البيولوجيا وعلوم الحياة

المعاني الجزئية التي تدركها عملية الإبصار حول “مقدار المُبصر والتَّفرقُ بين المُبصرات”

2009 البصائر في علم المناظر

كمال الدين الفارسي

KFAS

المعاني الجزيئة التي تدركها عملية الإبصار حول مقدار المبصر والتفرق بين المبصرات البيولوجيا وعلوم الحياة

وأما العِظَم: – وهو مقدار المُبصر، ومنه البُعد بين نقطتين – فقد اختلف في كيفية إدراكه، فرأى الجمهور أن يدرك من زاوية مخروط شعاع المبصر، والتعويل عليها فقط.

ورأي المحققين أن لا بُدّ مع ذلك من اعتبار بُعد المبصر ووضعه وهو الصحيح، وذلك أنَّ المبصر الواحد ليس يختلف مقدارُه عند البصر، وان اختلفت أبعاده بالبُعْد والقُرب اختلافاً غير متفاوت، ومعلومٌ أن زواياه بحسب تلك الأبعاد تختلف اختلافاً متفاوتاً له قدر محسوس).

وكذلك قد يختلف أوضاعه بالمواجهة والميل، ومقداره لا يختلف عند البصر مع أن الزوايا تختلف.

 

وإذن فلنبين كيفية إدراكه، فنقولك الاصل الذي عليه يعول التمييز في تحقيقه إنما هو الجزء من سطح الجليدية الذي يحوزه المخروط المتشكل بين المُبصر والبصر، وبه يتقدر زاوية مخروطه.

لكنه لما تنبه لاختلاف الزوايا بحسب اختلاف الابعاد حصل بالتكرار على طول الزمان مقتضى كل زاوية من العظم بحسب كل بُعد من الأبعاد المألوفة وبحسب كل وضع.

فإذا أحس بالزاوية من الإحساس بالقدر من سطح الجليدية الذي فيه حصلت الصورة وقاسها بالبعد والوضع المحققين، علم من ذلك العظم محققاً.

 

واعلم أن مقدار جسم المُبصر ليس يدركه البصر حال المقابلة لانه ليس يدرك جميع سطحه دفعةً فإن تحرك الجسم والبصر حوله حتى يدرك جميع سطحه بالحس أو بالاستدلال فإنما يدرك حينئذ قدر جسمه بقياس ثان غير الذي يستعمله حال الإبصار.

وإذا أراد الحاس تحقُّق عظم مُبصر فإنه يحرك سهم الشعاع على جميع أجزاء المُبصر، فإن كان بُعده متفاوتاً ظهر للحس عند تأمله التباس صورته، وإنها لا تتحقق له، وإن كان معتدلاً ظهرت له صحة رؤيته.

فإذا حرك السهم على معتدل البعد مسحه مساحة وادرك أجزاءه جزءاً جزءاً، وتحقق بالحركة مقدار الجزء من سطح العضو الحاس الذي فيه تحصل صورة المُبصر ومقدار زاوية المخروط التي يوترها ذلك الجزء، ثم يتحقق بعده كما مرّ فيتحقق له منهما مقداره.

 

وإذا يعمل البصر لتأمل المبصر صار طرف السهم على الجزء المتطرف من المبصر فيصير في هذه الحال صورة جملة المُبصر في جزء من سطح البصر مائل عن السهم إلى جهة واحدة سوى الجزء الذي عليه.

فإن صورته تكون في موضع السهم، ثم إذا تحرك البصر من بعد على قطر من أقطار المبصر انتقل السهم إلى الجزء الذي يلي الأول ومالت صورة الأول إلى الجهة الأخرى المقابلة لجهة حركة السهم، ولا تزال الصورة تميل ما دام السهم متحركاً على ذلك القطر إلى أن ينتهي إلى طرف ذلك القطر.

فتصير جملة المُبصر مائلة إلى الجهة المقابلة للأولى سوى الجزء الأخير المتطرف فإنه يكون على السهم، وهذه الحركة تكون في غاية السرعة وغير محسوسة غالباً.

 

وبهذه الحركة تتحرك صورة المُبصر على شكل البصر فيتغير الجزء من سطح البصر الذي فيه تحصل الصورة، وتصير صورة المبصر عند الحركة في جزء بعد جزء من سطجه، وحاسة البصر مطبوعة على إدراك مقادير أجزاء البصر.

أعني محال الصور وتحصيل الزوايا التي يوترها هي، وتحقيق صورة المبصر وبعده فيدرك من المجموع عِظَم المبصر محققاً، وايضاً فإن البصر قد يحس بتساوي خطوط الشعاع واختلافها.

فإن كان سطح المُبصر الذي يتحقق صورته أو المسافة بين نقطتين مائلاً أحس بميلهما في إحساسه باختلاف مقادير ابعاد أطرافهما، وإن كان مواجهين أحس بالمواجهة من الإحساس بتساوي الابعاد.

 

ويدرك من اختلاف بعدي طرفي المسافة المائلة ميل المخروط المحيط بها، وإذا أحس بميله أحس بفضل عظم قاعدته من أجل ميله.

وإنما يلتبس مقدار عظم المائل إذا كان القياس بالزاوية فقط، فأما إذا كان بها وبأطوال الأشعة فلا التباس، ثم إن أبعد الابعاد المعتدلة بالقياس إلى المبصر إذا كان مائلاً أصغر من أبعدها بالقياس إليه إذا كان مواجهاً، لأن المبصر المائل قد يخفى بجملته من بُعد أصغر من الذي يخفى منه إذا كان مواجهاً.  

فالأبعاد المعتدلة بالقياس إلى المبصرات تختلف بحسب وضعها في الميل والمواجهة.

 

وأما التَّفرقُ بين المُبصرات: فيدركه من تفرُّق صورتي الجسمين الحاصلتين في البصر، وذلك (إما لأن بينهما صورة ضوء و ظلمة، وإما لأن انعطاف سطحيهما إلى جهة التباعد) في موضع التَّفرق ظاهر للبصر.

والتَّفرق قد يكون  بين سمين منفصلين بأسرهما، وقد يكون بين جسمين منفصلين بجزء، متصلين بجزء، كالأنامل وأغصان الشجر.

وقد يكون فسيحاً، وقد يكون ضيقاً مما بين الغصون الضيقة، وقد يخفى لتفاوت بعده، وقد يدرك التفرق بالمعرفة من دون إحساس البصر).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى