شخصيّات

نبذة عن حياة الفيلسوف “أرسطو”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

الفيلسوف أرسطو شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

كان أرسطو (شكل رقم 1) عظيماً، ومأساته أنه كان عظيماً جداً!

أما العقول الأدنى منه، تلك التي تبعته وقبلت أخطاءه مع جلائل أعماله، فكانت تنشد في كتاباته أجوبة لجميع المسائل في كل الازمان.

والحق أننا لا نجد فرعاً من فروع المعرفة لم يُحط أرسطو به خُبراً، ولا نكاد نجد علماً من العلوم لا يدين- في نشأته وتكوينه – بالفضل لمعلم الإنسانية الأول، إن في الفلسفة أو المنطق أو الأخلاق أو السياسة أو العلوم الطبيعية عامة وعلوم الحياة خاصة وما وراء الطبيعة.

لقد نجح عالمنا وفيلسوفنا في أن يجعل ما دوَّنه من ضروب المعرفة فوق مستوى الشبهة نحو عشرين قرنا.

وبقيت آراؤه وأعماله مرجعاً يستقي منه الدارسون ألفين من السنين لم يجد الزمان خلالها له مثيلا.

 

سرُّ..العبقرية

ولد أرسطو في ستاجيرا التي تقع عند الطرف الشمالي لبحر إيجا.

وكان أبوه ثيوماخوس مستنيراً ذا نفوذ، إذ كان طبيب البلاط الملكي لجد الإسكندر الأكبر.

حصل عالمنا وفيلسوفنا على دراسته الأولية بالمنزل وزوَّده والده بمعلوماتٍ كثيرة في التاريخ الطبيعي.

وقد مات أبوه وهو بعدُ صبياً وأرادت له أمه أن يكون طبيباً كأبيه. ولما بلغ الثامنة عشرة من عمره سافر إلى أثينا وتتلمذ على أفلاطون فيلسوف ذلك الوقت في أكاديميته لمدة عشرين عاماً (427-347 ق.م)، أظهر خلالها استقلالاً فكرياً وعقلياً، آخذاً من أفكار أفلاطون ما يشعر بأنه مفيد ولكن يعارضه ويزيد عليه عندما يشعر بالحاجة إلى ذلك.

وكانت هذه الشخصية المستقلة في التفكير بمثابة مفتاح السر في عظمة أرسطو وعبقريته: عالماً وفيلسوفاً ومعلماً.

وكان أرسطو يطمع في أن يلي أستاذه في رياسة الأكاديمية، فلما خاب رجاؤه غادر أثينا إلى بلاط الأمير هرمياس في ولايةٍ صغيرةٍ على شاطىء آسيا الصغرى حيث تزوج أخت الامير وعكف على الدرس والبحث.

 

مُعلِّم الإسكندر الأكبر

في عام 342 ق.م ارتقى عرش مقدونيا الملك فيليب بعد وفاة أبيه، واتخذ من أرسطو معلماً لولده الإسكندر.

وكان إذ ذاك صبياً في الثالثة عشرة من عمره، وظل أرسطو معلماً للإسكندر حتى عام 336 ق.م وهي السنة التي قُتل فيها الملك فيليب المقدوني وصار ولده الإسكندر ملكاً من بعده (شكل رقم 2) .

 

لا لن تُغتَال الفلسفة مرتين!!

عاد أرسطو إلى أثينا حيث أنشأ الليسيوم وأخذ يلقي فيه طلابه يعلمهم العلم والحكمة والفلسفة.

وكان من عادته أن يتمشى جيئةً وذهوباً أثناء إلقائه دروسه، ولذلك سُمى أتباعه بـ (المشَّائين) أو (الرواقيين). واستمر عميداً لليسيوم ثلاثة عشر عاماً وضع إبَّانها أعظم مؤلَّفاته.

وكان الإسكندر يزداد نجمه صعوداً وتزداد فتوحاته عمقاً واتساعاً حتى شملت إمبراطوريته أرجاءً وأرجاء. وإنه لفي قمة مجده إذ به يموت فجأة في بابل عام 323 ق.م فقد أصابته حمى توفى بسببها بعد عشرة أيام وهو لم يبلغ بعد الثالثة والثلاثين من عمره.

وبموته وقعت الاضطرابات في أثينا وانتقلت السلطة إلى حزبٍ آخر غير موالٍ لمقدونيا؟ ولما لم يكن أرسطو المقدوني موضع الرضا فقد قفل عائدا إلى جزيرة أيونيا طلباً للأمان، أو على حد قوله: لمنع الآثينيين من ارتكاب حماقة أخرى ضد الفلسفة كتلك التي ارتُكبَت في حق سقراط.

رجع ومرارة الفراق في عينيه، فالقلب ملتاع والنفس في غُصَّةٍ لموت التلميذ والصديق الإسكندر الأكبر.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى