفيف، إذا كانت اشكالها حسنة، ويف تضاعيفها مواضع غير مستحسنة.

كالعيوب التي تكون في البلُّور أو الزجاج، فإذا كان في تلك الاواني شرابٌ قوي اللون حسنه، فإن اللون الذي يظهره الشفيف يخفي المعاني التي يشينها، فيظهر حُسْنُه للحسِّ، ولا يحسّ بقبُحها.

 

– وأما في القُبْح: فكالأواني المُشفَّة المحكمة الصنعة، التي فيها نقوشٌ وتماثيل مستحسنةٌ، واشكالها غير مستحسنة وفيها شرابٌ قويٌّ مظلم اللَّون، فإنها بشفيفها تظهر اللون من ورائها فيتستر محاسنها إذا لم تظهر النُّقوش التي فيها، أو لم تظهر على ما هي عليه.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى