علم الفلك

فوائد استخدام المسبار القمري “كليمنتيم”

2013 دليل مراقب القمر

بيتر غريغو

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

مسبار كليمنتيم – انتصار التقنية والتوفير الاقتصادي لقد أشر المسبار كليمنتيم، وهو بعثة مشتركة بين وزارة الدفاع الأمريكية ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا، لاستئناف استكشاف القمر بعد عقدين من الزمن تقريباً. حيث بدأ بين فبراير/ شباط ومايو / آيار 1994 بعملية مسح شامل للقمر من مدار قطبي متخالف المركز. حصل مسبار كليمنتيم على مقدار لا يصدق من البيانات الجديدة حول سطح القمر – تضاريسه، وهيكله، وتركيبه، وفلزاته المعدنية – كما حصل المسبار على أكثر من مليوني صورة قمرية. حصلت كاميرات مسبار كليمنتيم الأربعة على صور بأطوال موجات بصرية وتحت الحمراء وفوق البنفسجية – وهذا مزيج قوي كشف الهيكل والتركيب غير المشاهدين سابقاً. وتم إرسال ما يصل إلى 5000 صورة خلال كل دورة حول مدار القمر لمدة خمس ساعات.

قام نظام كشف المدى في مسبار كليمنتيم بالتقاط ارتداد إشارات ليزرية عن سطح القمر ليقيس ارتفاعه فوق السطح القمري بدقة. ويمكن أن يتحدد بعد المسافة عن السطح في أخفض نقطة في مداره المتخالف المركز في نطاق 50 متراً. وبجمع هذه المعلومات مع الصور القمرية المفصلة الواردة من المسبار كليمنتيم، يمكن حساب نماذج تضاريسية (طبوغرافية) ثلاثية الأبعاد. وقد وجد بأن القمر له نطاق تضاريسي بحوالي 16 كم من قيعان (أرضيات) الفوهات البركانية الأعمق إلى رؤوس الذُرى الأعلى للجبال مع اختلافات متمايزة بين الجانب القريب والجانب البعيد من سطح القمر. تُظهر الخريطة الطبوغرافية من مسبار كليمنتيم بأن مساحة كبيرة من الجانب البعيد تغطيها هضبة شاسعة مرتفعة ترتفع وسطياً حوالي 4 كم عن النجود في الجانب القريب.

اكتشف بأن جميع البحار في الجانب القريب منخسفة تحت مستوى السطح الوسطي. ووجد أن بحر الأزمات هو البحر الكبير الأعمق، حيث ينخفض حوالي 4 كم تحت مستوى السطح الوسطي. يتكشف بحر هامبلدتيانوم الواقع قرب الحافة الشمالية الشرقية لقرص القمر على شكل حوض واسع يتربع سهل اللاّبة المركزي فيه على مستوى ينخفض 6 كم عن مستوى السطح القمري الوسطي. ويشكل بحر الحدود على الحافة الشرقية لقرص القمر لوحة فنية مبقعة من تدفقات اللاّبة يبلغ متوسط عمقها حوالي 3 كم،

في حين يبدو بحر سميثي الواقع مباشرة في الجنوب على شكل حوض دائري مميز أعمق قليلاً من محيطه المجاور. لا يظهر سهل شيلر الحلقي، وهو شكل تضاريسي ارتطامي مغرق في القدم قطره 350 كم قرب حافة قرص القمر الجنوبية الغربية، على خرائط مسبار كليمنتيم الطبوغرافية بوضوح قدر ما هو متوقع – ويبدو هذا الشكل التضاريسي في درجة الإضاءة الصحيحة منظراً مهيباً للمراقب الأرضي. وتبدو فوهة شيلر البركانية المتطاولة الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية للسهل أعمق بكثير.

لا تبدو أحواض البحار في الجانب البعيد من سطح القمر للوهلة الأولى – باستثناء البحر الشرقي الذي يبدو مثل عين الثور متعددة الحلقات – كبيرة ومثيرة للاهتمام مثل تلك الأحواض في الجانب القريب. غير أن مسبار كليمنتيم اكتشف المدى الحقيقي لأحواض البحار في الجانب البعيد. عندما تم رسم خريطة المنطقة الجنوبية في الجانب البعيد، والتي تشغلها الفوهات المعتمة القاع لايبنيتز، فون كارمان، بوانكاري، أبولو وبحر الذكاء، فقد وجد بأنها محتواة بالكامل ضمن انهدام دائري شاسع يزيد عرضه عن 2000 كم ومتوسط عمقه 5 كم. ويعتبر هذا الشكل التضاريسي المسمى حوض آيتكن القطب الجنوبي أكبر ندبه ارتطامية في النظام الشمسي. وقد تم مشاهدته من قبل، وأحدث مرة شوهد فيها في عام 1990 بواسطة مسبار الفضاء جاليليو في طريقة إلى المشتري، غير أن مسبار كليمنتيم وفر لنا معلومات طبوغرافية ملموسة وصور مفصلة كشفت حجمه الحقيقي. كما يعتبر الحوض الارتطامي الأعمق في النظام الشمسي، حيث تصل في بعض الأماكن إلى عمق 12 كم تحت متوسط مستوى السطح في الجانب البعيد. وليس من المبالغة الإدعاء بأن الاصطدام النجمي الذي شكل حوض آيتكن القطب الجنوبي قبل أكثر من 4 مليارات سنة كاد يدمر القمر. تطايرت كمية واسعة جداً من مادة غشاء القمر واندفعت على السطح نتيجة الاصطدام، وأظهر مسبار كليمنتيم أن للحوض سطح له تركيب فريد من نوعه غني بالحديد والتيتانيوم.

لقد ساد الاشتباه لوقت طويل جداً أن مناطق معينة في المناطق القطبية الشمالية والجنوبية على القمر تقبع في ظل دائم. وهي قيعان الفوهات العميقة بما يكفي بأن لا تتعرض للإضاءة بأشعة الشمس لملايين عديدة من السنين. ولكن يصعب من الأرض رسم خرائط المناطق القريبة من القطب على القمر، سيما النجود الجنوبية المكتظة. وكانت إضافات كاميرات أبولو لمعرفتنا بالقطبين الشمالي والجنوبي محدودة جداً باعتبار أن بعثات أبولو قامت بعمليات مسح القمر من المدارات الواقعة فوق خط الاستواء على القمر ولم تتم مشاهدة المناطق القطبية إلا من زاوية مائلة جداً ومن مسافات بعيدة عندما كانت تظهر على الطريق إلى القمر أو في طريق العودة إلى الأرض. قبل بعثة المسبار كليمنتيم، وجدت منطقة باسم «لونا انكوجنيتا» تزيد مساحتها عن 100000 كم2 في القطب الجنوبي، ممتدة من الفوهات أموندسن إلى دو روي. وقام المسبار كليمنتيم برسم خريطة القمر بأكمله من المدار القطبي ووجد أن القطب الجنوبي للقمر مبقع بأشكال تضاريسية عميقة بما يكفي لاختبار تجربة الليل القمري الأبدي. تقع أكبر منطقة ظل من هذا النوع فوق القطب الجنوبي مباشرة إلى الغرب من فوهة أموندسن ويبلغ قياس قطرها أكثر من 100 كم.

انعكست إشارات الرادار المتجمعة في مناطق الظل القطبية الجنوبية بقوة أكبر بكثير من تلك الإشارات المنعكسة عن بقية سطح القمر. وشدد العلماء على أن انعكاسات الرادار لم تمثل وجود جليدي غير مبهم بكل وضوح، وهم مدركون بأن الانعكاسات ربما تولدت بفعل منطقة ملساء جداً من الصخر الكثيف. غير أن المناطق الواسعة النطاق من الصخور الجرداء الملساء لا توجد في أي مكان آخر على القمر. وبقي العلماء حذيرين رغم أن العديدين منهم كانوا متأكدين بأن صدى إشارات الرادار المعززة مثلت إشارات بداية الحكاية لمساحات كبيرة من الجليد المائي الموجودة في منطقة الظل في القطب الجنوبي في قيعان الفوهات البركانية، وهي في درجة حرارة دائمة ناقص 180º س.

 

 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى