العلوم الإنسانية والإجتماعية

أهم مطالب الفرد الخاصة بالرعاية الصحية

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

الاهتمامات الاجتماعية

تسارع الاهتمام الجماهيري مع زيادة الوعي بعدم المساواة في الاستفادة من التقدم التكنولوجي والتعرض للأخطار التي قد تنجم عنه. 

فإمكان استفادة الأفراد والجماعات من هذا التقدم وتعرضهم للأخطار الناجمة عنه يرتبط ارتباطا وثيقا بقوتهم النسبية ومكانتهم في المجتمع. 

وأصبح الاهتمام بهذه القضية جزءا لا يتجزأ من الاهتمام العام بتكافؤ الفرص والمساواة في الاستحقاقات والمعاملة العادلة.

 

ويجزم المجتمع والثقافة في النهاية بمسئولية الحياة والموت للقرارات التي يتخذها المعنيون بالعلاج.  ولقد ازداد ذلك مع وصول التقنيات الجديدة مثل تقنية التلقيح الصناعي، والتدخل الوراثي الذي يمكن بواسطتها أن تتعدل المفاهيم من مكونات الكائن البشري. 

فلكل تقنيات الطب البيولوجية إمكانية تغيير صفات المجتمع ذاته.  وذلك هو السبب الذي أدى إلى توجيه الجيمقراطيات الصناعية مزيدا من الانتباه إلى قيمة المجتمع المتعلم الواعي بصفة عامة ولأهمية الحوار الجماهيري حول القضايا التي تثيرها القوى الطبية الجديدة.

 

مطالب الفرد الخاصة بالرعاية الصحية: العدالة والاستقلالية وتقدير الذات

بناء على قول هوهفيلد Hohfeld (1964) تعتبر كل حقوق الفرد مطالب مشروعة على المجتمع تنفيذها، ولكن المعروف ان المجتمعات لا تمتلك موارد علمية وصحية وطبية بدرجات متساوية، وأن سبيل الحصول على بعضها قد يكون مقيدا بنظم أخلاقية معينة. 

والمفهوم أيضا أن الأحقية في الحصول على خدمات مفروضة قد يفرض التزاما على الاشخاص الذين لا يرغبون في تلقي الرعاية الصحية. 

بيد أن الأحقية في رعاية صحية آمنة وفعالة تعتبر قائمة حتى في حالة نقص الموارد أو وجود محرمات ثقافة تجعل الوفاء بها مستحيلا لأي فرد في المجتمع، أو تجعلها قاصرة على أعضاء فئات اجتماعية معينة. 

 

والمثل يقال عن الاحقية في الاستقلالية أو الحرية المتلعقة بمشروعية قرارات الرعاية الصحية حتى في المضمون الذي يحجب هذه الرعاية. 

ولكن المشروعية المعلنة عن أحقية الرعاية الصحية في تكنولوجيا الطب البيولوجية المتقدمة التي تحتاج إلى تكلفة باهظة وعمالة مكثفة تثير سؤالا آخر هو: كيف يمكن التمييز بين احتياج معقول يمكن اعتباره جزءا من الرعاية الصحية المستحقة والممولة وبين الرغبة في علاج لا يلتزم المجتمع بتوفيره؟

إن صحة الفرد، وقدرة الإنسان على رعاية نفسه، وبخاصة مع النتائج المتزايدة لبحوث الطب البيولوجية، إنما تتطلب شعورا ذاتيا بالمقدرة والاستقلالية وتقدير الذات.

 

ولقد كان هذا ظاهرا بوضوح وبخاصة في الدراسات التي أجريت حول استخدام موانع الحمل أو عدم استخدامها في المجتمعات النامية حيث تميل المرأة إلى أن تكون على قدر قليل من التعليم وتابعة للرجل (برودي Brody 1981أ). 

فتوافر وسائل منع الحمل أو غيرها من الخدمات الصحية لشعوب أو أناس تقليديين أو ينقصهم الوعي، لا يكفي لضمان استخدامها أو الاستفادة من توافرها.

والتقنيات الأكثر تعقيدا والتي تحتاج إلى أطباء مدربين تدريبا خاصا لإمكان تشغيلها ليس في متناول معظم شعوب العالم، ولا تتوافر إلا للقلة التي تستطيع تحمل تكاليفها الباهظة أو التي لديها السلطة لطلبها. 

 

وطبقا لما ذكره (راولز Rawls 1971) تميل مصالح الفئات البعيدة عن صناع القرار أو المقهورين أو أقل فئات المجتمع قوة، إلى أن تهمل تماما عند صياغة السياسة التي تتعلق بالسياسة الصحية. 

ففي النظام الاقتصادي الذي يتبع اسلوب دفع رسوم الخدمات يستطيع الأفراد القادرون ممارسة حقوقهم في الرعاية الصحية.  وتكون أحقيتهم في الخدمة الطبية مصحوبة بالجزاء الذي يضمن تقديم الرعاية الفورية لهم. 

 

وربما كان النقيض المطلوب هو عقد اجتماعي يضمن عائدا مجزيا وشعورا متزايدا بالقيمة الذاتية حتى بالنسبة لادنى فئات المجتمع تميزا. 

ومع ذلك فإن هناك محاولات في معظم الدول الصناعية لزيادة البدائل الخاصة بالصحة والرفاهة وتقدير الذات بالنسبة لأقل أعضاء المجتمع تميزا مما اثار المعارضة من جانب دافعي الضرائب الذين لا يريدون الاعتراف بالتكاليف الإضافية الضرورية.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى