العلوم الإنسانية والإجتماعية

الأساس القانوني لـ”الحق في الإثبات”

1995 الحاسوب والقانون

الدكتور محمد المرسي زهرة

KFAS

الحق في الإثبات الحاسب الالكتروني العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

اختلف الفقه في تحديد الأساس القانوني للحق في الإثبات.  فالبعض يرى أن نتيجته طبيعية ولازمة لعبء الإثبات . ومن يقع عليه عبء الإثبات يجب أن تكون لديه الوسائل اللازمة للنهوض بهذا العبء .  

بعبارة أخرى ، فإن القانون حينما يُلقي بعبء الإثبات على عاتق شخص معين ، يجب أن يُهيئ له – في الوقت نفسه – كافة الوسائل اللازمة التي تُمكّنه من القيام بهذ الالتزام .

وقد انتقد البعض هذا التبرير.  ففضلاً عن أن فكرة عبء الإثبات ذاتها منتقدة ، فإن الأخذ بهذا التبرير يؤدي – بالضرورة – إلى قصر حق الإثبات على المدّعي فقط دون المدّعي عليه .  فهو وحده – أي المدعي – الذي يقع عليه عبء الإثبات .  وهي نتيجة يصعب التسليم بها.   

 

فخصم المدّعي له دور إيجابي في الإثبات ، ومن ثم يجب – أيضاً – تمكينه من إثبات ما يدّعيه بالطرق المحددة قانوناً .

والأدق – في اعتقادنا – أن يقال ، مع البعض الآخر ، إن الحق في الإثبات يبدو كضمان مرتبط أو ملتصق بكل حق . 

فهو حق مستفاد بطريق التلازم من النصوص التي تقرر الحقوق الموضوعية لأصحابها.  ففعالية كل حق تتوقف – بالضرورة – على إمكانية إثباته عند التنازع عليه . 

 

وإذا كان الحق بوجه عام هو سلطة يحميها القانون، فإن ركن الحماية الذي يتمثل في الدعوى، لا يتحقق – قانوناً وعملاً – بصورة فعالة إلا إذا كفل القانون لصاحب الحق كافة الوسائل اللازمة لإثباته.  فتقرير الحق لشخص يقترن – دائماً – بمكنة إثباته بكافة الطرق التي كفلها القانون ، بل إن الحق في الدعوى يستحيل ممارسته ، من الناحية العملية ، إلا إذا تمكن رافع الدعوى من إثبات ما يدّعيه بالوسائل القانونية ، فالدعوى دون إثبات كالحق دون دعوى : كلاهما ، عند النزاع ، والعدم سواء .

الخلاصة إذن هي أنه إذا كان صحيحاً إن القواعد الموضوعية المنظمة للإثبات لا تتعلق – في معظمها – بالنظام العام ، ومن ثم يجوز الاتفاق على خلاف حكمها ، إلا أن هذا الاتفاق لا يجب – في نظرنا – أن يذهب إلى حد حرمان أحد طرفيه من حقه في الإثبات عموماً صراحة أو ضمناً. 

ومن ثم يجوز مثلاً  الاتفاق على تعديل وسائل إثبات هذا الحق .  كأن تكون وسيلة إثباته مثلاً هي الكتابة دائماً، أو ابينة والقرائن فقط . 

 

فالشخص يحتفظ بحقه في الإثبات مع تغيير أو تعديل وسائل إثباته فقط ، أما الاتفاق الذي يتنازل بمقتضاه أحد الطرفين عن حقه في إثبات ما يدعيه ، صراحة أو ضمناً ، فهو – في نظرنا – باطل ولا أثر له .

ويترتب على ذلك – في رأينا – بطلان الشرط الذي يُقر بمقتضاه حامل بطاقة السحب الآلي بأن دفاتر البنك وحساباته تعتبر دليلاً قاطعاً على ما يُستحق عليه من التزامات ناشئة عن استعمال البطاقة . 

فمثل هذا الشرط الذي يُضفي حجية مطلقة على مستندات ودفاتر البنك يعني – عملاً – حرمان صاحب البطاقة من إثبات حقوقه قبل البنك باي وسيلة من وسائل الإثبات .  وهو تنازل – كما قلنا – باطل لأنه يعني حرمان صاحب البطاقة من حقه في الإثبات بوجه عام . 

 

هذا بالإضافة أن مثل هذا الشرط يفتح الباب على مصراعيه أمام البنك للتلاعب كما يشاء في مستندات وودائع وحسابات العملاء. وله أن يطمئن، فقد اتفق على أن مستنداته حجة قاطعة لا يأتيها الباطل من أمامها ولا من خلفها !

أما شرط تنازل حامل البطاقة عن طلب مراجعة حسابات البنك وتوقيعها قبل المحكمة فهو شرط صحيح قانوناً . 

فالمادة 33 من قانون التجارة الكويتي قد أجازت إلزام التاجر (البنك مصدر البطاقة) بتقديم دفاتره وأوراقه التجارية للإطلاع عليها من قبل المحكمة سواء بناء على طلب الخصم ، أو من تلقاء نفسها .

فإذا ما تنازل الخصم – مقدماً – عن حقه في طلب الاطلاع ، كان تنازله صحيحاً .  فهو قد تنازل عن مصلحة خاصة قررها له المشرع .  لكن يبقى للمحكمة – دائماً – أن تامر التاجر بتقديم دفاتره وأوراقه للاطلاع عليها إذا رأت أن في ذلك مصلحة يقتضيها الفصل في النزاع 

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى