التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

انهيار برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك عام 2001 وفشل التصميم الهندسي

2014 لنسامح التصميم

هنري بيتروكسكي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة

بدا لبعض المراقبين انهيار برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك عام 2001 خلال ساعة أو ساعتين من اصطدام الطائرات المخطوفة بهما وكأنه انهيار مسيطر عليه، والحقيقة، أن منظّري المؤامرة نسبوا سبب السقوط لعبوات موضوعة بعناية [ داخل البرجين]، داعمين ذلك ببراهين إثباتية هي عبارة عن نفخات من الدخان انبعثت خلال تسطح طوابق الأبراج. كان الانهيار بالتأكيد مشابهاً لعمليات الهدم المسيطر عليه، ولكن لا يعني ذلك أن الأمر كان كذلك. على العكس، فالطريقة التي سقط فيها البرجان تدريجياً تحت تأثير وزن الطوابق الساقطة هي إثبات لنجاح عمليات هدم المباني. فالبناء الساقط، يهدم نفسه بجدارة، ومشكلة التصميم التي تواجه "مهندس الفشل" (Failure Engineer) – إن سُمح باستخدام مثل هذا المصطلح – هو أن يعمل على بدء السقوط بأكفأ طريقة وأكثرها فاعلية، ويدع الجاذبية تعمل العمل الشاق [في الهدم].

تتطلب تصميم عملية الهدم أموراً أكثر من تحديد حجم وموقع وتسلسل تفجير العبوات. معظم عملية التصميم الأولية تتضمن إزالة، أو إضعاف، بعض الأعمدة الاستراتيجية، ومعوقات أخرى لعملية الانهيار التدريجي. حيث يتم قطع بعض الأعمدة جزئياً، أو كلياً، لضمان تحرّكها جانباً (وبالتالي بعيداً عن الطوابق الساقطة) خلال عملية الانفجار. كما تزال الحيطان الساندة كي لا تشكل مقاومة تذكر لعملية الانهيار. بعبارة أخرى، تتحوّل البناية إلى إطار هيكلي ضعيف قبل وضع أية متفجّرات في أماكنها، وفي حالة هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، فإن الحريق الذي أشعله وقود الطائرات وغذّاه أثاث المكاتب والتجهيزات قام بعملية إضعاف الأعمدة الهيكلية التي لم تتأثر بسبب الصدمة. وأدّى ارتفاع درجة حرارة اللهب، بطبيعة الحال، إلى تسخين الأعمدة الفولاذية، التي لانت، بمرور الوقت، إلى حد لم تستطع إسناد الثقل المسلّط عليها، وعندما يتداعى عمود ما تضطر الأعمدة الضعيفة المجاورة لتحمل الثقل الإضافي، ولأن هذه الأعمدة قد ضعفت ولانت بسبب الحرارة أيضا،ً لذا لم تستطع تحمّل الوزن الإضافي أيضاً، وحالما وصل حال الأعمدة في الطوابق التي صدمت مباشرة إلى حدود متانتها التي تحمل الطوابق الأعلى، سقطت هذه الطوابق بقوة أكبر بكثير من قدرة تحمل الأعمدة في الطوابق الأدنى – والأعمدة هذه قد ضعفت أيضاً بسبب حرارة الحريق – لذا انهارت البنايتان تدريجياً نحو الأرض، وكلما سقط طابق فوق طابق بقوة متزايدة، تولّد ضغط من جراء الصدمة ليسحق كل شيء بينهما، ويدفع الغبار والمخلّفات خارجاً بسبب الهواء المضغوط، ولم تكن هناك حاجة لمتفجّرات لأن حرارة الحريق أضعفت أعمدة الإسناد الحرجة، ووفر زخم الطوابق الساقطة طاقة كافية لسحق الكونكريت ودفع الأعمدة الفولاذية جانباً.

لن يكون ممكناً بشكل مؤكد أن الإرهابيين الذين خططوا ونفذوا هجوم 2001 على مركز التجارة العالمية قد قاموا بتصميم هجماتهم كما يفعل فريق الهدم المهني، ولكن ما هو محتمل، أن الإرهابيين استفادوا من حالات فشل سابقة. ففشل تفجير سرداب المبنى عام 1993 في إسقاط البرج الشمالي على البرج الجنوبي لقّن الأشقياء الحاجة لاستراتيجية من نوع آخر. الاحتمال هو أن الإرهابيين قاموا بتصميم هجمات الطائرات لاسقاط البنايات، ولكن لم يعلموا بالضبط، على الأرجح، أين ستكون الصدمة التي ستؤدّي إلى الاحتمال الأكبر من النجاح. فرؤية اصطدام الطائرة الأولى التي لم تؤدِّ مباشرة إلى سقوطها كارثياً، قد جعل مختطف الطائرة الثانية يقرّر أن تكون الصدمة على مستوى طابق أكثر انخفاضاً، كي تؤدّي إلى سقوط كتلة أكبر من وزن البناية فوق القسم ذي الأعمدة المتصدعة، وعددها أكبر بكثير من عدد الأعمدة التي تهاوت من جرّاء شحنة المتفجرات التي ضربت السرداب عام1993، وقد أكد سقوط البرج الذي صدم من قبل الطاائرة الثانية، قبل سقوط البرج الذي صدم بالطائرة الأولى، مدى فاعلية القرار الشيطاني الذي اتخذ.

الفشل، باختصار، يمكن أن يكون من خلال التصميم، لسبب جيّد أو سيئ، فقد تكون نهاية غير مرحب بها – وربما غير متخيلة – من قِبل أي أحد عدا الإرهابيين، وقد يكون الفشل مرحّباً به ونهايته مفيدة، سواء في عمل صحن أومليت، أو التخلّص من هيكل مهجور أو غير مرغوب فيه. نعتمد على حالات الفشل المرغوبة من جميع الأنواع. فهي مصمّمة في العديد من المنتجات التي نستخدمها كل يوم، وتعوّدنا الاعتماد على الأشياء التي تفشل في الوقت المناسب لحماية صحتنا وسلامتنا، ونعتمد أيضاً على نقاط الفشل التي لا بدّ منها في المواد والهياكل لنجعل عمليات التطوير التكنولوجي معكوسة. فالفشل مفهوم نسبي، نصادفه يومياً بشكل متكرّر ومجالات متنوعة أكثر مما نعترف به عموماً، وهذا أمر جيد، لأن بعض أنواع الفشل المرغوب، الذي صمّم ليحدث، هي حالات يحرص المهندسون على نجاح تطبيقها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى