الفيزياء

تجارب توجيه الضوء إلى قضبان وألياف الزجاج

2013 الرمل والسيليكون

دنيس ماكوان

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الفيزياء

خلال النصف الأخير من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، انتقلت تجارب توجيه الضوء من نوافير المياه إلى قضبان وألياف الزجاج.

وكان الاهتمام يدور حول تطوير أجهزة تصوير يمكنها نقل الصورة من مكان إلى آخر، كما رغب الأطباء في إيجاد طريقة للنظر إلى داخل جسم الإنسان، ونستفيد جميعنا اليوم من توفر الأجهزة المرنة من أجل فحص الأعضاء الداخلية.

يمكن نقل صورة من مكان إلى آخر بتجميع مجموعة من القضبان أو الألياف المتوازية حيث ينقل كل ليف جزءاً صغيراً من الصورة وتزداد دقة الصورة الناتجة مع تناقص أقطار الألياف. وتكمن البراعة في المحافظة على اتجاه كل ليف بالنسبة للألياف الأخرى من أجل تحاشي تشوه الصورة.

طور عدد من الناس طرائق لنقل الصورة لكن براءة الاختراع الأساسية بعنوان "نقل الصورة" مُنحت إلى س. و. هانسل (C.W. Hansell) الذي كان يعمل في مختبرات آر سي ا (RCA) (Hansell 1927). تمكنت حزم الألياف هذه من العمل على مسافة قصيرة فقط لأن الضوء كان يتسرّب من ليف إلى آخر عند تماسها مع بعضها.

 

تحقق الاختراق مع التعرف على أنه إذا أُحيط [غُلِّف] الليف المركزي بمادة ذات مؤشر انكسار أصغر، يصبح ممكناً احتواء الضوء بواسطة الانعكاس الكلي الداخلي. ومع أن ذلك يبدو واضحاً بنظرة إلى الوراء، فلقد تطلب الأمر ما ينوف عن عشرين عاماً قبل أن يدرك العديد من الناس أن الغلاف كان المكون المفتاحي للتطوير الناجح للألياف الضوئية.

وعلى مثال عدد من الأفكار الهامة، يسود جدل حول من كان صاحب الفكرة الأولى، لكن هيكت ينسب الاكتشاف إلى بريان أوبريان (Brian O'Brian) في جامعة روشستر (Rochester) عام 1951. بعد ذلك بقليل، جاء تطوير أول منظار معدة مرن في جامعة ميشيغان عام 1956 باستعمال ألياف بصرية ذات غلاف من قبل باسيل هيرشوفيتز (Basil Hirschowitz) (Hirschowtiz et al. 1956).

كانت وراء هذا النجاح الفكرة الموهوبة حول كيفية تصنيع غلاف ليف عملي (Curtis 1957) لطالبه الجامعي لورنس إ. كورتيس (Lawrence E. Curtis) الذي وضع قضيباً من الزجاج داخل أنبوب زجاج مختلف ذي مؤشر انكسار أصغر وسخنه فالتحم مع القضيب.

نتج عن ذلك ما يدعى اليوم الشكل الأولي (Preform) الذي يوضع شاقولياً في فرن وتُسخَّن نهايته السفلى حتى يبدأ فقط الزجاج بالانصهار من أجل سحب الليف.

 

وكما يبين الشكل 3.7، يُسحب الزجاج المصهور على شكل ليف يُلف على بكرة (في حالة كورتيس، كانت البكرة عبوة طحين شوفان) وينزاح الشكل الأولي داخل الفرن. مع تضيُّق الشكل الأولي من أجل تشكيل الليف، يصبح مقطعه منتظماً ويحافظ على سطح تماس إسطواني حاد بين أنواع الزجاج المختلفة في مؤشر الانكسار.

يتعرض الضوء المار في قلب الليف إلى انعكاس كلي داخلي كما يبين الشكل 2.7. في عام 1957، جمَّعَ هيرشوفيتز وزملاؤه منظار معدة قابل للعمل من مجموعة ألياف ذات غلاف ومَنحوا بعدها ترخيصاً لشركة مصنعي منظار المثانة الأميركية المتحدة  من أجل تصنيع جهازهم كما أصبح منظارهم للمعدة خلال سنوات الستينات 1960 واسع الانتشار في المهنة الطبية.

على الرغم من توفر تكنولوجيا تصنيع الألياف الزجاجية ذات الغلاف في نهاية سنوات الخمسينات 1950 ، فإن الاتصالات بالأمواج الضوئية لم تحظ باهتمام كبير من قبل صناعة الاتصالات اللاسلكية لأن امتصاص الضوء في الليف كان كبيراً جداً.

منذ الأيام الأولى للهاتف، قيست شدة وتخامد الإشارات الصوتية باستعمال وحدة الديسيبل dB (اختير البل على شرف ألكسندر غراهام بل). تعتبر الأذن محساسة لنسب مئوية صغيرة جداً من تغيرات الشدة وذلك بشكلٍ مستقل عن شدة الصوت المطلقة.

من هنا، يُعرَّف الديسيبل على أنه لوغاريتم نسبة الشدة إلى الشدة المعيارية. يقاس ضياع الطاقة في ليف ضوئي عادة بالديسيبل في الكيلومتر، فإذا انخفضت شدة الإشارة إلى 1% من مستواها الأصلي بعد تجاوز كيلومتر من الليف، فإنها تكون قد انخفضت عند ذلك بمقدار 20 dB/km.

 

صُنِّعت الألياف الأولى ذات الغلاف من الزجاج العادي الذي يكون غير نقي نسبياً، ويبلغ التخامد عادة 1000  dB/km (بعد كيلومتر، تكون نسبة الاستطاعة الباقية 10-100). وإذا كان تصنيع جهاز طبي طوله عدة أقدام شيئاً ما، فإن نقل إشارة ضوئية عدة كيلومترات هو شيء آخر. ومع ذلك، بدأت مجموعة في مختبر الاتصالات اللاسلكية المعياري (STL) في إنكلترا تقصي إمكانيات استعمال الألياف الزجاجية في الاتصالات الضوئية.

في عام 1966، قُدمت ورقة علمية حاسمة من قبل تشارلز كاو (Charles Kao) في مختبر STL، حيث وضع تصميماً عاماً لنظام اتصالات ضوئية، واقترح أنه إذا أمكن تخفيض الضياعات إلى ما تحت 20 dB/km، فإن الليف الضوئي يمكن أن يصبح عند ذلك تكنولوجيا صالحة في صناعة الاتصالات (Hockham and Kao 1966). تقاسم تشارلز كاو جائزة نوبل عام 2009 من أجل أعماله الأولى حول الألياف الضوئية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى