البيئة

مفهوم ذاتية تنفيذ الاتفاقية البيئية الدولية

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مفهوم ذاتية تنفيذ الاتفاقية البيئية الدولية البيئة علوم الأرض والجيولوجيا

هناك نقطة انطلاق جديدة لفهم الصعوبات التي تواجه المفاوضات الفعالة للاتفاقية وهي مفهوم ذاتية التنفذية للاتفاقية البيئية الدولية (Barrett 1994).

فإذا استُبعد حكم الإكراه فيجب على المشاركين في الاتفاقية البيئية الدولية أن يعلموا أنه من مصلحتهم الانضمام إليها وتنفيذ التزاماتهم(14).

وللتوصل إلى اتفاق مستقر، يجب على غير الأعضاء في الاتفاقية أن يعو أنه من مصلحتهم أن يبقوا خارج الاتفاقية البيئية الدولية. وهو ما يسمى في بعض الأحيان بالاستقرار الداخلي والخارجي.

 

وإذا كان الاتفاق غير مستقر، فعلى الاتفاقية البيئية الدولية إما أن تتوسع أو تتقلص حتى يمكنها الوصول إلى حالة الاستقرار. واعتماداً على النمذجة، فإن انشقاق أحدٍ ما [من الاتفاقية] قد يؤدي إلى الانهيار التام.

وإن التطرف الوحيد في هذا، هو انضمام جميع البلدان [إلى الاتفاقية] – ما يسمى بالتحالف الكبير (Grand Coalition)– سيعظم الفائض بسبب التعاون.

وفي الطرف الأقصى الآخر، فإن الاتفاقية البيئية الدولية ستُحل أو تخفق في التكوّن، ومن المفترض فيها أن تحقق البلدان أقصى قدر من التوازن في مصالحها الضيقة غير المتعاونة.

 

هناك نوعان من العقبات التي تحول من دون التعاون الكامل: التكسب وعدم التماثل ما بين البلدان في تكاليف ومنافع التخفيف(15).

ويعتبر خلق الفائض هو الحافز للانضمام للاتفاقية. ولكن يشارك غير المشاركين في الاتفاقية بالفائض من دون تكبد أية تكاليف تخفيف إضافية.

وهذه هي مشكلة التكسب، التي يمكنها الإطاحة بنجاح الاتفاقية البيئية الدولية. ولإغراض تحليلية، من المفيد أن نبدأ بافتراض أن كل البلدان متماثلة بما يتعلق بالتكاليف والمنافع. وفي وقتٍ لاحق سننظر في الآثار المترتبة على عدم التماثل في دوال التكاليف والمنافع.

 

بالنسبة لبلد بعينه، تكون زيادة قيمة التكسب مماثلة لأعضاء الاتفاقية البيئية الدولية(16).

حيث تزداد الفوائد الخارجية الممنوحة لغير الأعضاء في الاتفاقية، كلما زاد الحجم في الاتفاقية البيئية الدولية. فالحافز لبلد ليكون راكباً حراً هو أيضاً علياً، وذلك عندما تكون نسبة المنافع الممنوحة للآخرين من التخفيف كبيرة  قياساً بمصالحها الخاصة.

وهذه النسبة من المرجح أن تكون عاليةً بالنسبة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي لكون غازات انبعاثات الدفيئة تختلط لتتوحد في الغلاف الجوي(17). وأن تلك النسبة أيضاً عالية لبعض الدول الصغيرة التي هي مصادر ثانوية لانبعاثات الغازات.

 

وعند مؤشرات النسب العالية، يكون أي منهجٍ تخفيفيٍ دوليٍ نقيٍ منهجاً غير أناني (Altruism). وعليه، فإن هذه الحفواز لبلدان التكسب تميل إلى [ضرورة] تقييد الاتفاقية البيئية الدولية لانضمام تحت ائتلاف كبير، وتحت قدرة وإمكانية هذا الائتلاف تتحسن الرفاهية الاجتماعية.

تحقق باريت (Barrett) ذاتية التنفيذ (الاستقرار) للاتفاقية البيئية الدولية باستخدامه نموذج افترض فيه أن كل البلدان متماثلة.

وجاءت استنتاجاته الواقعية، أن هذه النماذج قد بينت أن ارتفاع مستوى المشاركة في ذاتية تنفيذ الاتفاقية البيئية الدولية ستتحقق فقط عندما يكون الفرق في نتائج صافي المنافع ما بين المتعاونة وغير المتعاونة صغيراً (وهو يعني، أن الاتفاقية ضعيفة).

 

وبين التحليل أيضاً، أنه عندما يكون الفرق كبيراً، فإن الاتفاقية البيئية الدولية ستتكون من عدد صغير من الدول فحسب. (بالنسبة لبعض قيم العوامل، لا توجد فيها ذاتية تنفيذ الاتفاقية البيئية الدولية). وفي كلا الحالتين، فإن المنافع الإضافية الناشئة من خلال النتائج غير المتعاونة للاتفاقية البيئية الدولية هي منافع صغيرة.

والبديهي وراء هذا الاستنتاج الأول هو أنه من السهل نسبياً توقيع الاتفاقيات التي لا تستدعي بذل الكثير من جهد التخفيف، سيكون لها حججها المبنية على أساس المصلحة الخاصة الضيقة.

وهذا من شأنه أن يكون عليه الحال، إذا كانت النسب الخارجية لفوائدها منخفضة. وعزا بعض المراقبين الانضمام العالمي تقريباً – ومن ثم النجاح- إلى بروتوكول مونتريال لتقييد استنزاف الأوزوان لتلك الخواص المميزة.

 

البديهي وراء الاستنتاج الثاني هي أنه عندما تكون نتيجة الفرق بين المتعاونة وغير المتعاونة كبيراً، فإن الحافز للركوب الحر أو للانشقاق [عن الاتفاقية] يكون أيضاً كبيراً، وفي هذا النموذج،  يكون الإغراء للانضمام – أو العقوبة للانشقاق- هي أيضاً أضعف من أن تسود.

والحافز للركوب الحر هو لكسب منافع التخفيف للآخرين من دون تحمل أي تكاليف للانضمام للتحالف.

وإن ردع التكسب أو الانشقاق من الاتفاقية ضعيف، لكون الذراع الفاعل الوحيد هو الزيادة أو الخفض في التخفيف من قبل أعضاء الاتفاقية البيئية الدولية، وتحقيق أقصى قدر من المنافع الصافية الجماعية ليكون محفزاً لانضمام أعضاء جدد، أو في الرد على رحيل أعضاء منها أو انشقاقهم عنها(18).

 

فآثار إجراءات تسويات التخفيف من قبل التحالف موزعة على جميع البلدان، وبالتالي فإغراءاتها أو عقوباتها المحتملة تجاه بلد ما صغيرة وضعيفة.

كما أبرز تحليل باريت التأثيرات الضارة المحتملة للترسب [الكربون]- الدول الموقعة في الاتفاقية البيئية الدولية على زيادة التخفيف، والدول غير الموقعة على تقليل جهد التخفيف الخاص بهم. ويأتي بعد ذلك مباشرة من هيكل النموذج ما يختاره غير الأعضاء لمستويات تخفيفهم لمعادلة التكاليف الحدية والمنافع الحدية.

كما أن زيادة التخفيف في الاتفاقية البيئية الدولية تُضعف حافز التخفيف ما بين الدول غير الأعضاء. وبالفعل، فإنه في ظل قيم عوامل معينة يعوض التسرب أي خفض تدريجي تماماً بواسطة التحالف.

وفي مثل هذه الواقعة، تكون الاتفاقية البيئية الدولية غير فعالة بالكامل ويفترض أن تنهار. فالتنفيذ الذاتي للاتفاقية البيئية الدولية لا وجود له. والتسرب هو القضية المركزية لكل الفعالية البيئية في الاتفاقية البيئية الدولية وللمخاوف بشأن خسارة التجارة الدولية التنافسية. وهو ما عبرنا عنه بالتفصيل في الفصل السابع.

 

وعلى الصعيد الإيجابي الأكبر، يؤكد النموذج أنه كلما كان عدد البلدان المعنية صغيراً وكان حافز الانضمام صغيراً أيضا، كانت عقوبة الانشقاق عن الاتفاقية قويةً. فمع أعدادٍ أقل، تتراجع النسبة في امتلاك المنافع من الخارج كما هو فعل الحافز للركوب الحر.

وإن اجمالي عدد البلدان لمناقشة اتفاقيات كيوتو كبير، لكن هناك فقط ستة بلدان فد أسهمت بـ 71% من ثاني أكسيد الكربون العالمي، منها الصين والولايات المتحدة الأميركية قد ساهمتا بواقع 42%(19). وسواء كانت ظاهرة الاحتباس الحراري قد عُولجت بشكل أفضل بعدد صغير أو كبير من الدول، فهي مسألة غير واضحة.

 

كما أنه من غير الواضح أيضاً كم هو إشعاع النتائج السلبية في هذا النموذج المعين يلقي على "إشكالية" (Problematique) ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي. إذ يفترض النموذج أن البلدان تتماثل في دوال التكاليف والمنافع الحدية، وأن الدفعات المالية الجانبية (التحويلات) تُستبعد، ويستخدم عقوبة ضعيفة فحسب.

وهذه ليست بالوصف الجيد لمفاوضات تغيير المناخ الراهنة. وللاقتراب أكثر من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، يجب علينا الاهتمام بالبلدان غير المتجانسة، والتحقيق في التحويلات المالية، والبحث في فرض عقوبات قوية على التكسب.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى