علوم الأرض والجيولوجيا

معامل قوة اضمحلال قيمة الفائدة للاستهلاك

2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري

تشارلزس . بيرسون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

معامل قوة اضمحلال قيمة الفائدة للاستهلاك علوم الأرض والجيولوجيا

لقد حلقنا حول  والآن يجب أن نواجهها مباشرةً.

فالمعنى الرئيس لـ  هو المعامل الذي يصف قوة اضمحلال قيمة الفائدة للاستهلاك. وللتفكير بصورة مرئية أكثر، هو مقياس انحناء دالة الفائدة.

فكلما كانت قيمة  عالية، كان انخفاض العائد الحدية (MU) أكثر حدةً.

وكلما كانت قيمة عالية، كان الارتياح الإضافي المتحقق من استهلاك زجاجة النبيذ الثالثة أقل، ولكن مازالت تعتبر تجربة إيجابية.

 

تقوم قيمة  بثلاثة أدوار رئيسية في اقتصاديات الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، بصفتها مقياس لقوة تناقص العائد الحدية.

الأولى، هي إنها وضعت للعمل في معادلة رامزي للخصم بسبب توقعنا القائم على أن ثراء أجيال المستقبل سيكون أفضل بكثير مما نحن عليه الآن، وحاجتنا لمعرفة كم من فائدة مساعدة نحتاج لإلحاقها بتلك المستويات العالية للاستهلاك.

 

والثانية، لأن تغير المناخ ينطوي على المخاطر وعدم اليقين، فنحتاج إلى قياس يبين لنا كيف ننفر من المخاطر.

وكما سنوضح في وقت لاحق، يتعلق النفور من المخاطر بانخفاض العائد الحدية، ومن ثم قياسها بشكل مريح بواسطة .

 

والثالثة، يتطلب تحليل الكلفة–العائد لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي  أن نقوم باحتساب الآثار المتراكمة على الأفراد، التي ذات خاصية مؤثرة على الدخل المختلف بشكل كبير بين الأفراد.

 

ويمكن بناء الأوزان الاجتماعية لضبط تلك الاختلافات في الفائدة أو الرفاه المرتبطة بالاستهلاك من خلال النظر في حسابات فئات الدخل المختلفة.

وتستند الأوزان إلى المعدل الذي يعتقد أن الفائدة  أخذةٌ بالانخفاض، وهذا هو الدور الثالث الذي تؤديه 

من المفيد أن نكون أكثر وضوحاً. فأصل إيتا هو من دالة الفائدة  الاجتماعية المفترضة لمعروضات تضاؤل العائد الحدية للاستهلاك.

 

والدالة الأكثر تداولاً، إلا أنها بأي حالٍ من الأحوال مرشحة فحسب لتسمى "دالة الأوزو-المرنة" (Iso-Elastic Function)،

 

هذا أمرٌ من الناحية الرياضية ملائم، لكون العائد الحدية (MU)، تزداد في العائد من الوحدات الإضافية للاستهلاك، ومن ثم 

و (إشارة الناقص) لـ  هي المرونة للمنفعة الحدية فيما يتعلق بالاستهلاك، ونسبتها المئوية تنخفض بواسطة الفائدة الحدية (MU) مع زيادة 1% في الاستهلاك.

والأوزو-المرنة ببساطة تعني، مع إنها معنية على وجه الخصوص بدالة المنفعة المفترضة، تبقى مرونتها على حالها بغض النظر عن مستوى المستهلك، على الرغم من عدم وجود سبب واضح لهذا الافتراض.

 

إيتا  معامل قوي. ولعله من المفيد وضع بعض الأرقام لتمثيلها لغرض معرفة الآثار. فإذا كانت  صفراً، فذلك يعني أنه لن يكون هناك أي تناقص في الفائدة الحدية للاستهلاك.

وإذا افتراضاً كانت قيمة  مساوية إلى 1 وجعلناك أيها القاريء متطبعاً مع هذه القيمة، أنت أيها القارىء، فإن دولاراً واحداً من الدخل لشخص ما مدخوله نصف مستوى مدخولك ستكون قيمته دولارين أميركيين.

 

ودولاراً أميركياً لشخص ما مستوى دخله ضعف دخلك ستكون قيمته 0.5 دولاراً أميركياً.

وإذا اعتبرنا أن قيمة  مساويةً إلى 2، فهذا العدد هو غالباً ما يستخدم للتوضيح، فأخذ دولارٍ من شخصٍ ما الذي هو نسبياً غني (عشرة أضعاف متوسط الدخل) ليتم تحويله لشخص ما هو نسبياً فقير (معدل دخله 1 من عشرة من متوسط الدخل) فستكون قيمته مساوية إلى عشرة ألاف دولار أميركي.

لو افترضنا نمو في الدخل، فمن الصعب أن نبالغ في أهمية قيمة  عند خصم الأضرار الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي التي تحدث في 100 أو 200 سنة من الآن.

 

للنظر على سبيل المثال في القيمة الحالية لمليون دولار لأضرار ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي التي تحدث في 100 سنة من الآن.

ولنستمر في التركيز على ، ونفترض أن  مساوية لصفر، (من دون تمييز مبني بوضوح على الزمن). فإذا نما دخل الفرد عند 2% لكل سنة وافترضنا أن  مساوية لـ 1، فإن القيمة الحالية للأضرار ستكون 138,000 دولاراً أميركياً.

 

وإذا كانت  مساوية إلى 2، فإن القيمة الحالية للمليون دولار هي 20,000 دولارٍ أميركي، وإذا كانت  مساوية إلى 3 (قيمة مدعومة من بعض الاقتصاديين) فإن القيمة ستنخفض إلى 3,000 دولاراً أميركياً.

وحينما تكون ، المعدل المحض للأفضليات الزمنية، التي قد تلقت قدراً من الاهتمام في الأدبيات الاقتصادية، فإن h لها نفس القدر من الأهمية. وهي أكثر تعقيداً من ، ومع ذلك يستعان بها للقيام بأكثر من دور.

 

للنظر للأدوار الثلاثة التي تؤديها . حينما يتم استخدامها  في معادلة رامزي، تكون قيمة  هي الوزن المستخدم لإيجاد القيمة الراهنة للزيادة المستقبلية لاستهلاك الفرد.

وهي تعكس الخيارات الاجتماعية حول المساواة، وعدم المساواة في توزيع الدخل عبر الأجيال. كما هي، مقياس لنفورنا لعدم المساواة في الاستهلاك عبر الفترات الزمنية، أو بعبارات أكثر إيجابية، هو مقياسنا لأفضليات المساواة عبر الزمن. وأفضلياتنا بلا شك تتأثر بمفهوم تضاؤل الفائدة الحدية.

 فإذا كانت أجيال المستقبل أكثر ثراءاً منا، فإن الارتياح أو المنفعة التي سيحصلون عليها من دولار استهلاك إضافي سيكون أقل مما كنا نتلقاهُ.

 

لكن نفورنا أيضاً لعدم المساواة في الدخل عبر الفترات الزمنية هو مرتكز في بعض المفاهيم حول العدالة في توزيع الاستهلاك عبر الأجيال، وهي فكرة مستقلة عن تضاؤل الفائدة الحدية. كم يمكن لجيل الفقراء الحاليين أن يضحوا لأجيال المستقبل الأغنياء؟

وإن كلاً من انخفاض الفائدة الحدية (MU) والعدالة على حدٍ سواء هما مسألتان مهمتان في اختيار قيمة 

يجب علينا أن نكون حذرين لتجنب الارتباك. فالمعدل المحض لأفضلية الزمن  يميلان للعمل في نفس الاتجاه فيما يتعلق بظاهرة الاحتباس الحراري.

فكلما كانت قيمهما منخفضة، انخفض معدل سعر الخصم. وكلما ارتفعت قيمة الأضرار الحالية الناجمة من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، كان يجب أن يكون جهد التخفيف أقوى(11).

 

وهما لا يعملان، على أية حال، بصورة متناغمة في آنٍ واحد لدعم جهود تخفيف قوية [لانبعاثات الغازات]، والمساواة عبر الأجيال الراهنة والمستقبلية.

بل على العكس من ذلك، فالأخيرة تتطلب أن تكون قيمة  كبيرة، في حين إن هدف التخفيف يحتاج إلى قيم منخفضة لـ 

المعضلة التي ذكرناها في مقدمة هذا الفصل هي معضلةٌ حقيقة. ومسؤولياتنا لرعاية البيئة تتصارع مع غرائزنا لتحقيق المساواة. وهذه نقطة مهمة. فالأفضليات القوية لتحقيق مبدأ المساواة عبر الأجيال لا تحمي الإرث البيئي لأجيال المستقبل.

بل بدلاً من ذلك فإنها تحمي مصالح جيل الفقراء الحاليين بواسطة الدعم المفرط (المفترض) لأجيال المستقبل الغنية. والنفور من عدم المساواة عبر الفترات الزمنية قد يصحح الاستهلاك لمصلحتنا وسيكون لا معنى للادخار المستقبلي.

 

لننظر الآن الدور الثاني الذي تؤديه قيمة . إنه عامل النفور للمخاطر النسبية في الأدبيات المالية، الذي يقيس المدى المقبول لانخفاض عائد الاستثمار مقابل انخفاض المخاطر.

كما يقيس التحدب في دالة المنفعة، وهو نفس الدور الذي تؤديه في معادلة رامزي للخصم. فكلما كانت قيمة  كبيرة،  كان التحدب في الدالة أكبر، وهو ما يعني انه عند هذا التحدب سيزيد النفور عند الأفراد من الاهتمام المخاطر.

علاوة على ذلك، فباستخدام نفس دالة الأوزو-المرنة التي تم التطرق إليها مسبقاً، سينتج عامل نفور من المخاطر ثابت نسبياً.

 

وهو ما يعني ضمناً، أن الناس في مستويات مختلفة من الاستهلاك ستدفع نفس الجزء في استهلاكهم، لتجنب الخسارة في استهلاك معين. وأنه يفترض على الفقراء والأغنياء تجنب المخاطر بنفس النسبة.

إن مستقبل دول العالم غير أكيد [بيئياً] وينعكس ذلك من خلال المستويات غير اليقينية في الاستهلاك المستقبلي الموسوم بعدم اليقين.

ووجود أفضلية قوية للنفور من المخاطر يؤدي إلى قيمة كبيرة لـ ، وذلك في إطار المنفعة المتوقعة، التي تضع معظم الثقل على أسوء نتائج الاستهلاك.

 

وهو ما يزيد من القيمة المتوقعة للأضرار الناجمة من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، ويدعم تبني سياسة مناخية قوية وفعالة. لكننا نرى هنا مفارقة كبرى أخرى. فالنفور القوي من المخاطر يدعو لأن تكون قيمة  عالية، مما قد يزيد من القيمة المستقبلية للأضرار.

ولكن القيمة العالية لـ  وعملها من خلال معادلة رامزي سوف تقلل من قيمة الأضرار الحالية  وهو ما يضعف سياسة المناخ، ويزيد من إمكانية ارتفاع درجات الحرارة ويتسبب في كارثة. فالأثر الصافي مبهم، والمشكلة الأساسية تتطلب السؤال ومعرفة الكثير عن معامل (12).

وكأن هذا لم يكن كافياً، لتؤدي قيمة  دوراً ثالثاً. فهو ليس ضرورياً للتراكم عبر الزمن فحسب، بل ضروريٌّ أيضاً للبلدان ذوي الدخل المختلف.

وإن دالة نفعية الرفاه الاجتماعي تُراكم المنفعة، وهو ما يعني تحويل مستويات الاستهلاك إلى منفعة  تُستخدم في دالة المنفعة كما هي مستخدمة في التراكم عبر الزمن.

 

ففي الدور الثالث الذي تؤديه ، تكون قيمتها مقياساً لنفور عدم المساواة عبر الاجيال، وتكون أفضلياتنا في مساواة توزيع الدخل في محلها وفي الوقت المناسب. وكلما كانت قيمة h كبيرة، كلما كان نفورنا من عدم المساواة أقوى.

وفي هذا الدور، تكون ، والأوزان الاجتماعية وأوزان المساواة ثابتةً، وسوف نناقشها لاحقاً بتفصيل أكثر. ولكن عند هذه اللحظة، من الضروري أن نلاحظ أمرين فحسب.

الأول، نفورنا من عدم المساواة  ضمن الأجيال له منبعين غير مختلفين، كما هو نفورنا من عدم المساواة عبر الأجيال: احترام فكرة تضاؤل الفائدة الحدية (MU) والشعور بالإنصاف. وفقدان دولار من شخصٍ فقير ينبغي أن يكون وزنه مؤثرا بشكل أكبر من مقدار مماثل لنفس لدى الخسارة لشخص غني.

 

ويصبح الإنصاف مهما، كما ناقشناه في الفصل الثاني، لكون التوزيع الدولي الحالي والمحتمل للدخل غير عادل بشكل واضح، من دون وجود آلية سياسية واضحة للتصحيح.

ثانياً، لا بد من أن نلاحظ أنه ليس هناك أي سبب مقنع للاعتقاد بأن أفضلياتنا للمساواة في الاستهلاك عبر الأجيال هي متطابقة مع أفضلياتنا لتحقيق المساواة للاستهلاك بين البلدان (أو الأفراد) في مرحلة مناسبة من الزمن.

سنرى الآن مفارقة أخرى. فمن المتفق عليه على نطاق واسع أن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية ستضر البلدان الفقيرة بصورة غير متناسبة، خاصة الفقراء في تلك البلدان.

 

وإذا تم استخدام الوزن الاجتماعي، فإن تلك الأضرار ستُعطى وزناً أعلى، مع ثبات العوامل الأخرى، والأضرار الكبرى ستعلل سياسة المناخ الفعالة المتبعة اليوم(13).

النفور القوي من عدم المساواة ضمن الأجيال يشير إلى وجود قيمة عالية إلى ، وهو ما يعني أضراراً أكبر.

 

ولكن كما رأينا، أن عمل  من خلال دورها في معادلة رامزي، قيمتها الكبرى تقلل أيضاً القيمة الحالية لأضرار المستقبل. الذي من شأنه أن يساعد على تعليل سياسة المناخ غير الفعالة.

ومرة أخرى، أن التأثير الصافي شيء غامض. فالنفور القوي لعدم المساواة ضمن الأجيال يمكن أن يسهم في زيادة إجمالي الأضرار في المستقبل، ولكن عن طريق خفض خصم القيمة الحالية، والإخفاق في حماية الفقراء.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى