تأثير التقانة الحيوية على الدول النامية
1998 تقرير1996 عن العلم في العالم
KFAS
التقانة الحيوية الدول النامية العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
من الممكن اعتبار الحقول المختلفة في التقانة الحيوية متدرجة في تعقيدها وتكاليفها (الشكل 1) (Sasson, 1993).
ولا يمكن أن يثار جدل حقيقي حول ما إذا كانت الدول النامية بحاجة إلى الارتقاء نحو الأعلى في هذا التدرج، فالحكومات والعلماء في أصغر الدول وأفقرها تقر بأهمية هذا الحقل إن هي عزمت على تقدمها في المستقبل.
ومع أن معظم الدول النامية مازالت غير معنية مباشرة بالتقانة الحيوية الحديثة، فإن كثيراً منها حريصة على أن يكون لها سياسية وطنية وبرنامج بحثي في هذا الميدان، وأن يكون لها علاقات مع دول خارجية، سواء مع القطاع الخاص أو العام في الدول، وذلك بأسرع وقت ممكن.
بيد أن كل دولة ستقوم بتحديد الأكثر فائدة لها في إطار أوضاعها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
وعلى سبيل المثال، فإن الهند، وهي دولة خصصت ميزانية كبيرة للبحث وكثيراً من العلماء الباحثين والتقنيين، لا يُتوقع منها أن تتبع الاستراتيجية نفسها التي اعتمدها دولة افريقية صغيرة من منطقة ساحل السودان (Sasson and Costarini, 1991).
إن كثيراً من الدول النامية هي دول زراعية تعتمد على محاصيلها الزراعية لإطعام مواطنيها، ومن ثّم فإن أهدافها الرئيسية من تطوير التقانة الحيوية فيها هي تحسين الزراعة.
وربما كانت المحاصيل الزراعية الغذائية الغنية بالعناصر الغذائية – التي تحظى بغلال وفيرة، وتتمتع بتحمل أكبر للظروف الجوية القاسية وتقاوم الأمراض – هي التي تشغل الأولوية في بقاع العالم المنتجة للمواد الزراعية الغنية، وبخاصة في الدول النامية.
والأساليب البسيطة لتحسين نمو النباتات، كاستعمال المخصّبات الحيوية، هي أمثلة قد تتطلب القليل من التقانة، وربما كانت أسهل في التطبيق العملي. والتحكم البيولوجي في الآفات، ولا سيما باستعمال الأنواع المختلفة من مواد الرش التي تحوي جينات لتوليد مبيدات الحشرات والطحالب الضارة المشتقة من النباتات أو البكتيريا أو الفطور، تستعمل تقنيات رش معروفة جيداً من قِبَلِ المزارعين.
هذا وإن الحيوانات المقاومة للأمراض، والحيوانات التي يمكنها تحمل أقسى الظروف، والحيوانات التي تستهلك الأعلاف بأفضل شكل ممكن، قد تكون لها نتائج مهمة في الزراعة العالمية. والتدريب على زراعة النسج وتقنيات الانتشار المكروي قد تساعد على تأسيس وتوسيع الصناعات المحلية.
وفي البلدان النامية ثمة تداول محدود للتقانة الحيوية التجارية، ولكن بفضل التعاون الدولي والإقليمي، فإن أقل الدول تقدماً تقانياً وعلمياً يمكنها جني بعض الفوائد من التقدم الذي أحرزته التقانة الحيوية الزراعية والمشاركة في "ثورة التقانة الحيوية".
وقد أدى الدعم الحكومي و NGO إلى تأسيس مراكز للتقانة الحيوية. وعلى سبيل المثال، فإن للمركز الدولي للهندسة الوراثية والتقانة الحيوية (ICGEB)، الذي أسس في الأصل من قبل منظمة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة (UNIDO) والذي تدعمه حالياً إيطاليا والهند، مختبرين: أحدهما في تريستا بإيطاليا، والآخر في نيودلهي. وثمة مجموعات بحثية ملحقة بالمركز ICGEB تنتمي إلى 32 بلداً (Science, 1994).
وللعديد من المنظمات الدولية والوطنية مختبرات منتشرة في العالم تجري بحوثاً في التقانة الحيوية، معظمها في المجال الزراعي، ومنها، مثلاً، معهد بحوث الأرز في الفيليبين.
وقد أسس الاتحاد الأوروبي، بمشاركة جامعة كوين في بلفاست بإيرلندا الشمالية، مركزاً تقانياً يُعني بصحة الحيوانات والنباتات الشمالية ويركز اهتمامه الأساسي على التحكّم في الأمراض.
ويتعاون مركز بحوث الهندسة الوراثية الزراعية (AGERI) في القاهرة مع مشروع التقانة الحيوية الزراعية للإنتاج الغذائي التابع لجامعة ميتشيغان (ABSP) المدعوم من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (AID).
ومع أن الشبكة الأفريقية لمراكز المصادر البيولوجية المكروية (MIRCENs)، التي أسستها اليونسكو، ليست مجموعة بحثية أساساً، فإنها نُظِّمت كشبكة لدعم المشروعات البحثية في علم جراثيم التربة والتقانة الحيوية وإدارة المصادر الطبيعية وإنتاج الخضروات وحمايتها والتقانة الغذائية، وذلك في مراكز البحوث والجامعات في المناطق الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى (Da Silva, 1993).
ومن المتفق عليه عموماً أن منتجات التقانة الحيوية الطبية التي يُحتمل أن يكون لها فوائد مباشرة للدول النامية هي اللقاحات التي تحضر ضد الأوبئة الرئيسية في تلك الدول وهي الملاريا والتهاب الكبد الوبائي وحمى الضنك dengue fever.
وفيروس العوز المناعي البشري HIV والسل، وكذلك العقاقير التي تستعمل لعلاج الأمراض المستوطنة والأمراض الشديدة العدوى، وأيضاً العقاقير والتقانات التي لها أوسع التطبيقات لتحسين الصحة العامة للسكان. ومع أن العقاقير النادرة قد لا تكون سلعاً رئيسية في أسواق الدول النامية في هذه الأوقات، فإن بعض شركات التقانة الحيوية متفائلة مع ذلك في هذه الأسواق.
وعلى سبيل المثال، فإن عقار Neupogen الذي تنتجه Amgen والمستعمل في معالجة السرطان بالمواد الكيماوية أو زرع نقي العظام، وكلتا المعالجتين باهظة التكاليف، يوزَّع الآن في الصين.
إن التلوث البيئي هو مشكلة عالمية، ويعاني الكثير من الدول النامية، وكذلك دول المعسكر الشرقي السابق، من مشكلات بيئية خطيرة قابلة إلى حد بعيد للمعالجة الحيوية. وعلى سبيل المثال، فمن المعلوم أن الأنهار الآسيوية – حتى تلك الموجودة في مناطق الدول المتقدمة من آسيا – هي من أسوأ أنهار العالم إذ إنها تحتوي على مخلفات المناجم والنفايات الصناعية، وهذا يؤدي إلى تدهور الصحة العامة ويهدد النظم البيئية بأكملها (Lean and Hinrichsen, 1994).
ومن المعلوم أن تطهير البيئة يولّي في الدول النامية أهمية ثانوية، فما يشغل الأولوية بين اهتمامات هذه الدول هو توفير الطعام لمواطنيها وتوفير الرعاية الصحية لهم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]