البيولوجيا وعلوم الحياة

فن تسعير الظل

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

فن تسعير الظل البيولوجيا وعلوم الحياة

من حيث المبدأ، يستند تقييم الآثار البيئية على الرغبة في الدفع لتجنب الأضرار، أو الرغبة في قبول التعويض نتيجة التكبد بالأضرار.

وهناك مشكلة آنية. فالعديد من الدراسات التجريبية تُظهر أن الرغبة في دفع ثمن لاحداث تحسن طفيف في نوعية البيئة، هي أقل من الرغبة لقبول التعويض عن التدهور الصغير في الجودة.

وإذا كان علينا أن نسأل أنفسنا، كم هي رغبتنا للدفع لغرض تحسين مناخ المستقبل لكي لا يكون كما هو عليه، فإن المبلغ سيكون أقل بكثير إذا ما تمكنا من أن نسأل أجيال المستقبل ما الذي يمكنهم قبوله من تدهور المناخ. ومع ذلك لا يمكن استشارة أجيال المستقبل، ومن المحتمل أن يكون من المهم التحيز لسوء التقدير الموجود حالياً.

 

بالنسبة إلى السلع والخدمات البيئية التجارية، تُعتبر أسعار السوق هي التقدير الأولي في الرغبة في الدفع.

و"السياحة البيئية" (Ecotourism) هي مثال على ذلك. فإذا ما أُديرت السياحة البيئية بذكاء، فيمكن للطبيعة أن تقدم خدمات يمكن تسعيرها وتسويقها للسياح المحليين والدوليين.

أما بالنسبة للسلع والخدمات غير المسوقة، فتستخدم أدوات التقييم التقليدية التي تُدعى بـ "الأسواق البديلة/ الحاضنة" (Surrogate Markets) أو طرق "التقييم الطارئة" (Contingent Valuation) لتقدير الأسعار الظل.

 

فعلى سبيل المثال، على الرغم من عدم وجود السوق المباشرة للعديد من وسائل الراحة البيئية، إلا أنه يمكن الاستدلال عن قيمتها من العلاقات الإحصائية ما بين مؤشر وسائل الراحة، لنقل الضباب الدخاني أو الضوضاء، وقيمة العقارات. فسوق العقارات هو سوق بديلة.

وفي التقييم الطارئ، يتم استطلاع الناس حول رغبتهم في الدفع أو قبول التعويض عن بعض التغيرات في بيئة محددة، على سبيل المثال، إعادة تأهيل لعملية تدفق سمك التراوت المتدهورة. فهذه الأدوات ليست مثالية، ولكن هناك خبرة واسعة فيها وانها ذات مصداقية.

لسوء الحظ، ليس بمقدور هذه الأدوات أن تُطبق بصورة مباشرة الأضرار المستقبلية التي ستنجم من ظاهرة الاحتباس الحراري.

ونحن لا يمكننا أن نعرف ماذا ستكون عليه أسعار السوق بعد 50 أو 100 سنة من الآن، ونحن أيضاً لا يمكننا أن نطلب من هؤلاء الذين لم يولدوا بعد أن يخبرونا بالأفضليات التي يرومونها.

 

وفي ظل هذه الظروف، هناك خياران. الخيار الأول هو أن نسأل كيف يمكن تقييم الآثار المستقبلية، إذا ما كان لها أن تحدث اليوم، ومن ثم إبراز هذه القيمة بالاستناد إلى تقديرات نمو الدخل، وتخمين مرونة الدخل المطلوب.

فعلى سبيل المثال، نحن نمتلك بعض البيانات حول قيمة الحياة الإحصائية في البلدان ذات مستويات دخل مختلفة.

ولربما قد نستخدم تلك [المعطيات] لحساب مرونة الدخل، بجانب حساب توقعات دخل الفرد، وتقدير قيمة الخسائر في الأرواح نتيجة زيادة الفيضانات، والعواصف القاسية، والإجهاد الحراري في وقت ما في المستقبل.

 

أما الخيار الثاني، فهو جعل الافتراضات بشأن مستقبل ما تبدو وكأنها أكثر وضوحاً.

فعلى سبيل المثال، ليس من المعقول أن نفترض أنه من خلال التفدم العلمي سيكون الدخل أعلى، وإن الإصابة بالأمراض الاستوائية ستنخفض بشدة.

وفي هذه الحالة، سيكون من الخطأ أن نسأل، ما الأضرار التي ستحدث اليوم بسبب ارتفاع درجات الحرارة؟ فالآثار نفسها – حالات الأمراض المرتبطة بدرجات الحرارة- ستكون مختلفة في المستقبل.

 

هناك قضايا أكثر تحدياً، أولها الآتي: إن معظم الدراسات التفصيلية التي تم إجراؤها كانت تخص الأضرار الحاصلة في البلدان المتقدمة.

وإذا ما كان بالإمكان نقل نتائج هذه الدراسات إلى الدول النامية، فإنه أمرٌ مشكوك به لاختلاف تلك الدول عن الدول المتقدمة في العوامل البيئية والاقتصادية والمؤسساتية.

وهذه مسألة مهمة خصوصاً في الدراسات التي تركز على التكيف، كما أن هناك أدلة قوية على أن قدرات التكيف ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمستويات الدخل.

 

وثانيها، أن معظم الأبحاث تتبع "المنهج السردي" (Enumerative Approach) يضاف إليها الأضرار الإجمالية وعلى مستوى كل قطاع اقتصادي بقطاع.

فالإضافة [بهذه الصورة] قد تفقدنا إضافة "الأضرار الجانبية" (Collateral Damages) في "القطاعات المترابطة" (Interrelated Sectors)، ولكن يمكن أيضاً عدها أضرار مزدوجة مشتركة لأكثر من قطاع.

فعلى سبيل المثال، يسهم ارتفاع مستوى البحر في "تسرب المياه المالحة" (Saltwater Intrusion) في طبقات المياه الجوفية الساحلية (Coastal Aquifers)، ويكون لها آثار سلبية على الزراعة.

 

ويمكن التغاضي عن تلك الأضرار عند الاهتمام [بمعالجة] الأضرار الزراعية. ولكن من ناحية أخرى، بمقدور تلك الأضرار أن تظهر مرتين، مرة في حسابات أضرار مستوى البحر، ومرة أخرى في حسابات الأضرار الزراعية.

وربما الأهم من ذلك، إن التوازن العام وليس المنهج السردي هو المتفوق في التقاط التفاعلات ما بين الأسواق.

فعلى سبيل المثال درس بوسيلو وزملائه (Bosello et al 2007) الأضرار الناجمة من ارتفاع مستوى البحر في "نموذج محور للتوازن المحسوب" (Modified Computable Equilibrium Model).

ووجد الباحثون، أن الآثار غير المباشرة، بما في ذلك الزيادة الكبيرة لإجمالي الأضرار تؤدي أيضاً إلى آثار توزيعية مختلفة تماماً.

 

الثالثة، ليست كل الدراسات تأخذ بعين الاعتبار الآثار الديناميكية. فمن المحتمل أن تكون التأثيرات المناخية، والتخفيف تؤثران في النمو على المدى الطويل، من خلال التأثير في معدلات الادخار وتراكم رأس المال.

فانك هوشر وتول (Fankhauser and Tol 2005) وجدا عام 2005 أن التأثيرات الديناميكية ربما تكون ضخمة بالمقارنة مع آثار ثابتة تقاس تقليدياً، خصوصاً بالنسبة إلى البلدان النامية.

 

والرابعة، أن تراكم القيم النقدية على الدول وتحويلها إلى عملة مشتركة هو اختيار لا بد من العمل عليه في نطاق معدلات تبادل أسواق العملات، وإن القوة الشرائية سوف تعادل معدلات تبادل العملة. نحن الآن سنهبط لمستوى واحد أدنى وننظر في قطاعات محددة(7).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى