العلوم الإنسانية والإجتماعية

المطالبة بحقوق الإنسان تعد عملية العقل اللاواعي في السياق الثقافي

1996 تقنيات الطب البيولوجية وحقوق الإنسان

الدكتور يوسف يعقوب السلطان

KFAS

العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

لا تعد نظرة النسبية الثقافية للحقوق التي سبق ذكرها، كليا أو بالضرورة مناقضة للمواهب المطلقة الموروثة أو الطبيعية في الجنس البشري.

ذلك أن أي مفهوم متفق عليه اجتماعيا عن الحقوق يصبح دائما بناء أو هيكلا اجتماعيا.  وليس من شك في أن التعبير عن مطلب معين كحق. 

بمعناه اللفظي، يعكس المضمون الثقافي والاجتماعي، والقيم الخاصة بالمجتمع المعين المعنى.  كذلك لا شك في أن تفسير أي فرد لمفهوم المجتمع يعكس السيرة الشخصية في إطار ذلك السياق أو المضمون. 

 

ولقد ذكر ديفيرو Devereaux (1956) أن "القدر النسبي من الأهمية الذي تعطيه ثقافة ما لآليات الدفاع المتنوعة، وأنمط مطالبة الاساسية"، يسمح ببعض الدوافع والخيالات وخلافه لتحقيق الوعي وبقائه، في حين أنه يحتاج إلى دوافع وخيالات أخرى لكي يكبح جماحه (ص6).

وتسمح مثل هذه الصيغة بفهم ثقافي معين للمحددات غير المدركة لمفاهيم الخطأ والصواب، ولجوهر الكيان الإنساني، ولكل ما يعتبر حقوقا تجاه أي أحد بحكم وضعه كإنسان. 

ويضاف أيضا إلى فكرة الحقوق كمطالب واعية اعتبار أن المطلب ذاته عبارة عن تعبير عن عملية اللاوعي العقلي المتأثرة بالمضمون الثقافي.

 

وتنبني فكرة "الوحدة النفسية للجنس البشري" على هذه الفرضية ويفترض جيزا ووهايم Geza Roheim (1950)، الإثنولوجي الذي تدرب أيضا على التحليل النفسي، أن التشابه بين الثقافات المختلفة في الأسطورة والآداب الشعبية، والاشتراك بينها في استخدام الرموز الكونية والآليات المشتركة الموجودة في كل الثقافات للدفاع عن الفرد، إنما تعكس جميعها وجود مشاكل بشرية مشتركة بين الجميع. 

وكان هدف الدراسات الميدانية التي قام بها رهايم هو اكتشاف الدليل على أن الأشياء العامة الغيبية موجودة لدى كل الجماعات.  وبينما لم تكن النتائج التي توصل إليها مقبولة بلا شبهات، فإن معظم المحللين النفسيين المعاصرين يعترفون بأنه كلما زاد التشابه الثقافي بين هذه المجتمعات ومرضاها كلما أصبحت أقدر على المشاركة الوجدانية في معاناة المريض. 

ويشعر الكثيرون بأن المشاركة الوجدانية ممكنة دائما من خلال اكتشاف بعض التجارب التطورية المشتركة.  أما كراك Kracke (1979) فمن خلال دراسته لهنود الأمازون أبدى قبوله لفكرة التشابه بين الجنس البشري، بل وحتى بين الأفراد الذين يختلفون اختلافا كبيرا في خلفياتهم الثقافية. 

 

وقام بإثبات ذلك التشابه عن طريق اكتشاف المفهوم اللغوي الذي تشرح به الملاحظات الموضوعية.  ويجب ملاحظة أنه اكتشف المفاهيم واللغة الموضوعية من خلال العلاقات. 

فلقد عاش مع القبيلة لفترات طويلة، وشارك أهلها معاناتهم وأحزانهم في مناسبات الموت، وأصبح مصدرا مهما لإمدادهم بالأدوية.  وربما لم يكن بالإمكان الوصول إلى هذه الاكتشافات عن طريق المقابلات الشخصية القصيرة المحدودة. 

وحتى مع المشاركة في فترات الانفعال الشديد ومع قدرة الإنسان على المشاركة العاطفية المبنية على المشاركة الأساسية في النظام وفي الظواهر التطورية، فلا يبدو أن يكون بالإمكان، في كل الأحوال تخطي الفجوة إلى شخص آخر ينتمي إلى ثقافة وطبقة اجتماعية اقتصادية مختلفة.

 

العموميات الثقافية

ويقع في الوسط بين موقع الحقوق الطبيعية والنسبية الثقافية ذلك الموقف الذي تتخذه العموميات الثقافية (رينتلن Reneln ، 1990)، وهي بمثابة نقطة الملتقى بين النظم الأخلاقية والثقافات الإنسانية. 

والمفروض فيها أن لكل ثقافة مثلا عليا تتضمن المبادئ الأخلاقية، وأن هذه المثل العليا الثقافية غير جامدة ولا ثابتة.

 بل إنها متطورة، وفي تطورها (وبخاصة في وقتنا الحاضر مع تقدم تكنولوجيا النقل والاتصالات) يحتمل أن التلاقي سوف يزداد بينها ويعكس هذا عملية انتشار ثقافي.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى