إسلاميات

نبذة تعريفية عن النبي يعقوب”عليه السلام”

2004 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السادس عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

النبي يعقوب عليه السلام إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

يعقوب – عليه السلام – هو نَبيُّ اللهِ ورسولُهُ، ابنُ نبيِّ اللهِ ورسولِهِ إسحاقَ، ابنِ إبراهيمَ أبي الأَنبياءِ خليلِ الرَّحْمنِ، عليهم صلواتُ اللهِ وسلامُهُ.

بَشَّرتِ المَلائِكَةُ بمولدِهِ سيِّدنا إبراهيمَ وزوجَتَهُ سارةَ، إذْ أخبَرُهما أنَّ اللهَ تَعالى سَيَهَبُ لهما ولدَهُما إسحاقَ، وسيُعْقِبُ إسحاقَ وَلَداً اسمُهُ يعقوبُ (سورةُ هود: 71).

ولسيِّدِنا يعقوبَ اسمٌ آخرُ سَمّاهُ اللهُ بِهِ في القرآنِ الكريمِ (سورة آل عمران: 93) هوَ إسرائيلُ، ومعناهُ بالعربيّةِ المُجاهِدُ مع اللهِ.

 

ومِنْ سِلْسِلَةِ نَسَبِ يَعقوبَ، نتبيَّنُ أنَّهُ نَشَأَ في بيتِ النبوَّةِ، وتربَّى على عقيدةِ التَّوحيدِ الخالصِ، فقد كانَ الشّركُ في ذلكَ الزَّمانِ هو الغالبَ على الأُمَمِ، ولذلكَ ناظرَ إبراهيمُ ملوكَ زمانِهِ.

كَما ناظَرَ أباهُ وقومَهُ، وجادَلَهم بالبراهينِ على بُطلانِ الشّركِ، وأنَّ التوحيدَ هو الحقُّ. فلمّا أصَرَّ قومُهُ على الشّركِ اعتزلَهُم حيثُ جاءَتْهُ البُشْرى بإسحاقَ ومِنْ وراءِ إسحاقَ يَعْقُوب كما تقدَّم.

ومن هُنا سوفَ نُلاحِظُ أنَّ إبراهيمَ عَهدَ إلى ذريّتهِ بعقيدةِ التّوحيدِ، ووصّاهُمْ باجْتِنابِ الأصنامِ، وكذلكَ فَعَلَ إسحاقُ، وكذلكَ فعلَ يعقوبُ.

 

يقولُ سُبحانَهُ في سُورةِ البقرةِ ( وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (البقرة: 130 -133).

ولقد بارَكَ اللهُ تعالى يعقوبَ، وكثَّرَ نَسْلَهُ، فكانَ لهُ مِنْ زَوْجَتَيْهِ اثْنا عَشَرَ ولداً، منهمْ سيِّدُنا يوسفُ عليه السلام وأخُوهُ «بنيامين» (وقصَّتُهما مفصَّلَةٌ في القرآنِ الكريمِ في سورةٍ كاملةٍ تحملُ اسمَ يوسفَ)، ويُطْلَقُ على هؤلاءِ الأولادِ «الأسْباطَ» الَّذينَ تفرَّع عنهم نسلُ يعقوبَ أو إسرائيلَ، الَّذين صارَ يُطْلَقُ عليهم «بنو إسرائيلَ» أي أولاد يَعقوبَ.

 

قامَ يعقوبُ في شبابِهِ، وفي حياةِ أبيهِ إسحاقَ، برحلاتٍ كثيرةٍ، إلى أنْ استَقَرَّ بِهِ المقامُ أخيراً هو وذريّتُهُ في أرضِ كنعانَ بالشّامِ، وكانوا أهلَ مَواشٍ وبرّيَّةٍ، ثمَّ تعرَّضَ يعقوبُ لمحنةٍ عاطفيَّةٍ كبيرةٍ طالَتْ من أجْلِها آلامُهُ وأحزانُهُ، إذ دَبَّ الخِلافُ بينَ أولادِهِ من زَوْجَتِهِ الأُولى، وبينَ يوسفَ وأخيهِ بنيامينَ من زوجتهِ الثَّانيةِ.

وترتَّبَ عليهِ مؤامراتهم ضد أخيهم يوسفَ الَّذي ألقُوْهُ في غياهب الجُّبِّ، وادَّعوا أنَّ ذِئْباً قَدْ أكَلَهُ. وانتهت هذهِ المحنةُ بأنَّ يوسفَ عليهِ السلامُ نالَ مَنْصِباً كبيراً في مِصْرَ. ودَعا أباهُ وإخوتَهُ فأقامُوا فيها، وظَلُّوا بها حتّى جاءَهم موسى عليهِ السَّلامُ.

 

بمراجَعَةِ المواطنِ الَّتي وردَ فيها ذكرُ يعقوبَ في القرآنِ الكريمِ، نستطيعُ أن نتعرَّفَ المعالِمَ الرئيسيةَ لشخصيةِ سيِّدنا يعقوبَ عليهِ السَّلامُ، ومن هذهِ المعالِمُ:

1- كانَ عليهِ السلامُ ثابتَ الإيمانِ باللهِ، عارِفاً بجلالِهِ سبحانَهُ، واثقاً من رحمتِهِ وقُدرتِهِ، حتى كانَ يقولُ لأبنائِهِ: «إني أعلمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمونَ».

 

2- وكانَ ذا قوةٍ في أمرِ اللهِ وبصيرةٍ في الدّينِ والعِلْمِ، آخذاً بعزائمِ الأمورِ وقوةِ الإرادةِ في أخلاقِهِ وعبادتِهِ كما أنَّهُ كانَ عظيمَ الإيمانِ بالآخِرَةِ، دائمَ التَّذَكُّرِ لها، ومَنْ كانَ كذلكَ لَمْ تَكُنِ الدُّنْيا هَمَّهُ، بل همُّهُ العملُ للآخرةِ. قالَ تعالَى في ســورةِ ص(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ) (ص: 45-47).

 

3- وكانَ رَقيقَ القلبِ، مَشْبوبَ العاطفةِ، عاشَ سنينَ طِوالاً يذكرُ بحنينٍ شديدٍ وَلَدَهُ يوسفَ، ثمَّ ولَدَهُ بِنْيامينَ، حتّى ذهبتِ الأحزانُ بنورِ عَيْنَيْهِ، ومعَ ذلكَ فإنَّهُ لم يفقدِ الأَمَلَ في اللهِ أبداً، لأنَّهُ لا ييئَسُ من رَوْحِ اللهِ إلَّا القومُ الكافرونَ.

وعادَ لَهُ في النهايةِ وَلَداهُ، وعادَ مَعَهما بصرُهُ، والْتَأَمَ أمرُ أسرتِهِ في مصرَ.

 

4- كانَ حافِظاً لوصيَّةِ أبيهِ إسحاقَ، الَّتي تلقّاها عَنْ أبيهِ إبراهيمَ، وبدَوْرِهِ فإنَّ يعقوبَ حرصَ على تَبْليغِ أولادِهِ هذه الوصيَّةَ.. وقد تقدَّمَتْ قبلَ قليلٍ.

بقىَ تنبيهٌ مُهِمٌّ، هوَ أنَّ صورةَ يعقوبَ الَّتي يعرضُها القرآنُ الكريمُ تختلفُ كثيراً عن صورتِها الَّتي نجدُها في الكتُبِ الَّتي بينَ أيدي أهلِ الكتابِ، ومن قَرَأَ هذِهِ الكتبِ فلينزِّهْ أنبياءَ اللهِ تَعالى عَنْ رَذائلِ الأخْلاقِ، فإنَّها تقدحُ في النبوَّةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى