شخصيّات

نبذة عن حياة الملك الحارث الغساني

1996 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السابع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الملك الحارث الغساني شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

الحارثُ الغسَّانيُّ ملك من ملوك الغَسَاسنة، وهم من قبيلة الأزْدِ اليمنية العربية التي هاجرت من اليمن بعد انهيار سَدِّ مأرب التاريخي في أوائل القرن الأولِ للميلاد.

وبعد فترة من هجرتهم، تَنَقَّلوا خلالها في بلاد تُهامة والحجاز، نزلوا في حوالي القرن الثاني للميلاد بالقرب من ماء يقال له «غسان» فأقاموا على هذا الماء، فسُمُّوا باسمه «غسان» وغَلَب على أسمائهم.

وكانت ديارهم تقع باليرموك والجُولان وغيرهما من غُوطَة دمشق، ومنهم من نزل الأردن من أرض الشام. واعتنق الغساسنة الدين النَّصْراني، على مذهبٍ يُعرف بالمذهب «اليَعْقوبي».

 

حكم الملك الحارث الغساني في الفترة الممتدة من 529 إلى 569م. وكان شجاعا ذا دَهَاء سياسي، ومقدرةٍ عسكرية كبيرة.

وكان الروم يحترمونه ويهابونه، ويقدرون حاجتهم إليه، وإلى جيشه القويِّ المنظم الذي اشتُهِر بمقدرة قتالية عالية.

وكانت الحارث يتمتع بشهرة واسعة بين الروم والعرب. وظل طُوال عهده السيدَ المطاع دون منازع في الشام التابعة لنفوذ امبراطور الروم.

 

وعندما غزا الفُرْس الأرض التابعة لنفوذ الروم في الشام وآسيا الصغرى، لجأوا إليها يطلبون مساعدته التي أسفرت عن طَرْد الفرس من الأراضي التابعة لنفوذهم في الشام.

وكان لهذا أطْيبُ الأثر في نفس إمبراطور الروم تجاه الحارث، فَقَرَّبه إليه وأغْدَق إليه وأغدق عليه الهباتِ والأموال، ومنحه أسمى الألقاب الشَرفِيَّة، وهو لقب بَطْريق، ويَعني أن حامله يُصبحَ قَائدا على عشرة آلاف جندي من جيش الروم.

كذلك دعاه الأمبراطور إلى زيارته في عاصمته القسطنطينية، ولبَّى طلبه أن يَخلفه ابنه المنذر على إمارة قبائل غسان في الشام.

 

وقد تركت زيارته لعاصمة الروم القسطنينية أثرا عميقا في نفوس أهالي العاصمة، حين رَأَوْا الملك الغساني رجلا ذا هيبة ووقارٍ وقامة مَهِيبةٍ.

فَعرَفوا أن أباطرة الروم كانوا على حق حين قربوا هذا الملك ومنحوه أعلى الرتب والألقاب، وأغدقوا عليه الأموال والهبات.

وكانت أخبار شجاعته ومساعداته الكثيرة للروم ضد الفرس قد سرَت في كل مكان في القسطنطينية مما جعل له مكانة كبيرة ومهابة عظيمة في نفوس أهلها، لدرجة أن الأمهات كُنَّ يُخوِّفن ابناءهن باسم الحارث الغساني عندما يُرِدْن إسكاتهم إذا بَكَوا أو عَصَوا أوامَرهُن.

 

وللحارث بن جبْلة أعمال جليلة تنسب إليه، منها أنه توسط لامرئ القيس الكِنْدي لدى امبراطور الروم ليُعِينه على استرداد ملكه والأخذ بثأره من القبائل التي اجتمعت عليه في نجد.

كذلك نجح في إقناع امبراطور الروم كي يُسند المناصب الدينية الهامة في الكنائس الواقعة في إماراته إلى عدد من رجال الدين على المذهب اليعقوبي الذي يعتنقه، ومعاملة العرب الذين يَتْبعون هذا المذهب معاملة حسنة.

وكان هذا سببا في تَبَدَّل معاملة الروم الهؤلاء العرب إلى معالمة طيبة بعد أن كانوا يعانون من الاضطهاد والظلم.

 

وكان نتيجة هذا هو حماية المذهب اليعقوبي وانتشاره بين أهالي الشام من عرب وسُريان في أثناء حكمه وحكم ابنه على نطاق واسع.

كذلك بلغت إمارة الغساسنة في عهده مكانة كبيرة مرموقة وامتدت مساحتها من الثراء إلى شمالي تَدمر من أرض الشام، واشتملت على البَلْقاء والصَّفا وحُوران وبُصرَى التي اشتَهَرت بكونها مركزا تجاريا وعاصمة دينية هامة.

 

وبعد حياة حافة بالانتصارات والخدمات الجليلة التي قدمها الحارث الغساني للروم ضد الفرس، وقوة واتساع نفوذه في الشام. 

تُوفي عام 570م. وكان، في رأي كثير من المؤرخين، أعظم ملك عربي عرفته الشام في الفترة التي حكم فيها والتي امتدت طوال أربعين عاما.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى