الطب

احتمال وجود نمط آخر من أنماط السكري

2013 أنت والسكري

نهيد علي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

يتابع العلماء إجراء البحوث حول احتمال وجود نمط آخر من أنماط السكري، منذ أن اكتشفوا وجود الإنسولين في الدماغ.

فهناك نظرية تربط بين السكري وبين مرض ألزهايمر، وهو ما قد يقود العلماء إلى نمط إضافي من أنماط السكري.

وقد أسفرت البحوث التي أجريت في مستشفيات رود آيلاند وكلية طب براون أن هناك ارتباط بين الإنسولين والبروتينات ذات الصلة به من جهة وبين جزء من الدماغ له صلة وثيقة بمرض ألزهايمر.

كما لاحظ العلماء أيضاً أن عوامل النمو الخاصة بالإنسولين، والتي توجد في كل من الدماغ والبنكرياس، ضرورية جداً لبقاء الخلايا الدماغية على قيد الحياة، وأن اختبار البحث عنها يكون إيجابياً في المراحل الطويلة الأمد من مرض ألزهايمر.

وقد أصبح من الواضح أن هناك ارتباط بين المقاومة للإنسولين وتَنَكُّس (تدهور بنية) الخلايا العصبية، إلا أنه ليس هناك بيِّنات على هذه النظرية.

فتنكُّس الخلايا العصبية التي تسمى النورونات يعني تدهور بنيتها، ولا تزال هذه النظرية التي تربط بين السكري وألزهايمر في طور البحث.

ولدراسة العلاقة بين السكري ومرض ألزهايمر درس العلماء الشذوذات التي تطرأ على بعض الجينات باستخدام فئران التجارب في المختبرات، ولاحظوا أن الشذوذات في الجينات تؤدي إلى تناقص الإشارات التي يصدرها الدماغ

 

وأن الإنسولين وعاملين من عوامل النمو الشبيهة بالإنسولين( insulin-like growth factor) (IGF)  يحملان الرقمين 1 و 2 تتحرر في مناطق مختلفة من الجملة العصبية المركزية

ومن المفترض أن يؤدي تثبيط الإنسولين في الدماغ إلى مرض ألزهايمر، إلا أن هذه الحالات غير السوية لا ترتبط بالسكري من النمط 1 ولا النمط 2. ونتيجة لذلك، فإن الباحثين يشكون في أن هذه القضية المتعددة الجوانب لها جذور عميقة في الجملة العصبية المركزية.

وقد دفعت مثل هذه النتائج والنظريات بالعلماء والخبراء في الطب إلى دراسة النسج التي استفردت من مرضى ألزهايمر بعد موتهم، فاكتشف الباحثون وجود عوامل نمو غير سوية في الحُصَيْن (وهي بنية دماغية تقع في المنطقة التي تصل بين نصفي الكرة الدماغية) وهي المنطقة المسؤولة عن الذاكرة، وتؤدي هذه المظاهر من عدم الانتظام في عوامل النمو إلى موت الخلايا الدماغية.

وفي شباط/فبراير من عام 2009 نشرت وكالة رويتر تقريراً أعدته جولي ستين هويسين يشير إلى أن الإنسولين يلعب دوراً هاماً في حماية الدماغ من آثار العملية التي تؤدي لظهور مرض ألزهايمر، فوفقاً لما توصل إليه الباحثون في جامعة نورث ويستيرن بقيادة ويليام كلاين من شركة غلاكسو سميث كلاين وهم يدرسون الدواءين "آفانديا (Avandia)" و "روسغليتازون(Rosiglitazone)"وهما الدواءان اللذان كان الأطباء يوصون مرضاهم من السكريين بتناولها، على أنهما يحميان الدماغ من البروتينات ذات الصلة بمرض ألزهايمر.

وقد كان من المفترض أن يزيدان من حساسية الجسم للإنسولين، وقد أوضحت النتائج أن ألزيهايمر يبدو على الأغلب كأنه نمط من أنماط السكري التي تصيب الدماغ.

 

وقد أعاد كلاين القول أن بحوثه قد كشفت عن أن تقوية الإشارات التي يحملها الإنسولين تحمي النورونات.

ويمكن مراجعة هذه النتائج في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، وقد قدم كلاين في مكالمة تليفونية أجراها مع وكالة رويترز للأنباء الأنماط المختلفة للسكري وذكر نوعاً جديداً منها، وأشار إلى أن البنكرياس يواجه أوقاتاً عصيبة في إنتاجه للإنسولين لدى مرضى السكري من النمطين 1 و2، وعندها تتأثر الانسجة وتصبح غير حساسة للإنسولين، بسبب ما تواجهه المستقبلات من صعوبات.

وتابع كلاين حديثه ليقدم قائمة من المشكلات التي تصيب النورونات الموجودة في الدماغ وذلك ضمن شكل جديد من السكري لم يحظ بقسط من البحوث من قبل.

وقد تحدث هذه المشكلة لدى المسنين، فمع تقدم الناس في العمر تصبح إشارات الإنسولين أقل فعالية بالمقارنة مع أداء الدماغ لوظائفه، وعندما يصبح الدماغ أكثر هشاشة فإن مرض ألزهايمر وغيره من الأمراض تبدأ بالظهور.

ويمكن العثور على كميات زهيدة من البروتينات ذات الصلة بمرض ألزهايمر، يطلق عليها اسم البروتينات "النشوية بيتا amyloid beta"، وهي بروتينات تشكل عندما تنضم إلى بعضها البعض صفيحات لزجة ضخمة تؤدي إلى فقدان الذاكرة، وتغيم الوعي، وفقدان القدرة على أداء الوظائف الحياتية اليومية، والموت.

وقد أجرى كلاين وزملاؤه دراسات أوضحت كيف يمكن للجزيئات الالتحامية القابلة للانتشار المشتقة من البروتينات النشوية بيتا أن تستولي على مقدرات الخلايا الدماغية المسؤولة عن اختزان الذاكرة. ويؤدي ذلك إلى فقدان الذاكرة وهو أحد العوامل الرئيسية التي تسبب مرض ألزهايمر.

 

وعندما أجرى الباحثون الاختبارات باستخدام الإنسولين لمعالجة هذه الحالات في الخلايا العصبية لدى الفئران، أظهرت النتائج تراجعاً في كمية تلك الجزيئات. وقد توصل الباحثون إلى المزيد من النتائج عندما أدى استخدام الروزيغليتازون، وهو من الأدوية الأخرى التي تستخدم في معالجة السكري، إلى نتائج طيبة في تحسين الوظائف الدماغية.

كما أظهرت الدراسات أن الإنسولين وعامل النمو الشبيه بالإنسولين تقل كميتهما في بعض المناطق الدماغية مثل المنطقة الجبهية للقشرة الدماغية والحُصَيْن والمهاد، فجميع هذه المناطق تصاب في مرض ألزهايمر، مما يشير إلى احتمال وجود روابط بين السكري ومرض ألزهايمر.

ومن النادر أن تبدو على المخيخ أية تبدلات في مرض ألزهايمر، فلا تظهر علامات إصابته، مما يقوي تلك النظرية بشكل عام.

وقد أظهرت التحليلات التي أجريت عام 2008 في المركز الطبي لجبل سيناء في نيويورك أن السكريين الذين يعالجون بالإنسولين وغيره من الأدوية معرضون لخطر كبير للإصابة بمرض ألزهايمر في وقت متأخر من حياتهم. وقد اشتملت تلك الدراسة على مختلف أنماط الأدوية التي تستخدم لمعالجة السكري ومنها صنف من الأدوية يدعى مركبات "السلفونيليوريا".

 

وقد تعلم الباحثون من دراسة أخرى أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية أن تثقيف السكريين يؤدي إلى التأثير على وقت بدء السكري ووتيرة تفاقمه.

وهذا ما قد يشير إلى أن احتمال التدهور العقلي يزداد كثيراً بمجرد البدء في فقدان الذاكرة الطويلة الأمد، وقد استندت هذه الاكتشافات على النتائج التي حصل الباحثون عليها من دراسة شملت 6500 متطوعاً.

ثم إن روبرت ويلسون الذي يعمل في المركز الطبي لجامعة ريوش نشر مقالة تشير إلى أن مستوى التعليم الأكثر ارتفاعاً لايؤثر على فقدان الذاكرة.

ففي وقتنا الراهن، فإن هناك 5.2 مليون شخص مصاب بمرض ألزهايمر في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك 26 مليون مصاب به في العالم، فإذا كنت مصاباً بالسكري وبمرض ألزهايمر معاً فينبغي عليك أن تواصل السير على نظام غذلئي صحي وعلى ممارسة الرياضة بانتظام وعلى اتقاء حدوث الأعراض والمشكلات الجسدية والنفسية.     

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى