شخصيّات

نبذة عن حياة الشاعر “خليل مطران”

1998 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء التاسع

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الشاعر خليل مطران شخصيّات المخطوطات والكتب النادرة

خليل مطران شاعر من أهم شعراء القرن العشـرين، ويعد واحدا من الثلاثة الكبار: أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وخليل مطران.

ترك تأثيرا واضحا في نهضة الشعر العربي الحديث، وقد نال مكانة عالية، وحظي بلقب "شاعر القطرين" أي الشام ومصـر، ثم أطلق عليه لقب "شاعر الأقطار العربية".

ولد خليل مطران عام 1879 في مدينة بعلبك بلبنان. وكان والده الميسور الحال يعمل في التجارة، لـذلك حرص على تعليم ابنه، فتلقى تعليمه الأول في مدينة زحلة، ثم نقله إلى العاصمة بيروت ليكمل تعليمه فيها.

 

وقد تتلمذ على يد اقطاب عصـره، ومن أبرزهم خليل وإبراهيم اليازجي، وكانا من علماء اللغة في عصـرهما. وبرز نبوغـه المبكر في مشاركته في حوار دار حول اللغة العربية فكتب بحثا في الموضوع كشف فيه عن مقدرته ومعرفته باللغة وتحمسه لها.

وكان في الوقت نفسه حريصا على حفظ الشعر العربي وروايته.

سافر إلى باريس وقضـى فيها فترة يسـرت له التمكن من اللغة الفرنسية واطلع على الثقافة الغربية، وتابع أهم التيارات الأدبية، مما سيكون له أكبر الأثر في نشاطه الأدبي فيما بعد. وهكذا استطاع خليل مطران أن يجمع بين الثقافتين العربية الأصيلة والثقافة الغربية المعاصرة.

 

في عام 1892 عاد مطران مرة أخرى إلى وطنه العربي واستقر به المقام في مصـر. وفيها استطاع أن يبني شهرته الشعرية والأدبية، فأخذ يشارك بشعره في المحافل الأدبية والاجتماعية والسياسية.

عمل في الوقت نفسه في الصحافة، محررا في جريدة "الأهرام"، ثم قام بتأسيس مجلة أدبية تصدر مرتين كل شهر هي "المجلة المصـرية" ثم أنشأ صحيفة يومية هي "الجوانب المصرية".

جمع شعره وأصدر أول طبعة منه عام 1908 تحت عنوان "ديوان الخليل". اهتم بتأليف وترجمة الكتب، فأصدر في عام 1906 كتاب "مرآة الأيام" وهو كتاب تاريخي.

 

ولكن مساهمته الكبر في الترجمة كانت في سعيه الدؤوب إلى نقل روائع المسـرح الغربي، فنقل إلى العربية، بلغة شعرية عالية، مسـرحيات الكاتب الإنكليزي المشهور شكسبير، مثل: "تاجر البندقية" و "الملك لير" و"عطيل" و"مكبث" وغيرها، كما ترجم نصوصا مسرحية من المسرح الفرنسي لكبار المؤلفين مثل: كورني وراسين وفكتور هجو وغيرهم.

وقد اهتم خليل مطران بالنشاط التجاري، ولكنه لم يوفق فيه، فتعرض لخسارة كبيرة. وقد عبر عن هذا الموضوع في قصيدة طويلة هي "الأسد الباكي".

ولكنه استمر يواصل عطاءه الشعري ومشاركته الأدبية فتأكدت مكانته الثقافية، فجرى تكريمه أكثر من مرة، وأقيم له احتفال كبير في عام 1913، كما أقيم له مهرجان آخر عام 1949 شارك فيه نخبة من مفكري العرب. وتوفي عام 1949.

 

خليل مطران شاعر مجدد من نوع خاص، فهو قد جمع بين التمسك بروح الشعر العربي وأصالته، وفي الوقت نفسه، دعا إلى أن يكون الشعر معبرا عن العصـر الذي نعيش فيه.

وقد وظف ثقافته العربية والأجنبية لتقديم تجارب شعرية تحافظ على المقومات الأساسية للقصيدة العربية، ولكنها في الوقت نفسه تنطلق لتقدم تجارب ومحاولات جديدة.

لذلك كان يوصف بأنه يجمع في فنه وشخصه بين انطلاقة الخيال والمشاعر الجارفة والتفكير العقلي، فهو شاعر العقل والشعور.

 

قدم في شعره الأغراض الشعرية العربية المعهودة والمعروفة في عصـره، فشارك في المناسبات المختلفة، فكتب قصيدة المدح والرثاء

والإخوانيات، وسخر قلمه لخدمة القضايا الوطنية والقومية، يقول في قصيدته "مقاطعة":

شـردوا أخـيـارهـا برا بحرا

                                                            واقـتلوا أحرارها حرا فحرا

إنما الصالـح يـبقى صالحا

                                                            آخـر الدهر ويبقى الشر شرا

كـسروا الأقلام، هل تكسيرها

                                                            يمنع الأيدي أن تنقش صخرا؟

قـطـعوا الأيدي، هـل تقطيعها

                                                            يـمنع الأعين أن تنظر شزرا

أطـفئوا الأعين، هل إطفاؤها

                                                             يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا

أخمـدوا الأنفاس، هذا جهدكم

                                                              وبـه مـنجـاتنا مـنكم، فشكرا

 

تجاوز مطران في شعره شكليات التقليد القديمة، حيث راح ينوع في القوافي ويهتم بالقصيدة ذات الموضوعات المتكاملة، فالبيت الشعري عنده جزء من نص كامل متصل اتصالا دقيقا بما قبله وبعده.

يقول في مقدمة ديوانه واصفا شعره: «هذا شعر ليس ناظمه بعبده، ولا تحمله ضرورات الوزن أو القافية على غير قصده، يقال فيه المعنى الصحيح في اللفظ الفصيح.

ولا ينظر قائله إلى جمال البيت المفرد، بل ينظر إلى جمال البيت في ذاته وفي موضعه، وإلى جملة القصيدة في تركيبها وترتيبها»

 

حرص مطران على التجديد في شعره، وقد وضح هذا من خلال تميزه ومقدرته على الوصف. لذلك كان واصفا دقيقا للطبيعة، ومحللا لطبيعة الإنسان الذي يصفه. وقد وضح هذا في عدد كبير من قصائده، مثل قصيدة "المساء" التي يقول فيها:

والشمس في شفق يسيل نضاره

                                        فوق العقيق على ذرى سوداء

مرت خلال غمامتين تحدرا  

                                         وتقطرت كالدمعة الحمراء

فكأن آخر دمعة للكون قد

                                          مزجت بآخر أدمعي لرثائي

وكأنني آنست يومي زائلا

                                       فرأيت في المرآة كيف مسائي

 

حاول في بعض شعره أن يقترب من الطريقة الملحمية – أي القصائد الطوال التي تقوم على أساس قصصـي بطولي – وقد كان متميزا ومجددا في هذا الاتجاه أيضا. ومن أعماله الطويلة "نيرون" و"مقتل بزرجمهر" و"فتاة الجبل الأسود".

وقد انعكس اهتمامه بالمسـرح على شعره، فحاكى الطريقة المسرحية الشعرية في بعض قصائده، مثل قصيدته ذات الفصول الخمسة "فنجان قهوة".

لخص خليل مطران توجهه الشعري بقوله متحدثا عن طريقته: «على أني أصرح، غير هياب، أن شعر هذه الطريقة هو شعر المستقبل، لأنه شعر الحياة والحقيقة والخيال جميعا».

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى