التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

تقييس تقانة المعلومات وآثاره

1998 تقرير1996 عن العلم في العالم

KFAS

تقانة المعلومات التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

تنعكس عولمة الاقتصاد العالمي في تزايد الترابط بين كل من الشركات الصناعية والدول. وقد أدت بنى المعلومات والاتصالات – وما زالت تؤدي – دورا مهماً في هذه العملية بتوفيرها إمكانات إنشاء جميع أنواع الشبكات.

وهذه التوقعات تؤثر بطريقة متزايدة في الطلب وإعطاء الأولوية للتقييس في الميادين المعنية. إن تزايد ثقل الاعتبارات الدولية يمكن بالفعل أن يكون دافعا لتغييرات في السياسات الوطنية وتعديلات في الميادين ذات الصلة. ومن المتوقع أن يلح بازدياد معظم المستخدمين بخصوص تقييس تقانة المعلومات.

يعتبر "كود الشرطات" الذي نجح نجاحا باهرا في مجال البيع بالتجزئة، مثالاً واضحاً للدور الذي يمكن أن يؤديه المستخدمون. وقد طُور النظام بمبادرة من معظم شركات البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة الأمريكية وتضمن مواصفات قياسية أعدت بالتعاون مع منتجي البرمجيات.

ومن هنا تم تطوير معدات معقدة بازدياد. كما وضعت في الفترة الأخيرة إجراءات لحماية المستهلكين من سوء الاستخدام.

وقد كانت هذه الإجراءات جميعها ضرورية لاعتماد ولضمان انتشار أوسع للتقانة الجديدة، لكن تطوير مواصفات قياسية كانت له أهمية خاصة.

 

فالتكويد لم يكن كافياً: فعلى البرنامج أن يكون مقروءا وقابلاً للاستخدام في جميع مراحل سلسلة الإنتاج والتوزيع والاستهلاك.

إن الاهتمام بفعالية نظام التقييس وآثاره في انتشار التقانات الجديدة جعل الكثير من المشاركين والمراقبين يتساءلون عن مدى أهمية تخصيص دور للمستخدمين للتقانات المعنية.

هل بالإمكان رفع فاعلية التقييس في تقانة المعلومات وتفادي المشكلات التقانية مع تشجيع انتشار التقانات الجديدة عن طريق إسهام المستخدمين الذين هم أقرب إلى الواقع عندما يتعلق الأمر بإعداد مواصفات قياسية؟ فكرة جيدة، ولكن هل يمكن تطبيقها؟

إن الفوائد الكامنة في تقييس تقانة المعلومات – أي توافق نظم المعلوماتية -كثيرة جداً. ويعتبر النظام الذي يسمح لحاسوب بالتخاطب بسهولة مع حاسوب آخر أساسيا بالنسبة لمستقبل البنى التحتية الصناعية والتجارية في مختلف مناطق العالم.

والهدف المنشود هو تحرير مستخدمي تقانة المعلومات من الاعتماد الكلي على مُصنّع واحد وتمكينهم من استخدام نظم متنوعة تشمل معدات وبرمجيات من إنتاج شركات مختلفة، مثل: IBM، DEC، Apple، وتكون مع ذلك متوائمة. وبدون ذلك فإن عالم معالجة البيانات وترحيلها وتداولها سيبقى مشتتا وسيعيق ذلك تطوير صناعات وخدمات جديدة.

 

إن مشكلة التقييس (توحيد المعايير) تلقى اهتمام الكثيرين وتخصص لها موارد ذات شأن. فعلى سبيل المثال، قُدرت الكلفة الإجمالية لتطوير المواصفات القياسية لربط النظم المفتوحة (OSI)، بنحو 4 بلايين دولار أمريكي في فترة قاربت 15 سنة.

وفي سنة 1984 كانت الميزانية الأولية لإحدى المنظمات ذات العلاقة (X-open، وهي مجموعة تضم أهم الشركات) نحو 90 مليون دولار أمريكي.

لقد عمل الاتجاه الحالي نحو عولمة الاقتصاد على تعميق فهم جميع هذه المشكلات من قبل المستخدمين، والشركات الكبيرة والصغيرة. فحتى الشركات الصغيرة صارت الآن مهتمة بالأسواق العالمية.

وتؤدي آليات التقييس الحالية إلى جميع أنواع التشتت التي يصعب التعامل معها كما هي الحال بالنسبة للمواصفات القياسية الخاصة بتبادل البيانات إلكترونيا  (EDI)، غير أن منطق العولمة يتطلب التغلب على هذه المشكلات.

 

وعلى أية حال، فإن منتجي تقانة المعلومات، الذين يحرصون على الاحتفاظ بجزء من السوق لتقاناتهم، لا يسعون بمحض إرادتهم لتوفير مستوى عال من التجانس والتواؤم الذي قد يعرضهم إلى تنافس أكثر حدة. ويبقى ضغط المستخدم هو الوسيلة الوحيدة التي تسمح بتحقيق ذلك.

لقد حدثت أول هزة عام 1991 وذلك عندما أدرجت مجموعة، من أهم مستخدمي تقانة المعلومات (كانت المجموعة في البداية مؤلفة من الشركات أمريكان إيرلاينز، بوينك، دو بون، جنرال موتورز، كوداك، ماك دونالد دكلس ومارك)، قائمة بمستلزمات اعتبرتها كإطار عام لتقييس تقانة المعلومات المستقبلية.

وقد شُكلت عدة مجموعات أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان. وحديثاً، قامت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بتشكيل مجموعة من فنيين خبراء في تقييس تقانة المعلومات، لإعداد تقرير عن الآليات والإجراءات المتعلقة بالتقييس في هذا المجال، وعن نتائج ذلك، من وجهة نظر المستخدم بشكل خاص.

ومع أن بعض الشركات الضخمة المتعددة الجنسيات متميزة في هذه المرحلة، إلا أن هذا التوجه متوقع له الان ال الانتشار من مستخدم لآخر، وبخاصة من الشركات الكبرى إلى مزوديها بمعدات تقانة المعلومات، مما يعطيه تلقائيا بعدا عالميا.

إن القرارات الختامية لاجتماعات الكات GATT (الاتفاقية العامة حول الأسعار والتجارة) التي عقدت في أورغواي في الشهر 12/1993 تحمل شهادة على الأهمية المتزايدة المنسوبة للمواصفات القياسية الدولية كعنصر أساسي في تنصيب البنى التحتية للاقتصاد العالمي الجديد.

 

ويؤكد الاتفاق المذكور هذه الأهمية، إذ إن ذلك له تأثيره في 115 دولة، في حين أن الاتفاقيات السابقة المتعلقة بالتقييس والتي أبرمت ضمن الكات لم توقّع إلا من قبل 40 دولة. وتتضمن الاتفاقيات الجديدة:

– تشجيع الدول على المشاركة بفعالية في عمل التقييس الذي تقوم به مؤسسات دولية،

– حث الدول على اعتماد المواصفات القياسية الدولية واستخدامها كمرجع،

– اعتماد آليات جديدة لحل النزاعات ولمحاربة استخدام المواصفات القياسية الدولية كحواجز للتجارة.

 

وهذه التطورات تكتسب أهمية إضافية لأن الصناعة تحاول أكثر فأكثر تطبيق معايير دولية، وذلك بتجاوزها قدر المستطاع المرحلة المتوسطة للتقييس (لتوحيد المعايير) المحلي الذي كثيراً ما يؤدي إلى تباين أكبر في المعايير على المستوى الدولي. وهنا تؤدي العولمة دوراً حيوياً لأنها تجبر الشركات المتعددة الجنسيات، وحتى تلك الشركات التي عُرفت بتنويعها ولا مركزيتها إلى حد كبير، على تدعيم التعاون فيما بينها بالنسبة لبعض أنشطتها، وتدفعها أيضاً إلى تشكيل تحالفات مع شركات أخرى. الأمر الذي يعزز المطالبة بمعايير دولية.

ولاريب في أن التقانات الجديدة – تقانة المعلومات اليوم، وغداً المواد والتقانة الحيوية – تدعو إلى استخدام أساليب جديدة لمعالجة مباشرة لجميع هذه المشكلات والتي ليس من الممكن في نهاية المطاف حلها إلا ببذل جهد عالمي ومن خلال التشاور المستمر.

ويجب أن يشمل هذا الجهد المناطق الرئيسية والمنتجين ومزودي الخدمات، جنبا إلى جنب مع المستخدمين، إذ إن مشاركة هؤلاء ستساعد على وضع الأهداف العالمية للتقييس الحالي وفي تقليل التكاليف والحدَ مما قد يذهب ضياعاً مع التقدم التقني.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى