الطب

الواجب نحو وقاية أجيال المستقبل من الأمراض

2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين

والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

إن الواجب لوقاية أجيال المستقبل من الأضرار الناجمة عن الأمراض يمثل وازعاً أخلاقياً إضافياً لمتابعة الاستئصال.

وكما أبدينا سابقاً "فإن الالتزامات نحو أجيال المستقبل يصعب تحديدها وقد تكون محدودة، ولكنه إذا كان منع الضرر واجباً أخلاقياً فقد تكون هناك سلسلة من الالتزامات التي تستمر عبر الأجيال وتنطبق في حالات يكون للجيل المعاصر تأثير ذو مغذى عليها". (Emerson and Singer 2010).

ومما يعزز المسئولية الأخلاقية المؤثرة التي قال بها هانس جوناس (Hans Jonas) هو الاعتقاد بأن أعمال الإنقاذ ليست لها قيود على امتداد المساحات الجغرافية، بحيث أن الأنشطة المعاصرة لها وقعها على المستقبل وفي جميع أرجاء العالم. (Jonas 1984).

ومن هذا الاعتبار من الضروري التفكير بالمسئوليات التي تقع على الفرد بالنسبة للبشر في المستقبل. وخط هذا الرأي يستخدم غالباً لتعزيز الجهود في حماية البيئة من التردي، بحيث تستطيع أجيال المستقبل أن ترث كوكباً صحياً.

وفي سياق حديثي عن الصحة فإن العولمة قد تفاقم الظلم وعدم المساواة (Chen and Berlinguer 2001)؛ وهكذا فمن المهم أن نفكر بأية مداخلة صحية عامة ستحسن الأحوال الصحية للجميع. فمن هذه الناحية يخدم استئصال الأمراض هذا الهدف لضمانه بأن تكون أجيال المستقبل خالية من الأمراض، حتى ولو تحمل الجيل الحاضر العبء إلى درجة ما.

 

اعتبارات مضادة

الانتقاد الأعم ضد الادعاءات بالواجب نحو أجيال المستقبل هو أن مثل هذه الواجبات لا يمكن تبريرها على حساب الواجبات المستحقة نحو الجيل الحاضر.

وعلى كل حال فإن استئصال الأمراض يمثل فرصة فريدة ومثلاً على عدم تناقض الواجبات نحو أجيال المستقبل والجيل الحالي. وبالنتيجة فإن استئصال الأمراض الناجح يعمل على إنقاذ الأفراد في الحاضر والمستقبل على السواء.

قد يطرح اعتراض أيضاً بأن السماح بوجود واجب مفترض نحو أجيال المستقبل ويؤثر في سياسة الصحة العامة وهو أمر بعيد عن الحكمة، لأن شرعية هذا الواجب هي موضع جدال.

ويركز المقال النقدي على ما إذا كان من المنطق السليم أن نحكي عن واجبات نحو المستقبل، وعن أفراد وهميين نعزو لهم حقوقاً. على كل حال، إن هذا الاعتراض ليس ملزماً ؛ وكما لاحظنا أعلاه، فقد توجد واجبات نحو أشخاص آخرين دون وجود حقوق ترتبط بها. علاوة على ذلك ليس هناك تناقض منطقي، كما يقول سيربر (Surber) (1977) "بتشميلنا أفراداً من المستقبل والحاضر تحت فكرة الشخص كعنصر أخلاقي  يكون له علينا مطالب مشروعة".

 

التفسير المقنع حول لزوم قيامنا بأداء الواجبات نحو أجيال المستقبل نجده عند الفيلسوف مارتن غولدينغ (Martin Golding) (1972) الذي يطرح فكرة "الجماعة الأخلاقية" Moral Community ويرسخ الواجبات في الفكرة العامة للخير، أي الخير للآخرين التي هي كذلك لـ (Surber 1977).

ويسمي غولدينغ هذا المفهوم المشترك للخير بـ "المثل الأعلى الاجتماعي" Ideal Social، إلى حد الوصول إلى أفراد المستقبل، ويتضمن عضويتهم في جماعتنا الأخلاقية والذين علينا التزامات نحوهم. وإذا ما طبقنا هذا المفهوم في سياق استئصال الأمراض فإننا نجد أن التخلص من المرض هو مثل أعلى اجتماعي ذو امتداد عبر الأجيال.

ومن حيث كوننا جزءاً من الجماعة الأخلاقية فإن هذا ينطوي على اهتمام برفاه الآخرين. فأنا أندفع بواجباتي نحو أفراد المستقبل لأن مصالحهم تتوافق مع مصالحي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى