التاريخ

سعي آينشتاين إلى بناء “جمهورية الذوق واللياقة”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

آينشتاين جمهورية الذوق واللياقة التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

كان آينشتاين، كما أسلفنا، يكره الثروة وكان دائما يقول: إنني مقتنع تماماً بأن أي مقدار من الثروة في العالم لن يستطيع أن يدفع البشرية للأمام.

ولكن ماذا يحتاج إليه العالم يا آينشتاين؟ إنه السلام.. شيء لا يمكن شراؤة بالمال.

لذا عندما انتهت الحرب الأولى حاول أن يُشيِّد حلمه عن السلام العالمي فوق أسسٍ من الحقيقة.

فأخذ على عاتقه إلقاء سلسلة من (محاضرات التوفيق) بين بلاده والبلاد المعادية لها.

وفي الوقت الذي كان من الخطر أن يتحدث فيه الإنسان اللغة الألمانية في شوارع باريس، أخذ هذا المحب للسلام يشرح فلسفته الكونية بصوته الوديع الرقيق، واكتسب عواطف مستمعيه وجعلهم يعطفون على مواطنيه من الألمان، وعندما تقدَّم إلى منصة المحاضرات في لندن قابله الجمهور في البداية بعداء صامت لكونه ألمانياً.

ولكن سرعان ما ذاب هذا العداء متحولاً إلى تسامح، ثم تطور التسامح إلى ترحيبٍ صاخب. وكانت عالمية تفكيره تجعل الناس يخجلون من تفكيرهم الإقليمي التافه.

فقد كشف لهم عن النظام البديع المتناسق للنجوم وتنبأ بمجيء اليوم الذي يوجد فيه نظام متناغم مماثل بين أمم الأرض جميعاً.

وقد قابل رئيس وزراء فرنسا آنذاك وناقش معه ضرورة عقد ميثاق فرنسي – ألماني، لإنهاء الكراهية بين الأمتين، وقبل منصب ممثل ألمانياً في لجنة (عُصبة الأمم للتعاون الفكري). وبحث مع هنري برجسون بناء (جمهورية الذوق واللياقة) التي كان الرجال ذوو النوايا الطيبة ميالين إلى إقامتها في العالم كله.

ولكن هل يسلم آينشتاين من أعداء السلام؟ كيف وهذه سيدة روسية من النبيلات، تؤكد الأطماع الاستعمارية، تنوي اغتياله لتتوقف مسيرة الحَمَام التي يقودها ويتدفق تيار الدم.

كذلك ارتفعت الصرخات هذه على أساس أصله العنصري، وكانت معاداة اليهود قد طغت وسرت في ألمانيا عقب الحرب، وذُهل آينشتاين لما رآه من التعصب الوحشي لدى مواطنيه الألمان.

وأخيراً لما وجد اسمه قد صار بارزاً في القائمة السوداء للسفَّاحين من أنصار الحزب النازي في ألمانيا، عَبَرَ الحدود إلى مرفأٍ أمينٍ في هولندا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى