الطب

واجب الإنقاذ حول عملية استئصال الأمراض

2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين

والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطب

كيف يتواجد واجب الإنقاذ في سياق استئصال المرض ؟ نستطيع البدء بالإجابة على هذا السؤال بدراسة الموقف النقيض: ماذا يحدث إذا لم نسعى إلى الاستئصال عندما يوجد البرهان على احتمال نجاحه ؟

أما الفشل في السعي إليه فسيؤدي إلى الأذى والضرر، وعلينا واجب أخلاقي بدفع الأذى. ويعرف الأذى بأنه " إعاقة وتردي أو اندحار المصلحة " (Feinberg 1984)، وفي هذا السياق فإن المصلحة هي الصحة، أو على الأقل، تجنب المرض، بحيث يعتبر الأذى هو وجود المرض أو حتى حدوث الموت.

وأكثر من ذلك فمن الأمور البارزة أخلاقياً أن تتواجد المقدرة على منع الضرر، لأن الفشل في العمل على منعه يمثل اهمالاً يستدعي تأنيباً أخلاقياً.

فلنأخذ مثل شلل الأطفال، حيث أُعلن أن الفشل في إتمام استئصاله سوف يؤدي إلى إصابة 4 ملايين طفل بالشلل في السنوات العشرين القادمة (Chan 2008). فالفشل في هذه الحالة مرادف للفشل في الإنقاذ، مع العلم أن لدينا الوسيلة لإنقاذ أولئك الملايين الأربعة من الأطفال من ضرر شلل الأطفال.

إن الواجب في الإنقاذ مستمد من الواجب في دفع الضرر الممكن رده، وواجب الإحسان رغم كونه السابق، كواجب كامل، هو الباعث الأولي ويفرض قوة أخلاقية. وواجب الإحسان يعطي سبباً آخر للقيام بالإنقاذ. وفي دفع الضرر، توجد التزامات ايجابية والتزامات سلبية.

 

أما الالتزامات السلبية فتستدعي الامتناع عن الأعمال التي تسبب الضرر، بينما تتطلب الالتزامات الايجابية متابعة الأعمال التي تمنع الضرر.

وحالة استئصال المرض حيث يتطلب العمل بكل وضوح لدفع الضرر، فتتضمن التزاماً ايجابياً. وبعد أن حددنا طبيعة الواجب للإنقاذ ومصدر معياريته، نستطيع الآن أن ننظر في حالات إلزامه.

إذ يُلزم واجب الإنقاذ الشخص بإنقاذ أحدهم وهو في حالة الشدة والمحنة، شريطة أن يكون الشخص عنده الاستطاعة لعمل ذلك، ولا يتطلب ذلك العمل تضحية بالغة (Singer 1997؛ Hawkins and Emanuel 2008).

ويستلزم وجود ثلاثة شروط للشروع في واجب الإنقاذ:

1- يجب أن تتاح الفرصة.

2- يجب أن تتوفر المقدرة.

3- يجب أن لا يكون العبء مكلفاً بحيث يجعل الأحوال قبل الإنقاذ أفضل مما بعده.

 

يجب عدم الخلط بين واجب الإنقاذ وواجب المساعدة. فالأول يتصف بالقوة الأخلاقية الملزمة وبالفورية والتحديد (أي السهولة النسبية لتقرير العمل المعين المطلوب إيفاءه)، بينما الثاني هو استنسابي من حيث الزمن والكيفية التي يتم بها تلبية الواجب. والشرح الكلاسيكي للفرق يمكن إيجاده في التناقض بين حالتين تبدوان متماثلتين: تقديم العون إلى طفل يغرق، والعون لتخفيف المجاعة. وكلا الحالتين تقدمان حالات من الحاجة الماسة، ومع ذلك فهما ليستا متماثلتين. فانظر:

التزامنا في الحالة التي نواجه بها بطفل يغرق هي مختلفة. فالحالة مختلفة لأن مساعدة طفل يغرق ليست فقط إحدى الطرق، بين مثيلاتها الأخريات، التي نختار بها تلبية واجبنا الأعم المنقوص في مساعدة المحتاجين… وفي هذه الحالة فإن واجبنا في المساعدة يجب أن يفهم على أنه واجب كامل للإنقاذ… فيختلف الواجبان في شكلهما ولكن ليس في أهميتهما.

فالأول يلزمني بالقيام بعمل معين (أي إنقاذ الطفل الغارق) والثاني يلزمني بمساعدة المحتاجين، ومع ذلك يعطيني متسعاً من الوقت للوفاء بذلك بعدة طرق مختلفة (Igneski 2006:440).

الفرق الأخلاقي المتعلق بهذا الموضوع يكمن في التحديد. فواجب الإنقاذ يرغم الشخص بتبني عمل محدد: فمن الواضح ما على الإنسان أن يعمل لتنفيذ الواجب. وفي المقابل فإن واجب المساعدة يرغم الإنسان بتبني غاية معينة – في هذه الحالة، مساعدة الجائعين – ولكن هناك طرق لا حصر لها يمكن بواسطتها الوفاء بهذا الواجب (مثل، التبرع بالمال، التبرع بالطعام الخ…) (Igneski 2006).

وعند تلبية الشروط الثلاثة للحث على الواجب، فإن الفشل في التصرف يمثل اهمالاً يلام عليه الإنسان، والفشل في أداء واجب المساعدة لن يستجلب اللوم ( أي، ما دام الإنسان لم يؤدي هذا الواجب) ؛ فسوف يفشل فقط في استجلاب المديح.

 

ما هو وجه الشبه بين طفل عليه خطر الإصابة بمرض يمكن استئصاله والطفل الذي يغرق ؟ في كلتا الحالتين هناك الوسيلة والفرصة للإنقاذ، وتنتهي النتيجة إلى أحوال أفضل، مما يجعل عبء الإنقاذ مستحق الأداء. تطلّع إلى شلل الأطفال مرة ثانية، فهو سبب رئيسي للشلل والموت أحياناً بين الأطفال الصغار في العالم النامي.

فلدينا الوسيلة (من خلال التلقيح) والفرصة (من خلال الالتزام بمبادرة استئصال شلل الأطفال العالمية لاستئصال شلل الأطفال وإنقاذ الأطفال المعرضين للخطر.

وفي هذا المثل فإن العمل المعين الذي يجب تبني القيام به لإتمام الإنقاذ هو واضح، أعني، متابعة الاستئصال. أما تبني عمل بديل ينتهي إلى ما هو أقل من الاستئصال (مثل تنفيذ استراتيجية سيطرة فعالة) فهو لن يفي بواجب الإنقاذ لأن ما يقرب من 4 ملايين طفل لن يتم إنقاذهم.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى