الفيزياء

تجارب توجيه الضوء في نوافير المياه

2013 الرمل والسيليكون

دنيس ماكوان

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الفيزياء

لقد استُعمل الضوء خلال عقود من أجل إرسال المعلومات ولو أنها كانت بطيئة على الأرجح، فقد استعملت الجيوش حبال النار للتحذير من انتهاك القوى المعادية، كما استعمل الوطنيون في بوسطن المشاعل (واحداً على الأرض واثنين في البحر)، واستعملت البحرية الأضواء المتوهجة مع رموز مورس بين السفن.

أُقيم البرهان لأول مرة على فكرة تضمين السعة لحزمة ضوئية كوسيلة من أجل إرسال الاتصالات الصوتية من قبل ألكسندر غراهام بل (Alexander Graham Bell) بعد سنوات قليلة من حصوله على براءة اختراع الهاتف.

وفي عام 1880، حصل على براءة اختراع "الهاتف الضوئي" الذي يحوِّل فيه حجاب مرآتي الاهتزازات الصوتية إلى حزمة ضوئية مضمنة (Bell 1880). ومع ذلك، فإن إرسال الضوء عبر الهواء على مسافات طويلة يتعلق بشدة بالشروط الجوية. من هنا، بقي الهاتف الضوئي كناية عن فضول لا أكثر.

خلال القرن التالي، كانت الاتصالات بعيدة المسافة بواسطة الأسلاك النحاسية والأمواج الراديوية، وقد أصبحت الاتصالات العملية بالأمواج الضوئية حقيقة فقط في سنوات اﻠ 1980 وذلك بالتضافر بين ثلاث تكنولوجيات: المنابع الضوئية على شكل صمّامات LEDs وليزرات أنصاف نواقل؛ كواشف صمّامات ضوئية عالية السرعة؛ وألياف الكوارتز.

من أجل أن تكون أجهزة منظومة اتصالات عملية ، يجب أن تُرسل الألياف الضوئية الضوء مع ضياعات دنيا، فالضوء يتخامد بسبب امتصاصه في الكوارتز وبسبب تسربه خارج الليف عند مروره فيه على السواء. وينبغي تصميم الليف كي يمرر الضوء من نهاية إلى الأخرى مع ضياع أدنى. عُرضت قصة تطوير الألياف الضوئية في كتاب جيف هيكت (Jeff Hecht) بعنوان مدينة الضوء، وقد أُخذ الموجز القصير التالي منه (Hekt 2004).

 

تعود التقارير الأولى المنشورة حول توجيه الضوء في نوافير الماء إلى دانيال كولادون (Daniel Colladon) وجون تيندال (John Tyndall) (Colladon 1842 and Tyndall 1854)، وقد استُعملت نوافير ماء كولادون من قبل الأوبرا في باريس كجزء من الدور الذي أُقيم من أجل أوبرا فوست (Faust) عام 1853. باحتجاز الضوء الأحمر داخل نافورة الماء، ظهر إبليس يُخرج تيار نار من برميل خمر (Hekt 2004, p. 16).

وقد عَرض عدد من المعارض في نهايات القرن التاسع عشر عيون ماء متعددة الألوان حيث وُضعت أضواء مختلفة الألوان تحت العين مما جعلها تظهر داخل تيارات الماء المخزنثة منها.

وكما يشير هيكت، فإن واحدة من نوادر التاريخ سيئة الحظ قد دفنت تجارب كولادون في الأدبيات الأكاديمية، مما جعل اكتشاف توجيه الضوء يُنسب بالنتيجة إلى تيندال (Hekt 2004, p. 27).

يُوجَّه الضوء على طول نافورة ماء أو ليف ضوئي بواسطة ما يسمى الانعكاس الكلي الداخلي، ويعتبر توجيه الضوء امتداداً منطقياً لظاهرة طالما اختبرناها، أي انعكاس وانكسار الضوء. وإذ نأتي إلى المحيط لالتقاط قوقعة ترقد على القاع الرملية، يكون علينا تصحيح حقيقة تغيير اتجاه الضوء عندما يمر من الهواء إلى الماء، فعقلنا يتوقع أن الضوء يستمر في الحركة على خط مستقيم عندما يدخل إلى الماء ويوعز إلى أيدينا بالذهاب إلى ما يبدو أنه الموقع الخاطئ.

كان العالم اليوناني كلوديوس بطليموس (Claudius Ptolemy) أول شخص في تسجيل كيف تتغير زاوية شعاع ضوئي عندما يخرج من الماء، وخير ما يُذكر من أجله بطليموس هو نموذجه للكون المتمركز على الأرض الذي تنبأ بدقة معقولة بحركات السموات بواسطة آلية ساعة معقدة لحركات دواليب حول الأرض.

 

ولقد حل النموذج الكوبرنيكي مع الشمس في مركز المجموعة الشمسية محل نموذج بطليموس وقاد إلى النزاع المعروف جيداً بين الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، التي قبلت نموذج بطليموس ، وغاليلو غاليلي (Galileo Galilei) الذي ساند النموذج الكوبرنيكي.

قاس بطليموس الزاوية التي يصنعها شعاع ضوئي بالنسبة إلى خط عمودي على سطح الماء عندما يمر الضوء من الهواء إلى الماء، كما سجّل في عام140 قبل الميلاد جدولاً للزاوية في الهواء والزاوية الموافقة في الماء عندما تتزايد الزاوية في الهواء من خط النظر المستقيم النازل تقريباً على الماء (10°) إلى الانطباق على سطحه (80°).

ولقد لاحظ أن التغير في الاتجاه يزداد من إلى 30° عندما تزداد زاوية الورود من 10° إلى 80°. وكما يشير فاينمان (Feynman)، إنها واحدة من المرات القليلة في العلوم الإغريقية التي سُجلت فيها نتائج تجربة (Feynman 1975, pp. 1-26).

لم يدرك بطليموس العلاقة بين الزاويتين في الهواء وفي الماء، ولم يتحقق ذلك حتى عام 1621 عندما بيّن ويلبرورد سنيل (Willebrord Snell) أن الزاويتين ترتبطان بواسطة ما يسمى اليوم قانون سنيل (nasinθa=nbsinθb). وعلى السطح الفاصل بين مادتين مثل الماء والهواء، يتساوى ضرب مؤشر الانكسار بجيب الزاوية التي يصنعها الضوء مع العمود على السطح  في كل من المادتين.

يساوي مؤشر الانكسار إلى قسمة سرعة الضوء في الفراغ على سرعة الضوء في المادة، وتساوي مؤشرات انكسار الهواء والماء والكوارتز 1.0 و 1.3 و 1.5 على التوالي، ويتحرك الضوء 25% و 33% أبطأ في الماء والكوارتز على التوالي مقارنة مع الهواء.

 

عندما نصل إلى القوقعة، تكون في الواقع أقرب إلينا مما هو متوقع، وينعطف الضوء االوارد من القوقعة نحو الأسفل كما يبين أعلى يسار الشكل 2.7 (ينعطف الضوء الوارد من اليمين نحو الأسفل عندما يمر عبر السطح).

بما أن مؤشر انكسار الماء أكبر من مؤشر الهواء، فإن الزاوية التي يصنعها الضوء مع العمود على السطح تكون أصغر في الماء منها في الهواء.

الأمر الهام فيما يتعلق بتوجيه الضوء في نافورة ماء أو ليف ضوئي هو ما يحدث عندما نعتبر شعاع الضوء المار من الماء إلى الهواء، فمع زيادة الزاوية، نصل إلى زاوية حدية تبلغ عندها الزاوية في الهواء، التي تزداد أسرع، 90°.

وعند هذه الزاوية، يكون شعاع الضوء المنبثق في الهواء موازٍ لسطح الماء. إذا ازدادت الزاوية في الماء أكثر، فإن الضوء ينعكس إلى الخلف في الماء (انعكاس كلي داخلي) كما يبين أعلى يمين الشكل 2.7. تبلغ الزاوية الحدية في الماء 50.3 ° وفي الكوارتز 41.8 ° ، ويحدث الانعكاس الكلي الداخلي في المادة إذا كان مؤشر الانكسار للمادة المحيطة أصغر منها في مادة القلب.

 

قبل الذهاب إلى مناقشة توجيه الضوء في ليف ضوئي، يجدر التذكير أن قانون سنيل ينجم عن واحدٍ من المبادئ الأساسية في الفيزياء، ألا وهو مبدأ الزمن الأصغر الذي طوره بيار فيرما (Pierre Fermat)، خبير الرياضيات الفرنسي عام 1650.

ويعتبر هذا المبدأ أن الضوء يتبع المسار الذي يأخذ أقل وقت عند المرور من النقطة A إلى النقطة B. يعطي فاينمان مثال رجل إنقاذ على الشاطئ يرى أحدهم في خطر في الماء وهو يعرف أنه يمكنه الركض أسرع مما يمكنه السباحة وأنه يمكنه بلوغ الرجل الغريق أسرع إذا ركض جزءاً من الطريق على الشاطئ قبل الدخول إلى الماء والسباحة نحو الشخص الغريق.

يمثل قانون سنيل بناءً هندسياً لمبدأ الزمن الأصغر لمرور الضوء من مادة إلى أخرى عندما تكون سرعته مختلفة في كل من هاتين المادتين، ولقد تطور علم الضوء الهندسي الذي يصف عمل العدسات والمرايا وغيرها انطلاقاً من مبدأ فيرما (Feynman et al. 1975, pp. 4-26)

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى