العلوم الإنسانية والإجتماعية

تمرين تأمل اليقظة الذهنية في التنفس

2014 للتخلص من الاكتئاب

جيسي ه . رايت و لورا و.ماكراي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب

بطريقة ما تبدو اليقظة الذهنية (Mindfullness) وكأنها عدسة كاميرا بإمكانها تركيز الانتباه على شيء معيّن أو سيرورة معينة.

وبحسب الدكتور رونالد سيغال أن لطريقة التأمّل أو اليقظة الذهنية القدرة على تركيز أو تبئير عدسة العقل بما يجلب الهدوء والسكينة إلى ذلك الشخص، وبإمكانها أن تنظم العقل من خلال تنشيط دارات الدماغ اللازمة لتحقيق عملية التبئير.

وبالوقت نفسه تبطىء نشاط دارات أخرى تنتج أفكاراً سلبية منافسة أوهموماً أو انفعالات سلبية. في هذا الجزء من الفصل سنقدّم لك تمرينين من تمارين اليقظة الذهنية هما تأمل التنفس (Breathing Meditation) وتأمل المسح البدني (Body Scan Meditation).

وهذان التمرينان جزء من برنامج MBCT الذي طوّره الدكتور مارك ويليامز وجماعته، والذي يوصي بالمواظبة على هذين التمرينين لبناء مهارات اليقظة الذهنية التي تقلل من خطر معاودة الاكتئاب.

 

تأمل اليقظة الذهنية في التنفس

إن اليقظة الذهنية للتنفس بسيطة ولا يحتاج إلا إلى الانتباه 5 ­ 10 مرات من الشهيق والزفير بالوقت الذي يكون فيه الشخص مستغرقاً تماماً ومستوعباً لهذه اللحظات. ويمكن تكرار هذا الأمر في نشاطاتك اليومية كوسيلة لتعزيز اليقظة الذهنية وكطريقة للتأمل السريع.

ويمكن لهذه الممارسة أن تكون أيضاً جزءاً من تمرين التوقّف (Stopping Exercice)، الموصوف سابقاً، حيث لا يتطلّب الأمر سوى أن تتوقّف عن أي نشاط لبرهة فتكون في حالة استغراق وانتباه على نمط تنفّسك حتى تستوعب دقائق اللحظة وجماليتها لتعود بعدئذ لممارسة نشاطك الاعتيادي.

أما تمرين اليقظة الذهنية التنفسية الجالسة (Seated Mindfullness of Breathing) الذي سنأتي إلى ذكره لاحقاً فيتطلّب مزيداً من الجهد والوقت والتمرين. ولكنه، من ناحية أخرى، قد يساعدك في الوصول إلى مراحل أعمق وأكثر سكينة قياساً بالتمارين الأخرى.

ويضم كتاب أسلوب اليقظة الذهنية خلال الاكتئاب قرصاً مدمجاً لتسجيل صوتي لممارسة اليقظة الذهنية لواضعه جون كاباتزين.

 

يذكر أن أنجلينا أعجبت بتمرين اليقظة الذهنية للتنفس واعتقدت أنه كان عاملاً مساعداً في تعاملها مع الاكتئاب والقلق من حيث اختزال قدرة الأفكار المسبّبة للقلق التي كانت تساورها، واستخدمت أنجلينا القرص المدمج الذي أعدّه الدكتوركاباتـزين لمساعدتها في البقاء في لحظة التأمّل.

ولكنها، من ناحية أخرى كانت أحياناً تقع في مطب محاولة إعادة السيطرة على نهج تنفسها ­ إما لإبطائه أو لأخذ نفس عميق. وكانت بحاجة لتذكير نفسها أن نمط تنفسها هذا يعود إلى حالته الطبيعية من دون تدخّل منها. إن تأمّل التنفس لم يوضع لتغيير نمطية التنفس وإنما ليكون المُتأمّل واعياً تماماً ومتقبلاً لما يحدث في لحظة أخذ كل نَفَس.

وعندما يشرد ذهنها، تحاول أنجيلنا أن ترجعه ثانية إلى تلك اللحظة. ومع ذلك، لا يخلو الأمر من شرودات تحصل أثناء التأمل، وهو أمر متوقع لإنشغال العقل بصروف الحياة. فأنجلينا وهي تتأمل لحظة التنفس قد تفكّر بماذا ستعد للغذاء، وأين ممكن أن يتواجد شريكها ومتى يعود إلى البيت، عدا شعورها بالحرارة والتعرق لأن ذلك اليوم كان قائظاً. ولعل اهتمامها كان سينصرف أكثر لو فكرت في مشاكلها الخاصة والمالية.

 

تعليمات: لكي تصبح على تماسٍ مع حركة تنفسك التي تجري هذه اللحظة، اجلس بمكان مريح أو اضطجع على ظهرك واضعاً إحدى يديك على بطنك (في موضع السرة)، لعلك لاحظت أن بطنك ترتفع في الشهيق وتنخفض مع الزفير، تحسّس هذه الحركة، بيدك أولاً ثم من دونها، وبمجرّد أن ينصرف عقلك لحركة بطنك ستجد أن هناك نمطاً من الإحساس الطبيعي يتحرك فيك. ارتخ تماماً مع الإبقاء على إحساسك بحركة البطن صعوداً ونزولاً وهي تترجم حالة دخول وخروج الهواء في سيرورة التنفس.

بالاستمرار في تمارين اليقظة الذهنية في التنفس استطاعت أنجلينا أن تحجم القلق ومخاوف العمل والألم المزمن في ظهرها، وغيرها من مواطن الألم الكامن التي تعشعش فيها وتمتصّ طاقتها وتأخذها بعيداً من لحظات تأمّل التنفس.

لقد كانت هذه الأنواع من أفكار نمط الأداء (Doing Mode) هي السبب الحقيقي وراء قرار انجلينا بالاستمرار في تمارين اليقظة الذهنية في التنفس. ولقد أدركت من خلال إخضاع نفسها للتجربة وإجبارها عليها بالتكرار بأنها استحوذت على القدرة التي ستجعلها أقل تأثراً بعذاباتها اليومية التي تعترض طريقها للتشافي بالتأكيد.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى