العلوم الإنسانية والإجتماعية

نموذج “الارتداد المعرفي” : تعريفه، ميزاته وآلية عمله

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة

لقد استعرتُ مصطلح الارتداد من عالمتي السياسة المعروفتين مارغريت كيك(Margaret Keck)  وكاثرين سككنك (Kathryn Sikkink) (1998).

فنموذج الارتداد عند كيك وسككنك هو نموذج مناصرة عابر للحدود الوطنية، حين لا تستجيب الدولة الوطنية لمطالب مواطنيها، فيكون على النشطاء البحث عن المناصرة من حلفاء دوليين بعملية يشار إليها بما يسمى بـ "التنسيب الخارجي" (Externalization) (Tarrow 2005).

فقد عُرض مفهوم الارتداد في العديد من الدراسات الحديثة(Tarrow 2005; Seidman 2007)، والمقصود من التقاط المعنى هو لكي يعبّر المواطنون المحليون عن مخاوفهم أمام المجتمع الدولي. فترديد هذه المخاوف [دولياً] سيؤدّي إلى ضغوط خارجية على الحكومات التي لا تستجيب لمطالب مواطنيها.

فالضغط [بالتأكيد] يأتي من تلك الحكومات والشعوب التي تتعاطف مع المجموعات المحلية [الحركات الاجتماعية]، أو من الوكالات الدولية صاحبة السلطة لاتخاذ قرارات أو رفع توصيات حول القضايا المحلية.

فهذا النمط الارتدادي من الممكن أن يكون وسيلة فعالة لإحداث تغيرات سياسية، متى ما كانت تلك الحكومات لا تُعطي أذناً صاغية لشكاوى مواطنيها.

يمكن للتنسيب الخارجي أن يأخذ شكلاً من أشكال السياسات المعلوماتية، حيث يمكن لشبكات النشطاء تزويد الحلفاء الدوليين بمعلومات تتعلّق بسوء المعاملة أو الظلم الذي يجري محلياً في مكان ما، أو معلومات عن السياسة المؤسساتية وظلمها، مما يساعد النشطاء المحليين على نقل شكواهم إلى مؤسسات عابرة للوطن مثل محكمة العدل الأوروبية أو الأمم المتحدة (Tarrow 2005).

 

فقد لعبت شبكات النشطاء العابرة للوطن ومثيلاتها من المنظمات غير الحكومية دوراً مهماً في التنسيب الخارجي في القضايا السياسية الخلافية، فهي في كثير من الأحيان تساعد الحركات الاجتماعية المحلية، حينما تصبّ جهودها للضغط على حكوماتها.

فأنا أفترض أن مجموعة من الخبراء الاستشاريين ومصادر علمية أخرى يقدمون المشورة للحكومة بأن تمارس نوعاً من التأثير، الذي ربما يكون أداة ضغط للحركات الاجتماعية المحلية.

فهذا النفوذ [بالتأكيد] سيعمل من خلال السلطة السياسية للعلم احتراماً للخبراء، وعليه، يمكنني عندها استخدام مصطلح الارتداد المعرفي.

هناك فرق كبير ما بين خبراء استشاريين في نموذج الارتداد المعرفي وما بين الجهات الدولية الفاعلة المتعاطفة، الذين كثيراً ما يتواجدون في الصراعات الأخرى، مثل الدفاع عن حقوق الإنسان.

فالخبراء العلميون هم أولئك الذين يغامرون علناً في علم السياسة وينتقلون من المشورة إلى المناصرة، ومن [تحديد] الأسباب إلى المطالب المبدئية، ومن مصداقية المخاطر كمراقبين موضوعيين (Kinchy 2006; Kinchy and Kleinman 2003; Moore 1996; Frickel2004b).

ففي السياقات الثقافية، ينظر للعلميين على أساس أنهم متحيزون، إذا عبّروا عن آرائهم السياسية. فالخبراء العلميون هم الأقل [بين الناس] في التعبير صراحة عن تقاربهم السياسي مع مجاميع النشطاء، وعليه فإن نموذج الارتداد المعرفي ميزته الرئيسية هي التفاعل بين النشطاء، والاستشاريين الخبراء، والذي يؤدّي في نهاية المطاف إلى المشورة العلمية التي تعزّز أهداف النضال المحلي.

 

فالجماعات المحلية تستخدم علاقاتها مع المنظمات غير الحكومية للوصول إلى الباحثين والمستشارين، آملين منهم التأثير في سياسة الدولة من خلال تقديم المشورة، وصياغة تعبيرات أخرى توجه الاهتمام العلمي حول القضية المطروحة، ومع ذلك فالارتداد المعرفي قد يخلق طريقة لإمكانية تقاسم المعرفة باتجاهيين [مختلفين]، فضلاً عن تقاسم الأفكار بين الخبراء والنشطاء المحليين الباحثين عن التغيير الاجتماعي(1).

إن تكوين مصطلح الارتداد المعرفي يعتمد على رغبة العلميين في الاستجابة والتفاعل مع الحركات الاجتماعية. إلا أن بعض العوامل التنظيمية الإيجابية، وبعض العوامل الواردة بالخطابات قد تشجّع العلميين للاستجابة لاهتمامات النشطاء.

ففي البداية، لا بدّ للنشطاء من أن يُأطّروا ما يقلقهم بطرق تلقى صدىً لدى الأسئلة التي يجد فيها العلميون اهتماماً، سواء كانت في الأواسط الأكاديمية، أو مراكز البحوث أو الخبراء الحكوميين(2).

 

فالإعداد التنظيمي للتفاعل ما بين النشطاء والخبراء هو أيضاً معطى مهم جداً في الارتداد المعرفي، وخصوصاً عندما يكون موقع التفاعل علنياً (شعبياً) ويمكن الوصول إليه إما من خلال تنظيم الحيّز الفعلي (مثل جلسات الاستماع العلنية) أو من خلال اتباع سياسة تشجيع المواطنين على المساهمة والمشاركة.

فاجتماعات الأمم المتحدة، على سبيل المثال، قد فتحت [ساحتها] بشكل متزايد للمنظمات غير الحكومية، ولعله في مثل هذا السياق، فإن الخبراء لا يقدمون ببساطة المشورة للنشطاء والسلطات السياسية فحسب، بل هم أيضاً يستمعون للمجموعات المحلية الباحثة عن التغيير السياسي، وهو ما يمكن أن يؤدي بالخبراء المشاركين إلى الارتداد المعرفي للمطالبة بالإجراءات المبدئية نيابة عن الحركات الاجتماعية.

فتحت أي ظرف من الظروف يمكن للعلميين كسر الاتفاقات واتخاذ مواقف أخلاقية لدعم النشطاء المحليين؟ سأستطلع هذه الأسئلة في حالة التعبئة المحيطة للجنة التعاون البيئي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى